[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

دماج.. «اكلت يوم اكل الثور الابيض»‏

في مأساة دماج يقف المرء محزونا ومتبلدا لا يدري ماذا يقول في حرب تتجدد يذهب ضحيتها ‏ابرياء في حين يختفي موقديها والمستفيدين من سعارها ولكن هذا لا يصوغ للدولة تبلدها ازاء ‏قضية دماج أو حيادية بعض الاطراف ولكن الحزن والتبلد يصيب اليمني البسيط الذي يشاهد ‏اخوة الدين والوطن والعرق يقاتلون بعضهم البعض أو يقتل طرفا الطرف الاخر.‏

اذا كان الحوثيون يريدون تطهير دماج وصعدة من الاجانب بحجة كونهم اجانب فهذه احدى ‏كذباتهم العديدة واساليبهم في التورية والتقية والادعاء يخفون فيه غرضهم الواضح والبين وهو ‏تطهير صعدة ودماج من كل مسلم سني صحيح العقيدة واستقطاعها ولاية شيعية تتبع إيران ‏قلبا وقالبا لا اثر للوجود السني فيها وهذا يتحتم حرب ابادة وتهجير شاملة لكل سكان صعدة ‏تدشنه بهذا الاجتياح الدموي الذي يذكرنا بقوات الاسد في سوريا ، واجتياحها للقرى والمدن ‏تزهق الارواح والحرث.‏

ولعل حجة الحوثيين ان الاجانب هؤلاء جواسيس للجارة العزيزة التي هي في ظاهر الامر ‏الداعم الرسمي للسلفيين وكأن الناس غافلين عن الاتفاق المبرم بين جماعة الحوثي والمملكة ‏السعودية بشأن حماية الحدود السعودية من قبل الحوثيين وان سياسة السعودية وحماية حدودها ‏قد تسمح بالتضحية و برحابة صدر بكل سلفيي دماج ، خاصة انها تعمل على توالد الجماعات ‏السلفية في اليمن وغيرها كل يوم وبافكار تتناسب و توجهاتها وخدمة سياستها في المنطقة.‏

ولكن بيت القصيد في دماج ليس لماذا ينشب الصراع ومن يدعمه أو يحرض عليه ولكن ماذا ‏تفعل الدولة اليمنية ازاء هذا الصراع وهل عليها ايقافه بقوة وهيبة الدولة ام ان الهروب من ‏فكرة الاصتدام بحرب سابعة مع جماعة الحوثي هي المسيطرة خوفا من تكرار صورة النظام ‏السابق الذي خاض ستة حروب فاشلة لتقويض نفوذ الحوثيين وذهب ضحيتها مدنيين ابرياء ‏رغم ان هذا النظام البائد يقوم الان بالانتقام من هذا الشعب الذي رفض فساده وطغيانه واضعا ‏كل معدات واسلحة الجيش المسروقة وخبراته القتالية في صف جماعة الحوثي.‏

ان الفرار إلى فكرة تأصيل الحوار في جو من الحرب والدمار لا يعد حلا من دولة وجب ‏عليها حماية المدنيين الابرياء من جماعات مسلحة تقاتل بعضها لفرض النفوذ والتطهير ‏الطائفي والعرقي.‏

وقصة الحوار مع جماعة تناقض الحوار مزحة ثقيلة في حق هذا الشعب الذي اسلم زمام ‏قيادته لدولة تتهاون في حقه في البقاء آمنا معافى في دينه ونفسه وماله ، بل ان هذه الدولة ‏تفرط في وحدة الوطن وسلامته وتهبه كإقطاعيات لدعاة طهر السلالة وتميزها عن بقية خلقه ، ‏فمن حق هذا الشعب ان يعتقد ان دولته تتواطأ مع جماعة الحوثي وتفسح المجال لها كي ‏تستولي على صعدة ولاية منفردة عن حكم الدولة اليمنية.‏

ولكننا ننسى ان التأريخ يعيد نفسه وان العربي القديم حين اطلق المثل الشهير (اكلت حين ‏اكل الثور الابيض ) كان يصور بدقة تركنا لدماج يبتلعها الحوثيون دون الوقوف صفا واحدا ‏وبتدخل من جيش اليمن كي يفصل النزاع ويعاقب المخطئ ويمحى الظلم تماما.‏

ومادامت جماعة الحوثي تنتشر في ارجاء الوطن كالسرطان في خلايا هامدة تنتظر المطالبة ‏بالحق الالهي في الوقت المناسب وتبذل الاخضر والغالي في سبيل تجنيد اعضاءها وشراء ‏الزنابيل الرخيصة التي تبيع نفسها بدافع الحاجة والفقر بفضل دولة الفشل والعاهات ، مادام ‏العمل يسير على قدم وساق في المناطق الوسطى والاطراف فلن تكتفي هذه الجماعة الارهابية ‏بالثور الابيض فقط وستلتهم جميع اثوار اليمن وثوارها، خاصة الابرياء الذين يوقعهم سوء ‏الحظ ان يكونوا في طريق جماعات مسلحة تصفي حساباتها بإصرار يسقط القتلى في الطرفين.‏

زر الذهاب إلى الأعلى