[esi views ttl="1"]

فقه نظرية المؤامرة (6)‏

(في كبرنا نكتب بقلم رصاص لاننا تعلمنا ان الكتابة بالحبر ليس سهلا محوها)‏
حكمة من يريد تجنب الخطأ

بعد ان عرفنا من خلال الادلة والامثلة المستمدة من الواقع من الراكب ومن المركوب، ‏واتضح للجميع وفقا للواقع ان المركوب هو ليس أمريكا ولا عملاءها بل من ظن انه راكب ‏ويقود ثورة شعبية نقية ووطنية الطابع رغم ان كل الادلة والاعترافات والوقائع تثبت بلا لبس ‏بان ما يجري، في الاطار العام، هو خطوات متعاقبة ومترابطة في اطار عمل تكاملي شامل ‏من مخطط صهيوأمريكي تشارك فيه قوى عربية واخرى اقليمية، بعد هذا علينا الان ان نطلق ‏رصاصة الرحمة على المنطق الذي يقول بان ما يجري ثورات عربية ركبتها أمريكا وحرفتها ‏عن مسارها الوطني التحرري، وذلك لن يتم الا بتناول الادلة الحاسمة والمعروفة المتمثلة ‏باعادة تأكيد الروابط العضوية بين الاحداث الكبرى منذ المؤتمر الصهيوني الاول في عام ‏‏1897 وحتى الان، لان عدم تذكر الروابط العضوية القوي والمباشر بين الاحداث الرئيسة ‏سوف يصيبنا بعمى تام يجعلنا اسرى الزحف نحو حتوفنا ونحن لا نعرف!‏

هل الاحداث التي بدأت تقع في الوطن العربي منذ بداية القرن العشرين احداث متناثرة ولا ‏رابط بينها؟ ام انها جزء من كل متتابع الخطوات وكل خطوة تكمل سابقها وصولا للاهداف ‏النهائية؟ لدينا فئتان في الوطن العربي فئة ترى ان الاحداث منفصلة خصوصا اذا كانت فترة ‏الفصل طويلة كعقود وليس سنوات فلا ترى ان بينها رابطا عضويا، وتبعا لهذه الطريقة فان ‏تفسير الحدث يتم بصورة محصورة فيه مع عدم ربطه بما سبقه ولا بما لحقه، اما الفئة الاخرى ‏وهي تمثل طليعة واعية وثورية تؤكد وجود الروابط الخفية أو الظاهرة بين الاحداث الكبرى ‏فتخرج بنظرة شاملة تحيط بكافة الاحتمالات القادمة وتخرج باستنتاجات تساعد على وضع ‏ستراتيجية مجابهة فعالة.‏

دعونا ننظر للتاريخ المعلم الاول لمن يريد ان يفهم ما يجري لكي نتوصل إلى الاجابة على ‏السؤال الذي انتظم كافة اوجه تحليلنا هذا وهو: هل توجد مؤامرة صهيوأمريكية –إيرانية على ‏امتنا العربية؟ ام ان من يتحدث عنها مصاب بهوس خداع النفس؟ الفئة الاولى التي تقرأ ‏الاحداث وهي منفصلة تقول كلا لاتوجد مؤامرة ومن يقول بها لتفسير الاحداث ضحية ‏هواجس ووساوس نظرية المؤامرة، اما الفئة الثانية فتقول نعم ثمة مؤامرة على الامة العربية ‏وهي ماثلة امامنا بوقائع مادية ليس سهلا انكارها، وفيما يلي بعضا من تلك الاحداث الخطيرة:‏

‏1- مؤتمر بازل في سويسرا: في عام 1897 عقد اول مؤتمر صهيوني في سويسرا وتبني ‏هدف اقامة (وطن قومي) لليهود في فلسطين، ووضع الخطط الضامنة لتحقيق ذلك، ومنها منع ‏وحدة العرب وتنفيذ خطط لشرذمتهم ومنع وحدتهم القومية وحرمانهم من مقومات النهوض ‏الحديثة كالعلوم والتكنولوجيا. وكانت تلك هي الخطوة الاولى في كل مأسي الامة العربية.‏

