أرشيف الرأي

ماراكانا صالح والحراكات الجنوبية

‏ ‏(هذه الأرض أصغر من دم أبنائها الواقفين على عتبات القيامة مثل القرابين). محمود ‏درويش
مدرج ماراكانا هو أحد أكبر المدرجات الرياضية في العالم من حيث المساحة. يقع في مدينة ‏ريو دي جانيرو البرازيلية. بني خصيصا لنهائيات كأس العالم لكرة القدم 1950، وكان وقتها ‏يستوعب نحو 199.000 متفرج ويحتوى 130.000 مقعد. مساحته الميدان الكاملة ‏‏195.600 متر مربع .حوالي كيلومتر طول ومئتان متر عرض .1000×200.‏
‏ ‏
اولا انا مع المظاهرات السلمية، التي لا تشهر السلاح، ولا تسفك الدماء فمشروعيتها لا ‏تحتاج للاستدلال، لكني ضد التسويق الرخيص والتزوير للحقائق. المظاهرات التي تخرج في ‏الجنوب ليس من اجل اعادة البيض ورفاقه للسلطة ولكنها ضد الظلم والقهر والفساد والاستبداد، ‏لذا وجب التنويه والتفريق بين امال الشعب وامال الحكام الذين يملكون الاعلام وعبره ‏يحاولون تسويق مشاريعهم الشخصية. ‏

‏ نقارن معا مساحة ميدان السبعين، ومساحة الحرية بخور مكسر مع مساحة ماراكانا، ‏ومليونيات الكذب المرشح للفوز بموسوعة جينيس للارقام القياسية في اعلام صالح واعلام ‏الحراكات الجنوبية .‏

احد الكتاب المتخصصين في الكذب والتدليس الاعلامي للرئيس السابق قدر الحاضرين في ‏خطبة الوداع لصالح في نهاية فبراير2013م بالمليونيين والثلاثة، والذي كان شعارهم مثل ‏العاده لم يتغير الشعب يريد علي عبدالله صالح. ثلاثه مليون بني ادم استطاع اعلام الزعيم ‏حشرهم في هذه المساحة المتواضعة ومليونيات يتم حشرها ايضا في مساحة الحرية بخور ‏مكسر. فعلا هذا شعب مخلص ومتواضع وراضي بالقسمه والنصيب والدليل انه يكفيه ‏كيلومتر طول×100 متر عرض تقريبا. ‏

الرقم في حد ذاته نكته لكل من عنده شوية بعد نظر لكن اصحاب الملايين عميان ويعتقدون ‏ان العالم اعمى مثلهم. اعلام الحراكات الجنوبية واعلام صالح يشتركون في منطق الكذب بس ‏الفرق ان الزعيم لا يريد تعبئة الاستمارات للملايين من اجل العودة للحكم وهو العارف ‏بدهاليز التزوير كما فعل في انتخابات 2006 عندما استورد مليون ونصف صوت جاهز في ‏صناديق من دوله شقيقه. الاستمارات المعدة للاستفتاء من قبل الاخوة في الحراكات الجنوبية لا ‏توجد فيها خانة ارقام الباطاقات الشخصية للمشاركين المحتملين في التوقيع عليها كما كان ‏الحال مع صناديق الرئيس صالح في الانتخابات الرئاسية لعام 2006 .‏

‏ إن هذا النوع من الاستفتاءات الذي لا يحمل ارقام البطاقات الشخصية للمشاركين فيه، يعتبر ‏حسب الأنظمة واللوائح المتعارف عليها تزوير وكذب لا يساوي قيمة الورق الذي كتبت عليه، ‏ويخسر من يحاولون تسويقه ثقة المتعاطفين مع القضية الجنوبية، و يزيد من ازمة الثقة بين ‏الجنوبين أنفسهم. قد ينقاد الناس إلى التصويت تحت مبررات لها علاقة بمستقبل الدولة القادمة.‏

