[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

تساؤلات بين يدي أحرار الناصرية!

في ضوء الأحداث الدائرة اليوم في مصر من فاشستية همجية لم يحدث مثلها في التاريخ السياسي العربي المعاصر، والقصص الدائرة عن ناصرية الجنرال الانقلابي، الذي ليس سوى عميل مخابراتي أمريكي، منذ مشاركته في حرب الخليج الأولى ضد العراق بقيادته للكتائب المصرية المشاركة بالحرب حينها، وحتى أخر مراحل دراسته في أكاديمية الحرب العليا الأمريكية في عامي 2006 و2007م.

وخلال تلك الفترة كان السيسي قد أنهى فترة زمالته لأكاديمية الحرب الأمريكية ببحث صغير من 11 ورقة، قدمه حول "الديمقراطية في الشرق الأوسط"، تم الكشف عنه الآن من قبل الأمريكان، كان من أهم ما جاء في تلك الدراسة أن الديمقراطية غير صالحة لتطبيقها في الشرق الأوسط، وقال أن الاستقرار السياسي مرهون ببقاء الأنظمة الحاكمة حينها، وأن أي ديمقراطية لن يكون نتيجتها غير الإسلاميين كحماس التي فازت حينها بالانتخابات البرلمانية الفلسطينية.

وهو بكل تأكيد ما أكدته هذه الأحداث وخاصة بعد الانقلاب العسكري الأخير حالة العدمية السياسية الساقطة في حضيض العمالة والارتزاق، حيث ظهر قادة هذا الانقلاب كمرتدين عن أبسط معاني الوطنية فما بالك بالقومية العربية التي لم يبقى منها سوى شعارات فارغة، يأتي الانقلاب ليمسح حتى مجرد هذه الشعارات من خلال مسرحية الاتهامات التي تقدم للرئيس مرسي وبعض قادة الإخوان المصريين من تهمة التخابر مع حركة حماس في عزة.

الشيء الأخر الذي تبين لنا من هذا الانقلاب هو أن مصر العظيمة لم تعد سوى عزبة تدار عليها مؤامرات أمراء النفط وعشيقاتهم في مصر، وتحولت مصر ليس فقط لمجرد دولة هزيلة هامشية تدار من كباريهات دبي ومواخيرها الليلية، بل تحولت إلى حارة من حواري أمراء النفط للأسف، بعد أن كانت مصر هي محور العالم العربي ومحركة المركزي، وقبلة القومية والتحضر والمدنية.

وكان الخليج حينها وحتى اللحظة، محط استهزاء واحتقار النخب العربية اللبرالية والقومية واليسارية، التي غدت اليوم تنظر للخليج وعجائز السياسة كزعماء وملهمين كبار للسياسة وكل شيء، بعد أن حاربت القومية العربية وتأمرت عليها بضرب جمال عبد الناصر وإبراهيم الحمدي وصدام حسين وغيرهم .

عموماً الغريب والعجيب من هذا كله، أن ترى البعض من الأخوة الناصريين يتهامسوا في خفاء أن السيسي ضابط ناصري وأن الدليل على ناصريته هو أنه قام بهذا الانقلاب، اتساقا مع عقيدته الناصرية التي تعتبر الانقلابات العسكرية هي لب نظريتها السياسية، بل وما يؤكد ناصرية هذا الجنرال الصهيوأمركي هو أن فكرة الانقلاب العسكري قد أوحى له بها مفكر الناصرية العتيد، محمد حسنين هيكل، كاتب نظرية الناصرية العتيدة التي تضمنها كتاب "فلسفة الثورة" التي نُشرت مذيلةً باسم الزعيم عبد الناصر في الستينات من القرن الماضي.

يا هؤلاء، السيسي صحيح أنه هو رجل المرحلة ولكن بإرادة أمريكية صهيونية بحتة، هيئته لها منذ تجنيده في الحرب الدولية على العراق التي شارك بها، والرجل ربما هو ورطة الإخوان التي وقعوا فيها بتصعيده إلى رتبة فريق وتعيينه وزيراً للدفاع وقائداً عاماً للقوات المسلحة، التي اقسم يميناً بشرفه العسكرية بالحفاظ على مصر ونظامها وأمنها وها هو اليوم يسومها سوء الفوضى والخراب، ويقودها إلى حرب أهلية كارثيه.

