هي عجائب وغرائب يوشك أن ينفرد بها اليمنيون دون غيرهم لا يشاركهم فيها أو يحسدهم عليها أحد!
العجيبة الأولى: التفجير المستمر لنفط الشعب اليمني الفقير! رغم أنه يشكل 80%من الدخل القومي! وليس العجب في التفجير بحدّ ذاته ..بل في إصرار الدولة على عدم إنزال العقاب بمقترفي هذه الجريمة الوطنية الكبرى..أمّا لماذا تفعل الدولة ذلك..رغم فقرها وظروفها المالية الصعبة فالعلم عند الله وعند أولي الأمر!
العجيبة الثانية: لم تعاقب الدولة مجرماً واحداً من مجرمي ضرب أبراج الكهرباء!رغم العذاب اليومي لملايين المواطنين..بينما يتحاور المتحاورون ولا أحد يشاهدهم أو يسمعهم لأن الظلام يخيّم على كل شيء وكأن ذلك هو المطلوب! وكأننا إزاء أمرٍ يُبرم بليل كما يقال!فلا شيء أفضل من الظلام ساتراً وكاتما على مؤتمر الحوار ونتائجه!
العجيبة الثالثة: يمكن لأيّة جماعة أو مجموعة أشخاص أن يقطعوا الطريق وأن ينهبوا ويقتلوا إذا أرادوا!وأن يعطّلوا الحياة في عروق البلاد وشرايينها..وليس العجب هنا،بل في أنّ الدولة لا يهتز لها جفن أو رمش!رغم أن القاطرات تحمل نفطها..أمّا ماذا يفعل الجيش الذي أصبح موحّدا،وكيف يقضي أوقاته..ومتى تنتهي إجازته..فالله وحده علّام الغيوب!
وهكذا، فإن الدولة لا تفعل شيئا، وذلك يذكّرني بنكتة مصرية تقول، أن رجال الدولة كانوا مدعوّين إلى احتفال كبير، وعلى بوّابة الاستقبال وقف الرجل الحارس بانتظار الضيوف، وليسأل كل مدعوّ قادم .. حضرتك مين وبتشتغل إيه؟ فيخبره الضيف باسمه،.. فيقول له الحارس.. أعمل أيّ حاجه تؤكد بها عملك!.. فكان الفنان يغنّي ويدخل، والشاعر يقول بيتا من الشعر ويدخل والقاضي يقول قانونا ويدخل.. حتى وصل مبارك!وليسأله الرجل.. حضرتك مين وبتشتغل إيه! فيردّ مبارك مستغربا: أنت ماتعرفنيش! أنا مبارك! فيجيبه الحارس: طيّب.. اعمل أيّ حاجه عشان تثبت بها شخصيتك.. فيردّ مبارك قائلا: أنا ما عرفش أعمل أيّ حاجه!.. فيفتح الحارس ذراعيه مُرحّبا قائلا: تبقى أنت مبارك بالفعل!.. اتفضل يا فندم!
العجيبة الرابعة: اليمنيون مصممون على اختراع الدراجة من جديد! يريدون بناء دولة جديدة تبدأ من الصفر!.. هكذا تتحدث النخب الخائبة عن نضالات الشعب اليمني وإنجازاته خلال خمسين عاما! تريد أن تكنس جماجم الشهداء، وأرواح الأبطال وأحلام الثائرين مرّةً واحدة! كما أنها تخلط بين أخطاء القادة والزعماء وإنجازات الشعب،.. وتكرّس تاريخا واحدا ووحيدا يبدأ من حرب 94 وينتهي بحروب صعدة وحراك الجنوب! وكأن اليمن لم يعرف الحروب قبل العشرين عاما الماضية.. ومسكينة هي الأجيال الجديدة الطالعة لا تعرف مِن القصّة إلّا نهايتها المحزنة المحيّرة!
العجيبة الخامسة:اليمنيون يتحاورون ثم يتقاتلون! وتاريخيا يحدث ذلك بين فينة وأخرى.. والسبب أن النخب المتصارعة لا تعالج الدّاء بدوائه،ولا المشكلة بأسبابها! ولأنّ هذه النخب مثل وكلاء الشريعة في المحاكم!..مجرّد مزيج من الحذق والحمق والأثرة وقُصر النظر، .. لا حلم في رأسها ولا حُبّ في قلبها! فإنها تنجز تسوية حمقاء بعد تحاور طويل كي تختلف في اليوم التالي! وتبدأ بالحوار من جديد!.. وهلمّجرّا.. ولم تفطن هذه النخب حتى الآن للأسف أن الوطن العظيم لا يصنعه إلا العظماء الذين لا يفكرون بذواتهم ومناطقهم وأحزابهم! .. وأن العالم لم يتقدم بالمحاصصة وعفا الله عمّا سلف ولا غالب ولا مغلوب!.. بل تتقدم الشعوب باحترام القانون والمواطنة المتساوية وكرامة الإنسان .. لا نريد جرثومة ورمٍ جديد في الجسد اليمني لزمن قادم!.. ويجب الحذر مرّة أخرى من ثورة الجياع .. ثورة الملايين الصامتة المقهورة.
العجيبة السادسة: البلد الوحيد في العالم الذي لا يتم التحقيق فيه لمقتل رئيس أو لمقتل المئات من الجنود والضباط هو اليمن! فمنذ مقتل الرئيس إبراهيم الحمدي وحتى كارثة ميدان السبعين والنهدين وما قبلهما وبعدهما لا يعرف الشعب اليمني حقيقة ما حدث أو حتى جزءا مما حدث!.. هكذا كنّا وهكذا نحن! كما يقول حكيم اليمن علي ولد زايد.
العجيبة السابعة: أن يعلن السفير الأميركي في صنعاء أن الولايات المتحدة مرتاحة! _هكذا بالنص_ لأنْ يرشح الرئيس هادي نفسه لفترة رئاسية قادمة!.. لقد نسي السفير ألف باء الديبلوماسية واحترام سيادة الدول والشعوب.. وتصريحه إساءة بالغة للرئيس أولا وللشعب اليمني ثانيا! كما أن التصريح لا سابقة له من أيّ سفير في أيّ مكان أو زمان في العالم!.. ولكنْ، لأننا في بلد العجائب فإنّ أحدا لم يقل: لا .. يا سعادة السفير!