تمر الأمة العربية هذه الأيام بعد ثورات الربيع بحالة من الحرب غير المعلنة على مستوى الدول، وتبنى البعض ثقافة دخيلة على هذه الأمة، لقد أعلنت انتخابات في عدة دول عربية وفازت التيارات الإسلامية عبر الصندوق ويستحيل لأحد أن يصفها بالتزوير لأن هذه التيارات لا تملك السلطة التي هي بيد الأنظمة السابقة، ولكن للأسف بعض التيارات التي ظلت ترفع شعارات الديمقراطية والحرية والأحزاب لم تقبل أن يصوت الشعب لغيرها، فلجأت للغة العنف ونشر ثقافة الكراهية، ولم يقف الأمر عند هذا الحد من الحملة على هذه التيارات الإسلامية التي كان يجب أن يشجعها المعتدلون ودعاة الوسطية ودفع من يؤمنون بالعنف للالتحاق بمسيرة الوئام والحوار والمشاركة الوطنية والتعبير عن الرأي عبر الوسائل المشروعة، ولكن تمادي هؤلاء في إبداء ما في أنفسهم من مرض وعُقد نفسية ضد الهوية الإسلامية والدين ذاته، فهم يهاجمون بكراهية إلى حد أن وصل بهم الأمر أن يجاهروا بالحملة ضد كل ما هو إسلامي وضد الإسلام ذاته وتشويهه ورفضه، واستخدموا الطائفية وصراعات دينية وإذكائها لإيجاد فجوة وشرخ في المجتمع، وهذه لعبة خطيرة، رأينا قنوات أصبحت تبحث عن كل ما هو ضد الإسلام ونعته بالإرهاب وكل شيء يتعلق به وأصبحت رائحة هذه الأقلام في الصحف تضايق الناس وتصدمهم فهم يدافعون عن أعداء الأمة ويتحاملون على الإسلام، وأحدهم يدير محطة وله عمود دائم بصحيفة يبحث عن برامج وحملات ضد كل ما هو إسلامي وليس ضد هذه الجماعات فهي لا تعني له شيئاً وإنما هذا الكاتب عنده عُقد وكراهية للإسلام.
ففي الوقت الذي نجد قادة الدول الغربية ينفون تهمة الإرهاب عن الإسلام، نجد هؤلاء يصرون على مواقفهم ويشعلون الفتن ولا تجدهم يتحدثون عن شيء من قضايا فلسطين ومآسي الأمة والدعوة للوحدة والأخوة والمحبة والرحمة بين الناس والتعايش، هؤلاء يريدون الحرب الأهلية، فوجئت بما أسمعه من مصر من شباب وعناصر 16 أبريل وجبهة الإنقاذ من حملات إقصاء ومن مواقف تتنافى مع مبادئ حقوق الإنسان والتجاهل لبقية الأطراف، والحديث الذي ينم عن التطرف والعنف مثلما يعمل ويقول المتطرفون باسم الدين، فالجماعات الإسلامية المتطرفة تتكلم بنفس اللغة وكأن ظاهرة الحقد والكراهية صفة سلوكية وظاهرة منتشرة في معظم التيارات الليبرالية والجماعات المتطرفة، وهذا كله يقود إلى حروب وصراعات مخيفة تهدد سلامة واستقرار المجتمع.
ولذا أرى أن المنطقة أصبحت أمام حروب أهلية وهناك ثقافة كراهية ودعوة للحروب لوصول الجميع إلى السلطة وليس لأجل مصالح الأمة وقضاياها الوطنية والخاسر هو الشعب والبلاد والقضايا الوطنية ومكانة هذه الأمة، خدمة مجانية لأعداء الأمة وتنفيذاً لأجندات بأيدٍ عربية.
على الليبراليين والعلمانيين أن يتخلوا عن طبعهم الشرق أوسطي القائم على الثأر!! والقبول بشجاعة بوجود الطرف الآخر، وعليهم أن يكفوا عن ثقافة الحملات الإعلامية وبث السموم ومحاربة الإسلام فلن يفلحوا في ذلك لأن هذا الدين متجذر ورغم حروبهم عليه سنوات انتشر في العالم ووصل إلى أرجاء الدنيا بما فيه، دول الغرب، وعجز الاستعمار والمستشرقون بكل ما أمكنهم لأن هذا دين الله هو حاميه وراعيه وهو ليس ملكاً لأي جماعة إسلامية ولا مؤسسة دينية هو ملك الجميع ودين الجميع فلا قساوسة ولا باباوات في الإسلام.
وعلى الإسلاميين أن يؤمنوا بالحوار وتجنب سياسة الإقصاء، وأن يتعاملوا مع هموم الأمة وأن يؤمنوا بالحكمة والواقعية وأن الحكم غير الحزب، وأن يقبلوا بالمشاركة ويعفوا ويصفحوا وأن يختاروا العناصر الحكيمة ذات التجربة، وأن يقدموا برامج واضحة، وأن يجددوا سياستهم تجاه القضايا الأساسية وأن يحددوا مواقفهم بصراحة تجاه إيران وغيرها وتجربة سوريا كافية فلا يترددوا وأن يقيموا أخطاءهم فهم بشر، وأن يوقفوا الخطاب العنيف والخطاب الحماسي الانفعالي ذلك لا يصلح في الحوار.