أما ما علاقة كل هذا بالأخوة الناصريين والناصرية، فكل ما في الأمر أني أردت أن أقول للأخوة الناصرين باختصار شديد أن الناصرية هي تجربة سياسية في لحظة تاريخه فارقة ساعدت لا شك في إظهارها كطوق نجاه بفعل كاريزمية عبد الناصر وتسيده للمشهد العربي القومي حينها بفعل الاستعمار ، كزعيم عربي قاد تلك المرحلة، بكل سلبياتها وإيجابياتها، وكان ناصر حينها هو صوت اللحظة العربية، لكنه لم يقدم أي فكرة سياسية كنظرية يمكن المضي وفقها، بقدر ما كانت تجربته الساسية خليط من كل الأفكار في اليسار واليمين والشرق والغرب.

لكن هناك حقيقية لا يمكن إغفالها من قبل أي أحد، وهو أن هذه التجربة الناصرية هي التي شرعنت ربما من غير وعي من مؤسسيها حينها أو القائمين عليها حالياً، مسألة الانقلابات العسكرية وأعطت العسكريين كل الحق والشرعية في الانقضاض على الأنظمة الحاكمة بغض النظر عن صلاحيتها من عدمها.

وأن تلك التجربة لم تترك لنا رؤية واضحة حول كثير من التساؤلات اليوم، موقفها من الديمقراطية والدول المدنية، رؤيتها الاقتصادية المستوحاة من الاشتراكية موقفها من الخصوم السياسي، والتعددية السياسية التي كفرت بها وألغتها بقرار سياسي حينها وتجربتها الأمنية الفاشستيه في بعض صورها.

لذا فالأخوة الناصريون لا يمكن أن يقدمونا لنا شيئاً كمنظومة فكرية سياسية واضحة سوى أن عقيدتهم السياسية التي وضحت حتى اللحظة هو إيمانهم بالانقلابات العسكرية والسياسية وهذا ما حصل هنا في اليمن من تجربة الحمدي على افتراض حسم جدلية ناصريته من عدمها، وبغض النظر عن تجربته الاقتصادية الناجحه، لكن كان هناك مأخذ على تلك التجربة من حيث انبثاقها عن انقلاب عسكري وتعطيلها لأول دستور يمني حينها، وتسليم السلطة من يد المدنيين إلى يد العسكر، عموما هناك عديد من التساؤلات اليوم على مطالب من الأخوة الناصريين بالإجابة عليها.

وفي مقدمة كل تلك الأسئلة هو،كيف يتحول أمين عام مساعد كالرداعي مثلاً إلى مجرد سمسار للمخابرات الإيراني في اليمن وعميل مزدوج بين نظامي بشار وطهران، وليس هذا فسحب بل أن يتحول لعمل لصالح جماعة إماميه عنصرية لا تعترف بسبتمبر ثورةً ولا بجمهوريته ولا بالديمقراطية، وتتخف من السلاح والتوسع على الأرض وسيلة لتحقيق وجودها السياسي والعودة باليمن قرون إلى الخلف.

فأي وطنية هذا وأي قومية يا قوميون بالله عليكم؟؟ ومع هذا لا يعني أن كل من في التنظيم صار بهذا الشكل من السقوط، ففي التنظيم شخصيات وطنية كبيرة ومحترمة ولها رصيد من النضال الوطني الكبير لا يمكن أن يزايد عليها أحد، في وطنيتها وقوميتها، ولكن حالة والصمت المريب حول مثل هذه الخيانات من قبل بعض أعضاءه فهو شيء مخجل وغير مفهوم وغير مقبول أيضاً من تنظيم وطني قومي وشريك في هذا لوطن بخيره وشره.

زر الذهاب إلى الأعلى