من المؤسف ان الطبيعة البشرية يعتريها بعض القنوط واليأس أو الكثير منه رغم اليقين بحكمة الله وقدره، ولذا تسيل اقلامنا ألما لحال المسلمين وما جنته ثوراتهم الشقية فهي لم تزدهم الاشقاء وخرابا، رغم اليقين بوجوب قيامها أو حتمية التغيير، ولكن اعداء الحياة من حولنا يحفرون الاخاديد تلو الاخاديد حول اكتمال الامر أو انقضاؤه على خير.
لقد اضحت ثورات الربيع العربي سببا في وصول العرب إلى المراتب السفلى في المعايير والمقاييس الانسانية للدول وبدلا من خلق حالة من التفاؤل والامل خلقت هذه الثورات مزيجا من الاحباط والنقمة على الوضع برمته وتفاقمت المشاكل المرضية للمجتمعات العربية اكثر او فاحت رائحتها حتى اوجعت القلوب والعقول واستفحل داء الفساد كأنما انعشته دماء جديدة، حينها ردد البعض ان شعوب العرب وقعت فريسة سهلة لمؤامرة عالمية صهيوأمريكية لزعزة امانها واستقرارها الافسادي المميز
وتوقف العقل العربي عن التفكير في مخرج غير نزاع قائم على من يحكم في النهاية ومن جهة اخرى حوارات فاشلة منفصلة عن واقع الحال بل صار الامر اكثر سوءاً عندما ردت كل اسباب الفشل لفكرة التغيير والثورة نفسها وبالتالي صب الغضب على مشعليها كجماعة معينة
خلال عشر سنوات ونحن نبكي حال العراق وما فيها من نسف للبني التحتية وفقدان مروع للأمان والحياة الكريمة في ابسط صورها تلك التي وفرها نظام صدام حسين البعثي فقد كانت العراق في المصافي الاولى للدول العربية في حضارتها العمرانية والثقافية ودمرتها حرب التحرير الملفقة حتى اتى علينا اليوم الذي نبكي فيه عهد صدام حسين بكل مساوئه ومحاسنه.
العراق التي كانت حاضرة العرب في الثقافة والادب اصبحت معلما للموت والدمار والخراب تنهش اجساد ابنائه المتفجرات والعبوات الناسفة في الاسواق والتجمعات البشرية حتى صار العراقي يفكر في الانفراد بنفسه في كوكب بعيد خوفا ان يتبعثر جسده اثر انفجار مجهول قام به مجهولون في زمن مجهول .
وللأسف عدو العراق المجهول ابو لؤلؤة معلوم للعيان خاض ضدها الحروب قبل سنوات طويلة فلما اوجعه صمودها عاد بوجه آخر و بين يدي حليفته راعية السلام ومحررة الشعوب من كرامتها عاد ليعيث في العراق فسادا من داخلها ومن فوق كرسي الحكم .
الان اصبحت اغلب الدول العربية إن لم يكن كلها صورة اخرى لما تتعرض له العراق أو ما يحدث فيها، هي ذاتها المؤامرة الطائفية وإذكاء النزاعات بين مختلف الطوائف، تفجيرات مجهولة هنا و هناك واغتيالات في ظل انفلات امني وصراع على السلطة مع تتبيلة من التقطعات القبلية الخاصة بالدول الاكثر تعصبا وتخلفا .
انما الشعب العراقي لم يثر ضد صدام حسين فلم يكن الدمار الحاصل عليه بفعل هذه الثورة بل كانت ثورته مستوردة وغير محلية الصنع مما يعني جودة افضل في الإداء فلماذا نصيب الاسد في الخراب والدمار طيلة اكثر من عشر سنوات ؟
هل لأن أمريكا وحلفائها يتآمرون على بلاد العرب بتصدير ثورات ظاهرها الخير وباطنها الشقاء وانها تسعى لتشكيل شرق اوسط جديد بعد اغراقنا في فوضى عارمة وتخبط اشد ..ام اننا نمر في فترة نقاهة بعد مرض عضال وهذه اعراض جانبية لعلاج قوي التأثير فلا ينبغي ان نغرق في اليأس والاحباط ونستسلم لفكرة المؤامرة.