هذا النوع من الاستفتاء يضل ناقص الشرعية لاسباب كثيرة منها عدم الاجماع على قيادة ‏موحدة وعدم وجود شريك للاستقلال في الشمال، ومع وجود رئيس جنوبي في صنعاء له ثقله ‏على الخارطة السياسية المحلية، والعربية والدولية ومدعوم بقرارات دولية فيها اجماع على ‏وحدة البلاد حب من حب و كره من كره. الاستفتاء بهذه الطريقة الفاشلة التي يروج لها الاخوة ‏في الحراكات الجنوبية قد يؤدي لنتائج عكسية كما ينقلب السحر على الساحر في مواطن كثيرة ‏عندما يفقد الانسان بصيرة تقدير عواقب الامور.‏

اولا نحن في بلد تحت الوصاية الدولية بلد خاضعة لمرحلة انتقالية مثل ما ورد في المبادرة ‏الخليجية المزمنة والمدعومة بقرارات الامم المتحدة المذيلة بالمادة 41 من الفصل السابع لمن ‏يقف عائق امام تنفيذ البنود الواردة في المبادرة اعلاه . الملعب السياسي محدود وله سقف ‏وبابين فقط واحد للدخول واخر للخروج من مأزق الوحدة الفاشلة إلى فضاء اوسع تحت مظلة ‏الحوار ومن يريد القفز على الواقع بأي مقترحات تعارض الاسس الذي وضعها المجتمع ‏الدولي من اجل اخراج البلاد لبر الامان بسلام يعتبر نوع من تضييع الوقت لا اقل ولا اكثر .‏

‏ ان فك الارتباط يحتاج اولا لقيادات جنوبية متفق عليها كما ذكرت ومعترف بها كممثل ‏شرعي وحيد للشعب الجنوبي تحت قياده معروفه كما كان الحال مع ياسر عرفات المعترف به ‏وقتها كقائد شرعي لمنظمه التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني من قبل ‏جامعة الدول العربية والمجتمع الدولي. ايضا قضية جنوب السودان كانت لها قيادات تمثلها ‏ومعترف بها محليا ودوليا. لهذه الاسباب لا يملك الاخوة المجتمعون في القاهرة أو بيروت اي ‏اجماع داخلي أو خارجي ولا يمثلون سوى حراكاتهم وانفسهم ولا يحق لهم اتخاذ اي خطوات ‏او قرارت تخص القضية الجنوبية. ‏

ان اي كلام حول فك الارتباط بهذه الطريقة الغامضة والناقصة التي لا لها اي اساس قانوني ‏او تفويض جنوبي أو اعتراف عربي أو دولي اعتبره من وجهة نظري نوع من الترف الثوري ‏الاعلامي للاستهلاك فقط. وضعنا في اليمن يختلف اختلاف كلي ولا يصلح له سوى الدخول ‏تحت مظلة الحوار الوطني التي لايزال بابها مفتوح للجميع، وبالحوار فقط نستطيع الوصول ‏لحلول واقعيه للقضية الجنوبية .غير الجلوس على طاولة الحوار لا توجد حلول بديله لا سلميه ‏ولا حربيه. ‏

كنا ننتظر من القيادات الجنوبية بشكل عام ان تملك الشجاعة الكافية وتكون على قدر ‏المسئولية التاريخية بقول الحقيقة لحراكاتها وانصارها ان الانفصال لا يمكن ان يكون الا عبر ‏مرحله انتقاليه يحددها الحوار ومن خلالها يتم الاستفتاء على نوع وشكل الانفصال والشعب هو ‏المخول الوحيد بتحديد نوع العلاقة القادمة بين الشمال والجنوب فقط ولا لاي فصيل أو قائد ‏سياسي الحق في اختطاف القضية الجنوبية وزمن التهميش والكلفتة راح وقته وكل من يحلم ‏بإعادة القيادات السياسية المسئولة عن كل الكوارث التي اصابتنا في الجنوب من يوم قيام ‏الثوره لليوم للحكم مرة أخرى يحلم ويعيش في الماضي . (مشكلة العالم أن الحمقى ‏والمتعصبين هم واثقين من أنفسهم دائماً وأحكم الناس تملؤهم الشكوك) برتراند راسل فيلسوف ‏وعالم منطق البريطاني .‏

زر الذهاب إلى الأعلى