في بلادنا المثقلة بجراح الفساد تتعدد صور ذلك الفساد وألوانه حتى تكاد تضرب رقماً قياسياً يستحق الدخول إلى موسوعة (غينيس) للأرقام القياسية في أشكال الفساد المختلفة، ومن أهم تلك الأشكال : المحاباة والمجاملة والتفريق والتمييز بين الناس على أسس قد تعتمد على القرابة والنسب والعائلة والانتماء وحتى المذهب والمنطقة!
وقد طُرحت بين يدي إحدى هذه القضايا، والمتمثلة في الإشكال والخلاف الحاصل بين وزارة النفط ممثلة بشركة النفط، وبين المستثمر توفيق عبدالرحيم مطهر منجهة أخرى، والذي حدث بسبب انتهاء عقد تأجير منشأة (حجيف) النفطية والذي يربط الوزارة بالمستثمر بتاريخ 11 / 3 / 2013، وقد صدر بعد ذلك قرار رئيس الوزراء بعدم التجديد لعقود التأجير للمنشأة التابعة لوزارة النفط في عدن والمنشآت المرتبطة بها أيضاً، وهي : منشأة (كالتكس) النفطية، والتي لم يلتزم مستأجرها بتنفيذ بنود العقد الموقع معه، ومنشأة (حجيف) التي كانت معا لمستثمر توفيق عبدالرحيم، ومنشأة (سقطرى) التي استأجرها أحمد صالح العيسي صاحب النفوذ المعروف، وما بين هذه المنشآت الثلاث حدث الاختلال،ووقع التمييز، وانكشفت عورة الفساد والمحسوبية، حيث بادرت الوزارة إلى الطلب من شركة توفيق عبدالرحيم تسليم المنشأة، متغاضية عن المنشأتين الأخريين، فقط لأن صاحبيها لهما نفوذ واسع ووساطة قوية ومحسوبية تجعل القانون يبدو كالأطرش في الزفة، لا يعرف ما الذي يدور!
وحتى لا يظهر الأمر وكأنه تحامل على الوزارة ومسؤوليها، طلبت مجموعة توفيق عبدالرحيم تنفيذ بنود العقد والمحاضر الموقعة معه والمرتبطة بالعقد لا أقل ولا أكثر، والذي ينص في إحدى مواده على تعويض الشركة عن كل الإصلاحات التي أجرتها للمنشأة، إلا أن الوزارة لا زالت تعمي عينيها عن رؤية هذا البند في العقد الموقع، محاولة إدخال القضية إلى منحنيات أخرى، ولهذا لجأت شركات توفيق عبدالرحيم إلى القضاء، وهو المؤسسة الشرعية والقانونية الأولى في البلد لأخذ حقوقها إما بإعادة التجديد، وإما بالتعويض عن كافة الإصلاحات كما ينص العقد المبرم، ولا زالت القضية في القضاء، ولكن محاولات التأثير على سير القضية لا زالت أيضاً تتم على قدمٍ وساق !
بل ووصل الأمر إلى حد لا يطاق، حينما تحدث الأخ عبدالله الهويدي الذي كان يتحدث باسم مجلس النقابات لإحدى الصحف والتي لم تلتزم – للأسف الشديد –بمعايير المهنية الصحفية في استطلاعها، فنشرت رأي طرف، وتجاهلت رأي الطرف الآخر، بل ورفضت حتى نشر الرد في تجاهل عجيب ومريب لحق الرد المكفول قانوناً، والذي أتى بكلامٍ يعمق المشكلة ولا يوجد لها حلولاً، محاولاً استباق الأحكام القضائية بالتأثير عليها بأي طريقة، ولم يكتفِ الهويدي بهذا فقط، بل إنه في خطوة متهورةٍ وهمجية لا تمت للعقل بصلة، قام بتهديد الأخ محمد توفيق عبدالرحيم، وحاول التهجم عليه، وكال له أقذع السباب والشتائم، وأكدَّ لهأنه سيخرجه من (أرض الجنوب) بقوة السلاح، معتمداً على أنه ينتمي إلى منطقة الحُشا في الضالع، وظناً منه أن لغة المناطقية قد تجدي نفعاً في مواجهة الحق الذي كفله الدستور والقانون !
وبما أن القضية الآن مرهونة بيد القضاء، والذي له الكلمة الفصل في تقرير مصير المنشأة وتعويض المستثمر المستأجر الذي قام بإعادة إنشاء وبناء وتأهيل وتحديث منشاة حجيف النفطية، والتي ظلت أشبه بخرابة مهترئة ومسلك لمجاري المنازل الكائنة في جبل حجيف طيلة 14 عاما من عمر الوحدة دون أن تتحرك الدولة أو تلقي لها بالاً وتضع لها اعتبارا، فإنه كان من المفترض أن ينتظر الجميع ما يقوله القضاء، ومن ثم تنفيذه على أرض الواقع، لا التعدي ولا التهديد ولا التهجم ولا الوعيد ولا إرعاب كثير من الأسر بتهديدهم بفصلهم من أعمالهم التي يزاولونها الآن في منشأة حجيف .
كان على من يظن نفسه أنه فوق سطوة القانون وسلطة القضاء أن يحترم نفسه،وأن يحترم ما ستأتي به أحكام القضاء، وان يحترم بلده ككل، فيكفي البلد ما هيفيه من مصائب نحاول الخروج منها جميعاً بالقانون والحوار والتفاهم، لا البلطجة والتهديد بالمناطقية وقوة السلاح، زمن التهديد و(العنفطة) انتهى وولى، وبقي القانون هو سيد الموقف، ونحن في انتظار القانون ..ماذا سيقول؟!