طيلة اسبوع وأكثر، واليمنيون يتابعون باهتمام بالغ صحوة المؤتمر الشعبي العام ضد تمزيق اليمن تحت مسمى الفدرالية أو الاتحادية، وظن أبناء اليمن ان المؤتمر يكفر عن خطاياه السابقة ويثبت أنه لا يزال الحصان الرابح في ماراثون السياسة اليمنية.
ظن أغلب اليمنيين ذلك وهيأوا انفسهم لمنح المؤتمر صفحا عن خاطئ السياسات مقابل اسهامه في الحفاظ على ثابت المبادئ.. ولم يستبعدوا قيام المؤتمر بهذه المهمة الجليلة بسبب كونه أحد مثبّتي هذه المبادئ بصرف النظر عن الاخطاء اللاحقة، وكذا بسبب قائمة المكاسب الشعبية المغرية جراء قيامه بهذه المهمة.
ظن غالبية اليمنيين ذلك، لكن المؤتمر الشعبي العام خيب ظنهم وخرج بطحين أقل بكثير من الجعجعة التي أثارها، ذلك أن التعديلات التي أقرها الرئيس هادي والدكتور الارياني والشيخ يحيى الراعي على وثيقة لجنة الـ16 هي تعديلات هشة لذر الرماد على العيون.. اذ الفيدرالية هي الفيدرالية، والمناصفة هي المناصفة، والبنود هي البنود اللهم مع تحسينات طفيفة لحفظ ماء وجه المؤتمر.
لماذا نكص الحصان على عقبيه بعد ان كاد يقطف الفرصة التاريخية لصالحه؟! هنالك أكثر من تفسير:
الاول: ان المؤتمر لم يكن جادا منذ البداية، وان صحوته كانت لحصد مكاسب حزبية وليس وطنية. والدليل ان الصيغة الاتحادية المدمرة لوحدة اليمن موجودة أصلا في رؤيته المقدمة لمؤتمر الحوار. فلو كان جادا لقام بسحب رؤيته بدلا من الزوبعة التي لم تفض إلى شيء ذي قيمة.
الثاني: أن المؤتمر كان جادا بالفعل لكنه تراجع تحت تلويح عصا بن عمر.. فأعلن رفضه للضغوط لكنه عمليا رضخ لها.
الثالث: ان المؤتمر منقسم فعلا تجاه المسألة، وان ما يبنيه قوم يهدمه آخرون.. وهو تفسير نعلل به انفسنا للتقليل من صدمتنا بضحالة الحصاد الناشئ عن صحوة المؤتمر تجاه وحدة البلاد.
وأياً يكن الأمر، فإن ميدان الفروسية لايزال مفتوحا للمؤتمر وغير المؤتمر، بعد 27 سبتمبر الحالي.. وليكن سبتمبر كما كان دائما، شهرا لأمجاد هذا الشعب لا شهرا لأعدائه.