آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

تكلّم حتى أراك !

لا أعرف كم طائرة يجب أن تسقط حتى تتم محاكمة أو حتى إقالة المسؤول المختص, ما دام أنه لم يقدّم استقالته طواعيةً, وشعوراً بالمسؤولية مثلما يحدث في أيّة دولة عصريّة في العالم,..

ولا أعرف كم طيارا يجب أن يموت اغتيالاً في لحج وعدن أو صنعاء حتى تستيقظ الدولةُ من غفوتها, أو تشعر بمسؤولّيتها تجاه أكثر أبنائها أهمّيةً وكُلفةً في التدريب والجاهزية.

في أسبوع واحد يتم اغتيال ثلاثة طيارين في لحج, ورابعٍ في صنعاء إثْرَ انفجار طيارته في الجو وفوق العاصمة وللمرّة الثالثة خلال أشهر!

ما الذي يحدث يا فخامة الرئيس؟! لماذا لا تُصارحُ شعْبك, وتقيمُ الدّنيا ولا تُقْعِدُها,.. وحتى لا تصبح البلاد برمّتها مجرّد عُبوّة ناسفة مؤقّتة يمكن أن تنفجر في أيّة لحظة..

مَنْ زَرَعَ العبّوةَ النّاسفة في طريقك؟! وإلى أين كان يمكن, أن يقودنا ذلك؟.. من يقتل طيّارِيْك, ويسفك دماءَ جنودِكَ وضباطِكْ !

من يقف من وراء قتل ضباط الأمن في الشوارع ؟ ومن كان وراء جريمة القرن في ميدان السبعين ؟ وكليّة الشرطة ؟ وأين تقارير لجان التحقيق المتتالية المتراكمة .. ولماذا لا تشعر الدولة بالأسف والحزن على مقدّراتها من الرجال والعتاد ؟.. هل أذكّرك بما حدث في مصر..عندما أُغتيل سبعة عشر جندياً في سيناء فتغيّرت مصر وانقلبت رأساً على عَقِبْ . وبالطبع, فإني لن أعرّج على قصّة شاليط الطيار الإسرائيلي .. الأسير الشهير !

مَنْ يقف وراء الضرب المستمر للكهرباء والنفط ؟ وإذا كانت الدولة عاجزة عن عقاب هؤلاء المجانين فلماذا لا يتم فتح باب التطوّع للشباب والمواطنين بشكل عام لتنظيم حملةٍ لِقَشْع هذا البلاء من على صدر الوطن, وتنظيف مأرب ممّن يسىء إليها وإلى أبنائها ويجعلهم سُبَّةً على كل لسان وفي كل مدينة وقرية ..وفي كلّ مساءٍ وصباح !

ربما خَطَرَ لي أيضاً أن أقترح تشكيل كتيبة مقاتلين من أعضاء مؤتمر الحوار الذين يزيد عددهم عن الخمسمأة ! وهو عددٌ كافٍ لأن يشكل كتيبتين على الأقل ! مادام أن المؤتمر لم يلتفت إلى كوارث الكهرباء والنفط منذ انعقاده حتى الآن, رغم أنه حَشَرَ كلّ قضايا البلد الإدارية العاديّة أمام عينيه وكأن الحكومة تم تشكيلها لبلاد ما بين النهرين !

من هو صاحب المصلحة في ترهّل الدولة.. أو في رَخْوَتِها حسب المصطلح المتداول , أو رَخْيَتِها حسب المعنى الشعبي .. أو ما هو أسوأ من ذلك (................)!

وإذا كنّا بالحدْس قد نفهم أو نعرف من هو المستفيد من هذا الترهّل المحزن للدولة .. فإننا لا نعرف على وجه التأكيد سببا لأن تشارك الدولة في خنق نفسها, وحَفْر قبرِها, بالصمت البائس, والدّعمام اليائس !بينما تأكل النار أروع وأجمل أبنائها في مسلسل الموت المستمر والظلام الضارب أطنابه على كل شبرٍ في البلاد!

دَعُوْنا نكنْ أكثرَ صراحةً.. ما الذي أوصَلْنا إلى هنا ؟.. إنّه التقاسم ! ذلك القاتل الذي لا يتيح لك أن تحاسب أحداً, أو تغيّر أحداً أو تقول "لا"كبيرةٌ قوّيّةً مدوّية !.. ربّما أفهم فكرة التقاسم في مؤتمر الحوار عدداً وأطرافاً,.. وقد تجرّعناها على مَضَضْ , لكني لا أفهم تقاسم وظائف الدولة وبإشراف دوليّ لا يفهم ولا يعي !وعلى الطريقة العراقيةَ ! والتي يبدو أننا نسير صوبها بهمّةٍ عاليةٍ .. لماذا لا يكون شعارنا إذن , ومنذ هذه اللحظة ,.. ليرحل كل من لا يقوم بعمله كما يجب.. وزراء , ومحافظين ومدراء وقادة عسكريين ومسؤولي أمن ..ألم تكن كلمة "إرْحَلْ "أجمل ما سمعنا خلال عقود !

التاريخ يُسجّل كلّ شيء . المواقف, الأشخاص, التضحيات .. التهاون , والتآمر .. والصمت ,.. والصّمت نَمَطٌ من أنماط الموت .. فتكلّم حتى أراك !

زر الذهاب إلى الأعلى