يبدو أن الرئيس السابق علي عبدالله صالح وان كان يعمل الان بثلث طاقته بعد اصابته في حادث النهدين، إلا أنه بعد ترك العمل الرئاسي حصل على فسحة من الوقت تمكنه من التقاط الفرص السياسية بشكل أفضل من خصومه المنهمكين بفتات المحاصصة.
آية ذلك أن الرجل قرأ المشهد الشعبي بشكل أفضل من خصومه وأدرك حجم حالة الرفض والتوجس العامة إزاء مغامرة متحاوري موفنبيك لتغيير خارطة اليمن وتهديد وحدته وأمنه ومكاسبه الكبيرة وفي مقدمتها أرضية الجمهورية وسقف الوحدة.
انحنى الرجل في بداية الامر للعاصفة وابدى موافقة حزبه (المؤتمر الشعبي العام) على مشروع التقسيم الذي يتخذ من لافتة الصيغة الاتحادية الفيدرالية غطاء له، ثم تفرغ لقراءة ردود الافعال الشعبية بتؤدة، وما إن تورطت أغلب القوى السياسية في نفق الاستسلام للصيغة الاتحادية، حتى كان صالح جاهزا لالتقاط الفرصة التاريخية ورفض الكذبة الاتحادية والحوار الندي بين اليمنيين على اساس شطري، وهي خطوة بقدر ما أثارت حنق وحسد القادة السياسيين في مربع الخصوم، بقدر ما أثارت اعجاب وامتنان قطاع واسع ممن خرجوا ضده في العام 2011.
هنالك مشهد يمني جديد يترتب في وقت يكابر فيه خصوم صالح بالاعتراف بهذا التطور.. صالح لن يعود رئيسا، وهو لا يسعى حاليا لترشيح نجله، لكنه يسعى بدهاء لاثبات فشل خصومه، بعد أن أيقن أن المعركة السياسية في اليمن لم تعد مؤخرا سباق إنجازات بل صراع أخطاء، ف "لعبها صح"، وعاد إلى الواجهة مجددا ليس من بوابة الثورة المضادة بل على عاتق أخطاء خصومه الذين تجرأوا على تهديد أغلى مكتسبات الشعب دونما اعتبار للشعب ولتضحياته وأحلامه.
الرئيس هادي يغرد بعيدا عن سرب الممكن، وسلفه يستغل اخطاءه بذكاء، والمشترك يحتار ويتردد ويكابر ويمضي باتجاه المستقبل مغمض العينين عن عواقب مغامرة العبث بشكل الدولة.. هذه هي الصورة الآن وان كانت صادمة للكثيرين إلا أنها الحقيقة، واليمنيون بالتالي أمام التحدي الأهم الذي يختصره سؤال صغير: كيف يمكن ايقاف عجلة السقوط الكارثي الراهن، وعدم السماح للنظام السابق بالعودة والتكرُّر؟!
موضوع متعلق
حزب المؤتمر: نرفض رفضاً مطلقاً انحراف الحوار لأي تفاوض شطري أو مساس بوحدة اليمن