آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

هل أمريكا عدو مع سبق الإصرار؟!

لسنا وحدنا في المنطقة العربية في حالة تشابك مع أمريكا حين تجلب لنا السعادة أو الشقاء، فهي كأي قطب عالمي لا تعنيه الحقوق الإنسانية أمام أمنه الوطني ومكاسبه السياسية، والمقياس هنا ينصب على المنفعة، والمصالح البعيدة المدى، وقد تصرفت في الحرب العالمية الثانية كقوة عظمى بعدها شكلت دورها الأممي وقوة نفوذها على العالم حتى بوجود القطب السوفيتي والتنافس على مناطق النفوذ وفق ايدلوجيتين متعارضتين.

فخلافاتها الراهنة لم تنته منطلقة من حجم قوتها الاقتصادية والعسكرية والتي تعزز دورها في مجلس الأمن ومناطق العالم الأخرى، وقد ظلت، منذ حرب الكوريتين على عداء مع كوريا الشمالية، ولا يزال التصعيد قائماً يصل بعض الأحيان إلى نذر حرب تعلن شنها تلك الدولة على دول الجوار وخاصة الجارة كوريا الجنوبية، ومع أن الصين استفادت من هذا النزاع في تحريك بعض أهدافها، إلا أنها من تلجم الشمال الكوري عن أي مغامرة، وليست عداوات ومنافسات أمريكا تقتصر على دولة واحدة..

فهي متشابكة مع إيران في مشروعها النووي، وهو الذي ليس يهددها، ولكن وجود إسرائيل على خارطة الأزمات، وخاصة وجود أي قوة على أبعاد قريبة منها يشكل الهاجس لها ولأمريكا، مع أن الأمور لا تدار بنفس الحدة التي تختلف وتتناقض حولها الأهداف مع قوى أخرى إذ إيران لا تزال تجد في إسرائيل حليف الاستراتيجيات الطويلة المدى في المنطقة وقد حدث ذلك مع الشاه، ولا يستبعد عودته مع حكم الملالي..

كوبا وفنزويلا أيضاً، هما من بقي على خلاف عقائدي كبقية متقاعدة من اليسار القديم، ومع ذلك تبقى الريبة قائمة، لأن أفعال أمريكا الشمالية بالجنوبية لا تحمل سجلاً نظيفاً ليس لمن حمل لواء الشيوعية والتحالفات مع قواها الكبرى بل حتى مع دول ظلت بعيدة عن ذلك المعسكر ولكنها خشيت منافسة الدولة العظمى على النفوذ بهذا الجوار القلق وخاصة مع تنامي قوة البرازيل الصاعدة..

فلسطين ونزاعها مع إسرائيل شكل جوهر الخلاف الذي وصل إلى حد العداء مع أمريكا، وهي النقطة الجوهرية في الصراع، لكن نتناسى أن المسألة الأعمق أن المنطقة العربية تشكل مركز تقاطع القارات، وهي لها مجالات حيوية في آسيا وأوروبا وافريقيا، وبالتالي فمنطقتنا بنفطها تشكل الرصيد الأكبر لها، وفي الموقع ترى رفضاً تاماً لأي نفوذ آخر يزاحمها ونذكر كيف شكل غلق قناة السويس كممر مائي استراتيجي مشكلة اقتصادية عالمية رغم الأضرار التي لحقت بمصر، وكل الحروب منذ 1967م وحتى اليوم مع إسرائيل جاءت مشاركات أمريكا حافزاً لترجيح كفة إسرائيل وفق عقيدة راسخة بعدم هزيمتها حتى لو أدى ذلك دخولها في حرب أكبر..

الوضع العربي الراهن بدءاً من تونس التي رحلت من نفوذ فرنسا لأمريكا، وإلى ليبيا ومصر والسودان، واليمن فهي متشابكة معها على خط تماس دائم وتبقى سورية والعراق جزءاً مهماً من الأزمة، فسورية مركز تنافس مع روسيا، والعراق رصيد نفطي هائل لا تريد أن تبقيه خارج حساباتها رغم اتفاقها غير الموقع مع إيران بتقاسم ثروة هذا البلد..

أمريكا صديق، عدو مع سبق الإصرار، ولكننا نعي أنها أحد عوامل الاستقرار وضده والمهم أن نعرف كيف نتعامل معها بدون ذلّة أو كوابيس رعب..

زر الذهاب إلى الأعلى