لا يمكن لزائر مدينة تعز الا ان يعرج على رمز الثورة الشعبية السلمية ممثلة بساحتها الشهيرة ، و حين تزور ساحة الحرية في تعز بعد كل الخيبات التي شاهدتها هذه المدينة الآسرة خاصة بعد رفع الاعتصامات تشعر انك مازلت تعيش في قلب الثورة الملتهب ، مازالت هذه المدينة الفاتنة تغلي غضبا ونقمة على من أضاعوا حلم الثورة وفرقوا دمها بين الاحزاب تلمح تلك النقمة في وجوه ثائرات تجمعن اسفل صورة كبيرة للشهيدة تفاحة حيث سقطت الشهيدة وزميلاتها في مشهد عايشته كل إمراة يمنية بروحها ومشاعرها ، كن يتحسرن على زمان الثورة الاول حيث كانت القلوب متقدة لصنع المستحيل في حماسة اوقدت شعلتها دماء شهداء وشهيدات تعز العزة .
كان يوم جمعة وفي يوم الجمعة تستنير ساحات الثورة والحرية بأبنائها المخلصين لأهداف الثورة يحيون في إصرار ملامح ثورتهم الموؤدة بقرارات كانت أسوأ صفعة في وجه الثوار .
تعز التي كانت منبع ومنبر الثورة ورائدتها تراها رغم عنفوانها تذبل في ايدي من لا يعرف قدرها ويمعن في إيلامها واغراقها في الفساد والفوضى .
ترى الشابة المتحمسة (دعاء اليوسفي) ان ما آلت اليه مدينة تعز من فوضى وانفلات امني سببه حقد على تعز لا يقل عن يوم 11/11 الذي مثل يوم الحقد الاسود الذي اجتاح المدينة بالقذائف ومختلف الاسلحة والذي ذهب فيه العديد من الشهداء وايضا الشهيدات من حرائر تعز اللاتي مثلن قربانا تميزت به عن كل ساحات وميادين الثورة .
تصر ثائرات تعز الا ان يصبحن ايقونة الثورة الخالدة بصمودهن في الساحات حتى هذه اللحظة ، يصببن غضبهن بالتساوي بين شوقي التاجر الذي افسد بدلا من ان يصلح وبين تخاذل التصعيد الثوري وتراجع الحماسة بين الثوار .
بالفعل كان يوم 11/11 صورة مروعة لحقد النظام الفاشي والظالم الذي صب حمم يأسه على الابرياء في الساحة والمستشفى ولكنه ايضا يوم العزة والخلود للمرأة اليمنية ككل والتعزية بالاخص ، فلم تكن تلك الارواح التي ارتقت مجرد اسماء لنساء وفتيات يمنيات سقطن ضحايا للبربرية المتوحشة أو للاستهانة بارواح الابرياء ، بل كان يوم انتصار للمرأة اليمنية ودليلا لعمق مشاركتها الرجل في القضايا المصيرية والتضحية في سبيل الوطن .
فالمرأة التي ظلت دائما في الظل ،مشاركتها محدودة وظهورها له ضوابط قبلية ،صارت الشريك الذي ساوى شريكه في التضحيات ، وقدم حتى الروح ، فكان موكب الشهداء والشهيدات الاكثر صدمة وحزنا لستة عشر شمسا اضاءت سماء تعز والوطن كله .
لقد اخبرتني ابنة الشهيدة تفاحة عن عزم الثوار والثائرات إحياء ذكرى 11/11 في مسيرة ومهرجان يقام في ساحة الحرية كي لا يطمر هذا اليوم من ايام مدينة تعز كما طمرت اشياء كثيرة وذهب بها الاهمال والنسيان ادراج الرياح ، وان بقاؤهم في الساحة بشكل مستمر يرتبط بانتصار الثورة وتحقيق اهدافها رغم ان المحافظ شوقي يريد رغما عن انف الثوار رفع بقايا ساحة الحرية وازالة كل ما يجعل اذهان الثوار مرتبطة بالثورة وبالنقمة على مجازر النظام السابق كالمعرض التوثيقي لشهداء الثورة . وهذا يزيد الغضب ضد سياسة المحافظ التي خيبت آمال ابناء تعز.
تعز رغم كل الخيبات مازالت المدينة الحالمة والاكثر وعيا وانفتاحا وجمالا ولعل يقظة ابنائها تكون توجها تصحيحيا لمسار الثورة وتنطلق منها ثورة الرفض للواقع السياسي المفروض من تقاسم الحصص وترك اهداف الثورة على الرف كما كانت فيها انطلاقة الثورة الشبابية قبلا.