مما لا شك فيه أن انعقاد مؤتمر الحوار يأتي تنفيذاً المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، لأجل ذلك ينبغي التعاطي والتعامل مع المؤتمر في هذا السياق، بعيداً عن التهويل والتهوين وعدم المبالغة فيه أو الانتقاص منه، وأن يكون النظر إلى المؤتمر ومخرجاته وفرص نجاحه أو اخفاقه من خلال رؤيه موضوعية وواقعية، فقد رأينا وشاهدنا وسمعنا المرحلة الأولى العامة والتي برزت فيها العديد من الأخطاء والتناقضات التي سيكون لها أثر سيء وتأثيرات سلبية..
ومن ذلك الحديث عن المؤتمر باعتباره الفرصة الأخيرة لليمنيين لإقامة دولة يمنية حديثة والانتقال إلى المستقبل، وان بديل الحوار ونجاحه هو الحرب والاحتراب والفتنة والاقتتال، وهذا خطاب أحادي وتشاؤمي لا يخدم الحوار ولا البلاد، بقدر ما يجعلنا على كف عفريت فيما لا سمح الله وفشل الحوار أو لم يحقق النتائج المطلوبة والأهداف المحددة.
والأصل أن الحوار مع أهميته خطوة ومرحلة من مراحل تنفيذ المبادرة وإيجاد حلول ووسائل سلمية لانتقال السلطة وتعزيز وتوطيد أسس وأركان الدولة، وبسط الأمن والاستقرار وإزالة اسباب التوتر والصراع..
والمطلوب والواقعي أن يسير مؤتمر الحوار متزامناً مع بقية الخطوات والبنود الأخرى، بحيث تقوم مؤسسة الرئاسة بعملها ووظائفها المعروفة، كما تواصل اللجنة الأمنية والعسكرية أعمالها وتستكمل أهدافها، وتقوم لجنة إعادة صياغة الدستور مهامها في الوقت الذي تستعد وتعد لجنة الانتخابات عدتها للاستفتاء على الدستور وإجراء الانتخابات البرلمانية في وقتها المحدد، وتواصل حكومة الوفاق أعمالها ومهامها وكذلك بقية مؤسسات ومرافق الدولة، وبالتالي فان نتائج وثمار مؤتمر الحوار تأتي مكملة ومعززة لكل هذه الأعمال والخطوات والإنجازات، بحيث لا نضع كل البيض في سلة واحدة ولا نضع كل الآمال والتطلعات والأهداف في مؤتمر الحوار وحده.
والخطأ الثاني الذي ظهر وبرز خلال المرحلة الأولى للحوار هو المبالغة في وصف وتوصيف القضية الجنوبية والاسراف في الخطاب حتى جعلها البعض المدخل لحل كل القضايا والقضاء على كل المشاكل والأزمات، وفتح المجال واسعاً لدعوات الانفصال وفك الارتباط، بالإضافة إلى خطاب وممارسة التقاسم والمناصفة على أساس جنوب وشمال، مما فتح الأبواب أمام الدعوات المناطقية والجهوية والقروية وشجعها على حساب الرؤية الوطنية الجامعة، وجعل مسمى مؤتمر الحوار الوطني يتلاشى ويضيع في زحمة الخطاب المناطقي والطرح الانفصالي، هذا من جانب ومن جانب آخر كيف يصبح حل القضية الجنوبية مدخلا وحلا لبقية القضايا والملفات وسائر المشاكل والأزمات؟..
هب أن المؤتمر نجح في حل القضية الجنوبية، أي كان هذا الحل والعلاج، فهل ستحل وتعالج قضية صعدة أو تنتهي أزمة الكهرباء، أو أن ذلك سيؤدي إلى القضاء على الفساد والمحسوبية وضعف مؤسسات الدولة؟.. لا أعتقد ذلك ولا يعتقده كل عاقل، مع العلم أن المبادرة الخليجية التي على أساسها ووفق بنودها ينعقد مؤتمر الحوار هذا تنص بالحرف الواحد على : أن يؤدي الحل الذي سيفضي عن هذا الاتفاق إلى الحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره!!.. وللحديث بقيه بمشيئة الله عز وجل.