هذه الايام تنعم مدينة إب بإجمل صورها واوقاتها على مدار السنة فالخضرة المنعشة تغطي وجه الارض وتتقافز وسط المساحات العمرانية في حدائق منزلية غير منتظمة فأين ما تولي بوجهك يرتد بصرك اخضرا عابقا بأنفاس المطر ورطوبة الجو .
مدينة إب يداعبها حلم المدينة السياحية المتحضرة ذات المناظر الخلابة البكر فهي على طبيعتها منذ الازل دون محاولة من المسؤولين تحسين اوتهيئة اماكن جميلة لتكون اكثر جمالا فحرصوا على ترك المدينة بكل مقوماتها السياحية باقية كما خلقها الله للحالمين بالبدائية والتخلف والعودة لعصور ما قبل التأريخ .
فمدينة إب المنكوبة كما ان الله وهبها طبيعة ساحرة وهبها ايضا مسؤولين لهم طبيعة السحرة فقد جعلوا الثورة تمر من فوق رؤوسهم الفاسدة دون ان يمسهم شر أو ينقلبوا من على كرآسيهم طبعوها بطابع الخمول خاصتهم فمازالوا يعيشون بعقلية ما قبل الثورة ويسيرون شئون المحافظة بشريعة المخلوع ونهجه الثعباني (لا تكسعه ولا تقضي حاجته ) ولتبقى المحافظة معلقة بشعرة معاوية التي خنقت مقدراتها وإمكانياتها الفاتنة .
فما دام المحافظ على علاقة طيبة بزعماء الاحزاب والنافذين والمشائخ وهو طيب مع اللصوص والشرفاء فكل امور المحافظة جيدة وليضحكوا على الشباب بحكمة الشيوخ.
مدينة إب مهضومة الحق اكثر من غيرها كونها في ظاهر الامر محافظة مستقرة نوعا ما. نعمت ايام الثورة بأقل المصادمات والمواجهات .
وهذا ليس لأن مدينة إب محظوظة بمحافظ منصف بل لأن مدينة إب تقمع بطريقة الافاعي حين تنفث سمومها في اوصال الضحية حتى تشل حركتها فلا تقاوم أو تنهض من رقدتها .
وإب في حالة موت سريري وشلل تام من كميات سموم الفساد التي تسري في عروقها .هي خاملة خارج حدود الزمن ما زال اهلها ينعمون برفاهية صالح التي مكنها لهم بعد زمان الامامة .
يحتسون الكآبة والملل في طرقاتهم فهي نواديهم ويمضغون القات بشراهة فهو متعتهم الوحيدة بعد يوم شاق من العمل .
مدينة أب التي خلت من كل معالم التغيير ذهبت ثورتها في طريق آخر وضاعت كما ضاعت معالم المدينة الخضراء .هي مدينة قد سورتها الجبال من كل صوب فحدت من انتشارها وازدهارها وسورتها عقول متخلفة لمسؤوليها فحدت هذه العقول الراكدة الآسنة من انطلاقتها من جو الخمول وحولتها إلى مقبرة كبيرة للطموح والأماني . وظلت رهينة الشيخ والنافذ واسيرة السلاح الذي لا يفارق المرافق .واختفى وجه المثقف الواعي فلا مكان له في إب الراكدة كقعر مستنقع آسن .
اما آن لمدينة إب ان تحظى ببعض التغيير وان تطفو إلى السطح كمدينة سياحية لها وزنها وقيمتها في الدولة المدنية المنتظرة اما آن لحكومة اليمن ان تمنّ على هذه المحافظة الراكدة ببعض المشاريع الخدمية والترفيهية والثقافية قبل ان يتآكلها النسيان والاهمال .قد يأست المشاريع المتعثرة من حول المحافظ وغباء الدولة واوشكت اراضي الاوقاف على الانتهاء من سرقات اللصوص فلم تستفد منها المحافظة بأقامة مشاريع خدمية عليها حتى اصبحت بدلا من وقف لله (وقفا للشيطان )
فمدينة أب يفر من بدائيتها اي مستثمر قد يفكر في مشروع سياحي أو خدمي نظرا لركودها الاقتصادي والثقافي فلم تعد مدينة إب مع طبيعتها الساحرة تشكل جاذبا للزوار مع تردي الخدمات والمرافق وندرة أو انعدام اماكن الاستراحة والنوادي والحدائق ( فلا اعتقد ان اي زائر يريد البقاء معلقا في الجبال مع الرباح والقرود طوال فترة زيارته ).
كما ان مدينة إب تفتقر إلى الانشطة و الفعاليات الثقافية والمهرجانات السياحية وجل ما قدرت عليه الدولة سابقا هو مهرجانات هزيلة تنفر اكثر مما تعرف وتقرب فلا يوجد قائمين ذو خبرة ودراية بمثل هذه الامور وكلها فعاليات شكلية لأسقاط حق هذه المحافظة والتي كان المفترض ان تصبح منتجعا سياحيا دوليا لما فيها من اماكن ليست في كثير من الدول .