أرشيف الرأي

منصوص الإلغاء إهانة كبيرة لنا وللرئيس هادي

تابعت كغيري الحملة الفيسبوكية التي اعقبت قرار تعيين معاذ بجاش وكيلا لجهاز الرقابة والمحاسبة، ورغم انني لا أحكم على الاشخاص الا بعد التثبت والتأكد إلا ان شراسة الحملة كادت تقنعني بأن بجاش فاسد كبير.. الا انني تراجعت عندما علمت ان أعلى منصب تقلده هو مدير مكتب رئيس وكالة سبأ للأنباء فقلت أي فساد يسمح به منصب كهذا؟ وهل هذه الحملة هي مثل حملات كثيرة الغرض منها شد انتباهنا إلى ضياع بيضة كي لا ننتبه لضياع ناقة؟!

عموما: صدمني جدا ما قرأته أمس في موقع وكالة الانباء الرسمية سبأ من خبر بعنوان: رئيس الجمهورية يلغي قرار تعيين وكيل جهاز الرقابة والمحاسبة للشؤون المالية.. وليست صدمتي بسبب قرار الغاء التعيين بل بسبب نص الخبر الذي عزا حيثيات الالغاء إلى ان (الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية عندما بلغه أن المعين وكيلاً للشؤون المالية والإدارية والفنية في الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة كان مديرا لمكتب نصر طه مصطفى حينما كان رئيسا لمجلس إدارة وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) وعدم تخصص المعين لشغل المكان وجه الأخ الرئيس بإيقاف القرار وإلغائه كأنه لم يكن. وأوضح مصدر برئاسة الجمهورية ل سبأ أن إلغاء القرار يأتي تلبية لمطالب قطاعات واسعة من النخب السياسية والحزبية والإعلامية.).

وسبب صدمتي هو أن الحيثيات لا تتضمن سببا قانونيا كان ايراه مهما لتسويغ الغاء القرار من قبيل أن المادة (19/ز) من قانون الجهاز تنص على أنه: باستثناء رئيس الجهاز لا يجوز تعيين القياديين لشغل الوظائف الرقابية بالجهاز إلا من بين الأعضاء الفنيين المؤهلين والذين تتوافر فيهم الشروط اللازمة لشغل تلك الوظائف.. ولكن السبب كما قال الخبر ان بجاش كان مدير لمكتب نصر طه مصطفى في وكالة سبأ!!

إذن هذا هو سر الحملة وليس فساد معاذ بجاش.. ولربما أن معاذ لو لم يكن مديرا سابقا لمكتب نصر لما تحدث أحد!! ثم ان عبارة "أن إلغاء القرار يأتي تلبية لمطالب قطاعات واسعة من النخب السياسية والحزبية والإعلامية" فيه فتح لباب المكايدات والمزايدات على اي قرار رئاسي قادم وهذا أمر يخلق حالة من ضياع هيبة الرئاسة كما حدث في مصر إذ كما قرأت فقد حذر ناشطون مصريون على صفحات التواصل الاجتماعي اليمن من الانحدار إلى عدوى إلغاء القرارات معتبرين أن الحملة الاخيرة على قرارات الرئيس عبدربه منصور هادي في جهاز الرقابة والمحاسبة ليس غرضها محاصرة الفساد كما يدعي اصحاب الحملة بل استنساخ التجربة المصرية في تكسير هيبة القرارات الرئاسية وإيقاع البلد في فوضى التعيين والالغاء.

منصوص الخبر فيه أيضا، نوع من الترهيب المعنوي لمدير مكتب الرئاسة ربما يأتي ضمن مماحكات مراكز قوى تريد القول ان ترشيحاته غير موفقة ولا تحظى بالتأييد الشعبي والغرض احراقه والتشكيك بترشيحاته القادمة!!

ما سبق ليس هو الأهم بنظري بل الأهم بنظري هو أننا كيمنيين إلى الان للأسف لا نتمتع ببعد نظر ولا نهتم بالتقاليد والمراسيم والأعراف التي تحفظ وجه الدولة وهيبتها.. والا فإن الصواب هو ألا يأتي الغاء قرار التعيين على النحو الذي حدث بل كان يمكن اصدار قرار تعيين بشخص بديل عن بجاش ما يفهم منه أن القرار الاول تم إلغاؤه.. وفي هذه الحالة نكون حفظنا ماء وجه الرئيس الذي أوحى منصوص خبر الالغاء انه لا يقرأ السير الذاتية لمن يتم تعيينهم وفي هذا إساءة للرئيس.. وكذلك ماء وجه الاستاذ نصر مدير مكتب الرئاسة التي تعتبر من اهم المرافق السيادية وهيبتها من صلب هيبة الدولة.. وأيضا ماء وجه الشخص الذي أُلغي قرار تعيينه والذي لحقه جراء الحملة وجراء الالغاء ضرر اعتباري كبير.

رجاؤنا من الرئيس هادي أن يرسي تقاليد تكرس هيبة الدولة ولا تزيدها ضعفا إلى ضعفها الموجود.. وتضامننا الصادق مع الاستاذ نصر طه مصطفى والاخ معاذ بجاش.. ورجائي ألا نقع من جديد وأخص شباب الثورة، طُعماً للمكايدات التي للاسف لاتزال بيئتها خصبة حتى بعد كل ما بذلناه في سبيل التغيير.

زر الذهاب إلى الأعلى