سيناريو البلقان يتكرر فالمجتمع الدولي والدول العظمى أصبحت مؤمنة بأن "التجارب الدولية تستنسخ"، فما يحدث الان من حشد عسكري أمريكي في البحر الابيض المتوسط.. وقبالة السواحل السورية ومع التداعيات التي تمر بها المنطقة العربية وخاصة بعد إنسحاب البوراج الروسية من أكبر قاعدة لها في المنطقة وقد تكون الاخيرة، مشابه لما حدث في منطقة البلقان، ومن مشاركة عسكرية قام بها "تحالف الاطلسي"-الناتو- على "يوغوسلافيا" في العام 1999م ، فبعد المجازر التي ارتكبتها القوات اليوغوسلافية بحق المدنيين في كوسوفا وتشريد الالاف، جاء تحرك الناتو كمنقذ وكآخر الحلول..!!
في يونيو (1998م) صعد سلوبودان ميلوسيفيتش حملته ضد الكوسوفيين ما أدى إلى نزح كبير للألبان إلى ألبانيا.
لم تستطع المجموعة الدولية للاتصال المكونة من عدة دول، التوصل لاتفاق على فرض عقوبات ضد الصرب. وفي أغسطس استطاعت القوات الصربية في التغلب على جيش تحرير كوسوفا في معظم الأماكن في الإقليم، وتركزت المعارك قرب الحدود الألبانية، حينما كان الطرفان يراجعان مخططات السلام.
وأدانت الأمم المتحدة الإرهاب الصربي ضد القرويين الألبان. وتصاعدت المعارك بين القوات الصربية والمتمردين (والمدنيين) في قتل 50 شخصا في ديسمبر 1998. أرسلت الأطراف وفود إلى فرنسا لتوصل إلى السلام في فبراير1999 لم تتوقف القوات الصربية عن مهاجمة الكوسوفيين الألبان، وقام الصرب بتحصين حدودهم مع جمهورية مقدونيا تحسبا لتدخل لقوات الناتو.
وبدأ الهجوم الفعلي لقوات الاطلسي في مارس 1999، وكثفت القوى المشاركة ضرباتها التي تواصلت إلى 78 يوما، وخلال ذلك قامت القوات الأمريكية بضربتين على السفارة الصينية والروسية في بلغراد، وبعد انتهاء الحرب تم تسليم "سلوبادان مليوسوفيتش" إلى محكمة الجنايات الدولية، ومحاكمته هو وكل مرتكبي المجازر خلال التسعينات في البوسنة والهرسك وكرواتيا وكوسوفا..
التشابه الحاضر بين ما ارتكبه "ميلوسيفيتش" و"بشار الاسد" يجعل التحركات الدولية المتسارعة في الوضع السوري وخاصة بعد الارقام التي قالتها منظمة العفو الدولية وسقوط أكثر من 100 ألف قتيل في أنحاء سوريا، وارتفاع عدد اللاجئين ووصولهم إلى أكثر من مليونيي لاجئ..
الولايات المتحدة لا تريد الخوض مرة أخرى في جولة محاكمات دولية، فما ستقوم به هو استنزاف جديد لسوريا أرضاً وانساناً، مع استمرر الضربات المركزة أو كما تسميها القوات الأمريكية ضربات الصواريخ الذكية..
ومحاولات الشد والجذب الأمريكي الروسي الصيني هي محاولات لعدم خسارة الشرق الاوسط كالبلقان، وتعزيز قوى متوازنة في المنطقة ولن تترك روسيا الامر كما حدث في خسارتها لمنطقة البلقان وترك قوى الاطلسي والتحالف الأمريكي لبناء قواعدها.. ما يهم القوى الدولية وخاصة في ظل انحسار تم لقوة القطب الاوحد، هو تقاسم المصالح دون خسارة طرف لتمدده الاستراتيجي في المنطقة.