أرشيف الرأي

هل أتاكم حديث النخب..؟!

إذا سألوك عن اليمن ولماذا هو واقع داخل كل هذه المشاكل والأزمات.. قل لهم : اليمن ضحية أكثر أبنائه استفادة منه.. تعليماً وأرصدةً ونفوذاً.. ووجاهة.

وإذا سألوك : هل بالإمكان توضيح الصورة؟ لا تتردد في القول : اقرأوا التاريخ اليمني الحديث.. تأملوا في المشهد السياسي.. راجعوا المواقف اليمنية من نجمتهم الساطعة.. الوحدة اليمنية.. وستجدون أن أكثر الذين انتفخت كروشهم بمحتويات المائدة يتواطأون مع الأقدام التي تتوعد بركضها من خارطة الجغرافيا وكتاب التاريخ.

الذين قالوا لنا بأن وحدة 1990م هي نقطة الإشراق في ليل العرب صاروا يشجعون على القول بأنها غلطة تاريخية أو أنها حصاد استعجال.. وصار كل واحد يبحث في دفاتره القديمة عن أي عيب ولو بمعايرة الورد بكونه أحمر الخدّين حتى أن علي ناصر محمد نسي أن مذبحة 86م التي كان طرفاً فيها ليست إلاَّ واحدة من الأحمال التي أثقلت كاهل الوحدة فصار يلقي باللائمة على كون إعلان الوحدة اليمنية تم بعد مقيل قات.

قالوا لنا بأن حرب صيف 94م هي حرب مقدسة لأنها كانت رداً طبيعياً على فرض الانفصال بالقوة.. وها هي ذات الأسماء تتحدث عنها كجريمة لا تغتفر أو غلطة تاريخية لا مجال عن الاعتذار عنها.. وليتهم اعتذروا وكأنهم يريدون ممن لا علاقة لهم بالحرب أن يقوموا بدور ثيران الهجر.

وأكدوا لنا أن الحروب الست في صعدة ضرورة وطنية ودينية وإنسانية بدونها سيعود الأئمة وسيعود الجن.. وأن الزبيري وعبدالمغني وغيرهما لن يرتاحوا في قبورهم بدون الحرب لتصحيح الواقع بست حروب غير واقعية.. وها هم أنفسهم يقولون بأن قدسية حرب الدفاع عن الوحدة والحرب ضد الإمام وضد الشعار في انتظار التعويض الباهظ وبنظام الدفع المسبق.

أثروا من حروب اعتبروها مقدسة ويثرون وهم يكتشفون أنها أخطاء تاريخية مجسدة.. وها هم يتحاورون في جمهورية الموفنبيك بصورة لا تبرز فيها ملامح الرغبة في التكفير عن الذنوب.. بل إن البعض منهم يشبه في مواقفه اللاعب الخايب الذي لا يعرف كيف يتصرف بالكرة فيقذفها إلى غرماء اليمن تمهيداً لهزيمة يمنية جديدة.

واللهم فاشهد أن الشعب لا يريد منهم أكثر من التكفير عن مصائبهم بالكف عن صب اللعنات على الظلام والمسارعة إلى إيقاد الشعلة.. نريدهم أن لا يعلوا من شأن الصراع.. ويلعنوا الخيانة ويركلوا أساليب الغمز واللمز والفجور الذي يؤسس لصراعات قادمة.

نريد منهم خوض تحدي الابتعاد عن لغة التمزيق والتحريض.. وأن يحافظوا على الود وعلى القضية بعد أن حفظت التسوية السياسية مقامات الجميع.

لن يحل الانفصال مشاكل الجنوب.. وإنما سيزيد أزمات الجنوب والشمال.. وعليهم أن يتذكروا أن فشل الدولة المركزية لا يعالج بالأقلمة غير الواعية ولا بالتشظي الأرعن.. وأن النجاح مرهون بالإعداد لدولة المؤسسات التي لا يطغى فيها الفرد ولا تذهب فيها ريح الجماعة.

ابتعدوا عن الفجور.. وغادروا هذه الإدارة بالطبطبة والمراوغة.. اصنعوا سفينة للوطن بدلاً عن هراء تجفيف البحر اليمني من صفائه ومائه وأسماكه.

زر الذهاب إلى الأعلى