‏2- تقرير لجنة بنرمان: اقر مشروع تفتيت الوطن العربي بعد انعقاد مؤتمر لندن أو ما يسمى ‏بمؤتمر كامبل بنرمان في عام 1905 وضم الدول الاستعمارية في ذاك الوقت وهي: بريطانيا، ‏فرنسا، هولندا، بلجيكا، اسبانيا، إيطاليا، واستمر حتى عام 1907 وفي نهاية المؤتمر خرجوا ‏بوثيقة سرية سموها " وثيقة كامبل" نسبة إلى رئيس الوزراء البريطاني آنذاك هنري كامبل ‏بانرمان. وتوصلوا إلى نتيجة مفادها: "إن البحر الأبيض المتوسط هو الشريان الحيوي ‏للاستعمار! لأنه الجسر الذي يصل الشرق بالغرب والممر الطبيعي إلى القارتين الآسيوية ‏والأفريقية وملتقى طرق العالم، وأيضا هو مهد الأديان والحضارات" والإشكالية في هذا ‏الشريان هو أنه كما ذكر في الوثيقة: " ويعيش على شواطئه الجنوبية والشرقية بوجه خاص ‏شعب واحد تتوفر له وحدة التاريخ والدين واللسان". اذن لاحظوا بعد عشر سنوات من قرار ‏المؤتمر الصهيوني اقرت خطة بنرمان وتحددت الاهداف مسبقا، ولكي تسيطر تلك القوى ‏الاستعمارية على البحر الابيض المتوسط بضفتيه عليها ان تزيل وحدة الشعب الذي يسكن ‏جنوبه وشرقه وهو الشعب العربي، فبدون تفتيت هذا الشعب لا يمكن السيطرة على تلك البقعة ‏الجغرافية البالغة الاهمية.‏

‏3- سايكس- بيكو: في عام 1916وقعت اتفاقية سايكس بيكو بين فرنسا وبريطانيا وكانت ‏تفاهمًا سريًا بمصادقة من الإمبراطورية الروسية على اقتسام الهلال الخصيب بين فرنسا ‏وبريطانيا لتحديد مناطق النفوذ في غرب آسيا بعد تهاوي الامبراطورية العثمانية، المسيطرة ‏على هذه المنطقة، في الحرب العالمية الأولى.هذه الاتفاقية كانت ثمرة عمل تأمري معروف ‏وهو غدر بريطانيا وفرنسا بالعرب الذين وعدوهم باعلان دولة عربية واحدة مقابل المساهمة ‏في انهاء بقايا الدولة العثمانية، وقام عرب بهذا الدور، ولكن الاستعمار في بداية القرن ‏العشرين رفض تنفيذ وعده هذا وقام بدلا من ذلك بتقاسم الاقطار العربية وتقسيمها فوضعت ‏الحدود العربية في المشرق بدل اعلان دولة واحدة. لاحظوا بعد تسع سنوات على تبني خطة ‏بنرمان يقسم الوطن العربي.‏

‏4– وعد بلفور هو الرسالة التي أرسلها بلفور وزير خارجية بريطانيافي عام 1917 إلى ‏اللورد روتشيلد يشير فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية ل(إنشاء وطن قومي لليهود) في ‏فلسطين. حين صدر الوعد كان تعداد اليهود في فلسطين لا يزيد عن 5% من مجموع عدد ‏السكان. وقد أرسلت الرسالة قبل أن يحتل الجيش البريطانى فلسطين. لاحظوا ان وعد بلفور ‏صدر بعد عام واحد فقط من اتفاقية سايكس بيكو بل يمكن تأكيد ان الاتفاقية والوعد هما عمل ‏واحد تم خلال عشر سنوات بعد صدور خطة بنرمان.‏

‏5 – احتلال بريطانيا لفلسطين تمهيدا لاغتصابها عام 1948: ولكي يكون تأسيس الكيان ‏الصهيوني ممكنا كان يجب الانتظار حتى عام 1948 لاجل زيادة عدد اليهود من نسبة 5% ‏وهي نسبتهم عند صدور وعد بلفور إلى نسبة تجعلهم قادرين على تحقيق عملية الاحتلال ‏فاحتلت بريطانيا فلسطين واخذت ترعى مباشرة الهجرة اليهودية المتتابعة والضخمة. وهكذا ‏وبعد ان توفر العامل البشري اليهودي المستورد من العالم إلى فلسطين اقيم الكيان الصهيوني.‏

