أكثر من استفاد من تنظيم القاعدة سياسيا واستراتيجيا هو حزب الله وإيران، وكذلك القاعدة حصدت ثمار التعاون معهما، والسؤال اليوم هو : ما هو مصير هذا التعاون بعد المجازر التي ارتكبتها طهران وحزب الله في سورية ؟
فقد كان سبب التعاون في السابق قائما على تحديد العدو المشترك لهم وهو واشنطن وحلفاؤها في المنطقة وخاصة دول الخليج، فالمعروف في الدوائر الاستخبارية والسياسية الأمريكية ن العمليات الارهابية التي تعرضت لها سفاراتها في شرق افريقيا كانت نتيجة تدريب حزب الله عملاءه من القاعدة على تلك العمليات وتقديم الدعم اللوجستي النافذ لتنظيم القاعدة لكي تستمر في حربها ضد العدو المشترك في شرق افريقيا حيث النفوذ الاقتصادي والسيطرة الميدانية لحزب الله في ذاك المكان، وبعد احداث سبتمبر انتقل نشاط التعاون إلى اليمن، خاصة في مجال التدريب.
لا يعنينا كثيرا أمر التعاون بقدر ما يعنينا مستقبل هذا التعاون، فعدوهم اليوم لم يكن مشتركا ولا صديقهم ايضا، فالقاعدة تحارب نظام الاسد وحزب الله وإيران يدافعان عنه بكل شراسة، والجهة التي كانت تحمي بتوصياتها ميثاق التعاون متورطة بنفسها الآن "الإخوان المسلمين " بعد ان تضامنت القوى الشعبية في مصر مع ذاتها وفوضت الجيش بتغييرها، وبوادر ضعف التعاون بدأت تتضح في شمال سيناء فأعضاء القاعدة الموجودون هناك والذين كان حزب الله يشرف على تدريبهم اصبحوا بعد التغيير في مصر شبه عاطلين عن العمل لأن أي تحرك عملياتي لهم في هذا التوقيت سوف يورط حماس وهذا الشيء لن تقبله حماس بسبب وضعها المتغير بتأثير التغيير الذي حدث بالقاهرة، فليس امامهم الا التوجه إلى الامام أي لداخل مصر ولم يوقفهم عن هذا الأمر إلا مخافة فقد بعض التعاطف الدولي الذي حصلت عليه جماعة الاخوان بعد عزل الدكتور مرسي، هذا من جهة، أما من جهة مستقبل التعاون بين حزب الله والقاعدة، فحزب الله ليس على استعداد لأن يتورط الآن في الشأن المصري، ولا يوجد سبب يدعوه لذلك، فالظروف جعلت اصداقاء حزب الله بالامس هم اعداءه اليوم، وتحركهم في الداخل المصري لا يخدم مصالحه ولا مصالح إيران، فاستراتيجية طهران وحليفها حزب الله هي ان تكون في المكان الذي تستطيع فيه أن تكسب لصالحها تأييدا شعبيا فإحراق سيناء من اجل ضرب اسرائيل ظاهريا سوف يكسبها تأييدا شعبيا، ويجعلها صاحبة يد طولى في مفاوضات السلام القادمة .. اليوم جهاز الاستخبارات المصري في اختبار عنيف لم يشهد مثله حتى في حربه من اسرائيل، وهنا عليه أن يكون أكثر شعبيا ويتخلى عن مهنيته في السرية، ويستثمر العاطفة الوطنية عند المواطنين ويخلق منها حالة رفض وصد للمحاولات الداخلية والخارجية التي تستثمر العواطف الدينية بشكل خبيث.
في اليمن الرهان يجب ان يكون على القبائل الوطنية لوضع حد لمستقبل تعاون القاعدة وحزب الله فتلك القبائل لديها الكثير من المعلومات عن هذا التعاون فقد كانت تسمح به مرة بتأثير الحمية القبلية ومرة بسبب المصلحة المادية، فبيع حضارة اليمن وانسانها لا يقبله اعتبار الوطن والاصلاح ومواجهة التحديات، فإن كانت في السابق طبيعة الفساد والاستقطابات القبلية فرضت سلوكا غير مرض لنزاهة الخيار فاليوم جاء وقت التغيير.
الخيارات اليوم امام تنظيم القاعدة محدودة وليس من بينها استمرار التعاون مع حزب الله، إلا إن أرادت أن تتخلى عن أيديولوجيتها وأعدائها، لصالح بقائها فقط.