التركيز على القاعدة كطرف منفذ للهجوم على أهم المؤسسات السيادية للدولة يشبه ذاك الذي يضع الهرم على رأسه بدلاً من «قاعدته» الحقيقية الواسعة.
في البلد أطراف عديدة نافذة ومسلحة ولديها الإمكانيات التخريبية وبنيتها نفسها بنية مافيوية يندرج ضمن نشاطها تهريب المخدرات والآثار والتعاون والاندماج مع القاعدة والجناح المسلح للحوثي والجماعات المتطرفة من كل نوع.
وفي البلد بيئة سياسية بالإمكان قراءة مشهدها الراهن وقواها السياسية وخياراتها وأساليبها لربط كل ذلك بما حدث وتحليله على ضوئه كأحد المؤشرات الخلفية على الحدث بعد المعيار الأول المتمثل بالتحقيقات التي تمت والمعلومات التي جُمعت والافتراضات التي تشكلت.
القاعدة موجودة؛ والأهم أن ثقافة التطرف واستحلال الدم موجودة؛ وكذلك توجد مربعات اجتماعية مدمرة تمثل بيئة حاضنة للجريمة ومنتجة لأدواتها. كما توجد شبكة واسعة من البشر أعلمت فيهم أدوات الطرق والسحب وسحقت آدميتهم طوال سنوات عجاف؛ غير أن كل هذه تروس في آلة الشبكات التي نتجت عن تفكك النظام السابق الذي انفجرت شظاياه فوق الدولة والمجتمع من أنبوب النفط وكابلات الكهرباء في مأرب وشبوة إلى اغتيال مئات الجنود والضباط وعلى رأسهم سالم قطن في عدن ، إلى التفجيرات المروعة في السبعين وبوابة كلية الشرطة ، إلى ذروة الصدمة بترويع الشعب اليمني عبر استهداف هيبة الدولة اليمنية باقتحام مجمع الدفاع بالعرضي ثاني رمز سيادي للدولة بعد مؤسسة الرئاسة.
فإذا كانت جُلْ حلقات هذه السلسلة الدموية المنظمة والواسعة النطاق تندرج تحت عنوان حصري لا شريك له «القاعدة» فمعنى ذلك أن هذه المنظمة السرية كانت تدير البلد طوال العقود الماضية من الباطن ، ولها قواعد اجتماعية وعسكرية وقبلية ومالية وبيروقراطية وأمنية ومصالح متشابكة في عموم الجغرافيا السياسية والمجتمعية في اليمن ، وأنها تتداخل مع القوى السياسية المتصارعة وتهيمن على أهم أطرافها.