‏6 – منح الاحواز لإيران: هل منح الاحواز في عام 1925 لإيران كان صدفة كرماً ‏بريطانياً؟ ام انه احد اهم ضمانات تطويق العرب من كافة الجهات بقوى معادية تقوم بدور ‏المشاغل والمستنزف لهم كي لا تحشد قواهم كاملة لاجل تحرير فلسطين عندما تحتل لاحقا، ‏ولتنفيذ ذلك كان لابد ان تتوفر قوة في المشرق تقوم بذلك الدور، ولكن كان ايضا ضروريا ‏وحتميا حل اخطر مشاكل إيران الجيوبولتيكية وهي افتقارها للثروة والماء وبدونهما لن تكون ‏قوة اقليمية عظمى تستطيع القيام بدور حاسم كما نرى الان في تنفيذ خطط تقسيم وتقاسم ‏الاقطار العربية؟ الاحواز توفر الان لإيران اكثر من 80 % من النفط والغاز والماء ‏وتصوروا لو ان الاحواز لم تضم إلى إيران هل كانت إيران ستلعب الدور الخطير الان وهي ‏المفتقرة للماء والثروة؟

تذكروا ان بريطانيا احتلت فلسطين تمهيدا لاقامة الكيان الصهيوني تنفيذا لوعد بلفور وهي ‏ايضا قدمت لإيران الاحواز هدية لاجل جعلها قوة اقليمية عظمى تستنزف العرب وتشغلهم، ‏فكما ان الصهاينة لديهم ثارات تاريخية مع العرب فان الفرس لديهم نفس الثارات مع العرب، ‏وبريطانيا سيدة الاستعمار وقتها كانت تعرف التاريخ جيدا وتدرك خطورة الثارات الفارسية ‏والتوراتية.‏

‏7 – احتلال الجولان والضفة وغزة في حرب عام 1967: واهم ما ادت اليه هو ترك ‏الانظمة العربية ما اغتصب عام 1948 والمطالبة بما احتل ذلك العام، اي التنازل عن الاصل ‏والمطالبة بالفرع.‏

‏8– زيارة السادات للقدس في عام 1977 ثم اعترافه باسرائيل وتوقيع اتفاقيتي كامب ديفيد ‏عام 1978 التي احلت الحل الاستسلامي محل تحرير فلسطين وبدات رحلة تصفية المقاومة ‏الفلسطينية بالاحتواء المنظم لها وتدريجيا وكانت اشرف ظواهر الوطن العربي النضالية. ‏لاحظوا عادت العشرية في تتابع الاحداث فحرب احتلال الجولان والضفة وغزة وقعت في عام ‏‏1967 وبعد عشر سنوات زار السادات القدس، هل مصادفة؟ ام عودة للعشريات التي بدأتها ‏الحركة الصهونية؟

‏9- وصول خميني للحكم في عام 1979وبدأ حروب الاديان والطوائف: في نهاية النصف ‏الثاني من السبعينيات شهد العالم حدوث اخطر انقلاب ستراتيجي مموه وصامت في العالم ابتدأ ‏لدينا بتصنيع التطرف الديني ودعمه من قبل الغرب والصهيونية، واحلال قوانينه محل قوانين ‏صراعات التحرر الوطني، وكانت حرب افغانستان وحرب خميني على العراق بداية تلك ‏الكوارث وما ترتب على ذلك من تحول جذري في طبيعة الصراع. اما على المستوى العالمي ‏فان ذلك الانقلاب ادى إلى خلخلة ثم انهاء الاتحاد السوفيتي العقبة الاكبر امام التوسع ‏الامبريالي الصهيوأمريكي.‏

‏10– بدأ تدمير اخر مراكز المقاومة القومية والوطنية: بعد حروب الاديان والطوائف، التي ‏اكملت وظيفة الانشقاقات بين القوى الوطنية والقومية واليسارية العربية، جاء دور تدمير ‏مركز العروبة الاخير في العراق، فلقد فشل خميني واصيب الغرب والصهيونية بخيبة امل ‏كبرى نتيجة انتصار العراق وليس هزيمته أو تدميره بواسطة إيران، فكان ضروريا الانتقال ‏وسط تلك التغييرات الاستراتيجية العاصفة من استراتيجية الحروب بالوكالة إلى استراتيجية ‏الحرب بالاصالة، فتقدمت أمريكا واختلقت ازمة الكويت واوصلتها للعدوان الثلاثيني على ‏العراق والمسمى ب(حرب الخليج الثانية)، ونجحت فيما فشل فيه خميني وهو استنزاف العراق ‏وبدء رحلة غزوه.‏

‏11 - (غزوة) مانهاتن: هل الهجوم على مركز التجارة العالمي في نيويورك كان من عمل ‏القاعدة كما قيل ام انه عمل مخابراتي مدبر لتبرير وبدء اكبر عمليات الغزو المصممة لتغيير ‏وجه العالم؟ الان هناك عشرات الشواهد على ان حدث يوم 11-9 -2001 كان من تخطيط ‏المخابرات الأمريكية وربما من نفذ هم جماعة من القاعدة لان القاعدة مخترقة افقيا وعموديا ‏منذ البداية. الاهم بالنسبة لمن يريد معرفة الحقائق هو كيفية توظيف تلك الهجمات: طلب بوش ‏شن الحرب على العراق فور وقوعها ودون انتظار حتى نتائج تحقيق اولي! فهل ذلك عمل ‏منعزل عما سبقه وعما سيلحقه؟

‏12 - احتلال العراق وتبني خطة تقسيمه إلى 3 دول على اسس طائفية وعرقية تنفيذا ‏صريحا ورسميا لاقدم واهم المخططات الصهيونية، وجعل التدمير الشامل لشعبه وعمرانه ‏تحقيقا لنبوءات وثارات توراتية ركزت طويلا على حتمية تدمير بابل والانتقام من البابليين.‏

‏13– (الربيع العربي) واقترانه الشرطي بالفوضى الهلاكة: نشوب حروب داخلية اشرس ‏واكثر تكلفة من كل تكاليف الحروب مع اسرائيل مثلا: ليبيا، سوريا، اليمن، مصر، تونس ‏بالاضافة للعراق، وما سيتبع لاحقا الجزائر والاردن وغيرهما. هل ذلك صدفة عابرة؟ ام انه ‏خطوات متعاقبة ومترابطة في مخطط موضوع بدقة؟

ما الذي نرى، وبغض النظر عن عواطفنا ومواقفنا، عندما ننظر إلى ما بدأ يجري منذ اكثر ‏من قرن وما زال يجري بقوة اليات عمل سوبراستراتيجي؟ يلاحظ بلا غموض امران ‏جوهريان هما:‏
أ – تعاقبية الاحداث بحيث يتبع الثاني الاول فتكبر مآسينا ولا تتقزم مثل كرة ثلج تتدحرج.‏
ب – تكاملية الاحداث وترابطها السياقي فلكي تنمو وتكبر كوارثنا لابد من التكاملية بينها.‏

هل هذا التعاقب الفولاذي للاحداث صدفة؟ صدور تقرير بنرمان الذي وضع خطة السيطرة ‏على الوطن العربي ومنع تقدمه وتوحده وطلب انشاء كيان يفصل مشرق الوطن العربي عن ‏مغربه في فلسطين جاء بعد عقد المؤتمر الصهيوني وتطبيقا لقرار اعتبار فلسطين وطنا قوميا ‏لليهود، واعقب ذلك بتتابع ملفت للنظر: توقيع اتفاقية سايكس بيكو وصدور وعد بلفور وتعاظم ‏الهجرة اليهودية إلى فلسطين والاحتلال البريطاني لفلسطين بصفته مقدمة لابد منها لضمان ‏تسريع وتعظيم الهجرة اليهودية اليها بدعم وحماية وتشجيع سلطات الاحتلال البريطاني على ‏اقامة الكيان الصهيوني! ضم الاحواز إلى فارس وتغيير اسمها إلى إيران في اطار توفير ‏ضمانات تطويق العرب بقوى معادية قوية وفعالة.‏

وعندما اقيم الكيان الصهيوني وتبلور رد فعل عربي شامل وقوي ضده ماذا حصل؟ بعد فترة ‏من التقدم والانتصارات العربية ابتداء من الثورة المصرية في عام 1952 اخذ العرب ‏يواجهون نمطا اخرا من التراجع فقد اندلعت الصراعات العربية البينية، وتفاقمت واتسعت ‏وطالت، واشتعلت موجة انقسامات الاحزاب والقوى الوطنية وتصارعها الدموي، واخذ ‏النضال ضد الاستعمار والصهيونية يتراجع ويبرز إلى جانبه صراع حياة أو موت بين العرب ‏انفسهم! واكتملت حالة التشرذم والحرب الداخلية بتنصيب خميني ملكا مطلق السلطات في ‏إيران، بعد صنع صورته الاسطورية في الاعلام الغربي، ليبدأ مرحلة الفتن الطائفية وصعود ‏التطرف الديني والطائفي وجعله يطغى على المصلحة الوطنية في العديد من الاقطار العربية ‏ويشعل الحرب بين دول العالم الاسلامي والتي جرت الوطن العربي إلى ما نحن فيه الان!‏

هل التتابع والتكامل بين هذه الاحداث بطريقة تتطابق مع اهداف المشروعين الصهيوني ‏والاستعماري صدفة؟ ام انه ثمرة وجود من خطط ومن يتابع التنفيذ ويدير عمليته انيا وظرفيا ‏واستراتيجيا بنفس الوقت وفي اطار بالغ الصرامة وهو عدم الخروج عن المخططات ‏الصهيوأمريكية؟

عندما ننظر إلى هذه الاحداث وغيرها كثير في مسلسل تعاقبها وتكملة الخطوة اللاحقة ‏الخطوات السابقة في اطار يتضحم تدريجيا مستلبا من العرب بعضا من اراضيهم وثروتهم ‏واستقرارهم ووحدتهم الوطنية ويلحق بهم كوارث غير مسبوقة فان هذه الظاهرة تجبر حتى ‏الساذج، ومهما كانت درجة سذاجته عالية، على التساؤل بحالة تبدأ من القلق وتنتهي بالرعب ‏والصدمة وهو لماذا تؤدي كل تلك الاحداث إلى الحاق الاذى الشديد بي وبشعبي وامتي؟ من ‏هو العدو الذي يستهدفني دائما ويلحق بي ضررا بالغا؟ اماالمثقف والذكي فانه سوف يستغني ‏عن ذكاءه اذا لم يستحوذ على تفكيره التساؤل المركب التالي: هل ما يجري احداث عفوية لا ‏رابط بينها وهي التي تأكلني تدريجيا؟ هل هذا التعاقب والتتابع المنظم والحديدي صدفة لا ‏رابط بين خطواتها ذات التتابع الصارم والتعاقب الحتمي بحيث ما ان تقع كارثة علينا حتى ‏نصبح متأكدين بان كارثة اخرى ستلحق بها غدا أو بعد غد؟

ان كل تلك الخطوات احدثت الانقلاب المنشود صهيونيا وأمريكيا وفارسيا، فوصلنا إلى ما ‏نحن عليه الان من تراجع وكوارث ابرزها واخطرها كارثة عدم الفهم الصحيح لما يجري منذ ‏عام 2011 مع انه الجزء الاكثر خطورة في تقسيم وتقاسم الامة العربية! هل نسيتم صواب ‏مقولة (ان معرفة العدو كسب لنصف الحرب)؟ العدو كسب مسبقا نصف الحرب ضدنا بجعلنا ‏لا نعرفه ولا نحدد ملامحه، وان عرفناه وحددنا ملامحه واهدافه الحقيقية شكك بنا من داخلنا ‏وسخر مما عرفناه عن طريق اشخاص ما ان تفكر وتحلل وتقدم فهما مختلفا عما يسود حتى ‏ترى ابتسامة السخرية مصحوبة باطلاق كلمات محددة: انها نظرية المؤامرة! مفروض علينا ‏كعرب ان لا نعرف ولا نعي ولا نفهم بصواب لكي يواصل العدو المشترك الاخطر في ‏تاريخنا كله، وهو أمريكا والصهيونية وإيران، خطواته وسط انكارنا لوجود مخطط تأمري ‏مترابط وبعيد المدى ويصل مداه إلى اكثر من مائة عام حديثا ويمتد خلفنا في عمق التاريخ ‏الاف السنين. هل ترون الان معنى فهم التاريخ واستخلاص الدروس منه؟

اللعنة تحل على من يرى ويسمع لكنه لا يفهم، وان فهم اجبر على الانكار سواء بمخدرات ‏الفكر والنفس أو بحشيشة حسن الصباح، الجد البايولوجي لحسن نصرالله. وفي كل الحالات ‏نصبح الضحية المهزومة ليس لاننا ضعفاء بل لاننا نتوهم أو نوهم باننا ضعفاء مع اننا اقوى ‏من كافة الاعداء عندما نعي ونرى ونفهم ما نراه.‏

هنا نصل إلى السؤال الملغوم وهو: هل هي نظرية المؤامرة اذن؟ دعونا نفهم ما هي نظرية ‏المؤامرة ونزيل الفهم الخاطئ لدى بعض من يستخدمها لتسخيف راي الشاكين أو المقتنعين ‏بوجود مؤامرة. ما هي نظرية المؤامرة؟ ومالفرق بينها وبين المؤامرة؟ (يتبع)‏

للاطلاع على الحلقات السابقة

* كاتب ومفكر عراقي

زر الذهاب إلى الأعلى