من الأرشيف

الاتحاد الفيدرالي والموروث الاستعماري

في سنة 1954م قامت بريطاني بوضع خطة واستراتيجية لترسيخ الاحتلال وتوسيع السيطرة تحت مشروع الاتحاد الفيدرالي، وفي سنة 1959م أعلنت عن قيام اتحاد إمارات الجنوب والغريب أن الإنجليز فرضوا على السلاطين والأمراء التوقيع على معاهدة بين الاتحاد وبريطانيا، قبل إقامة الاتحاد نفسه، مما يؤكد على أن هذا الاتحاد مجرد غطاء لترسيخ الاحتلال وتثبيت الاستعمار.

بعدها قام الاحتلال البريطاني بتكوين مجلس تشريعي خاص بعدن بما يعني أنها دولة في حد ذاتها جنباً إلى جنب مع الإمارات والسلطنات التي كانت هي الأخرى عبارة عن دول، ومن هنا جاءت فكرة ومخطط إقامة دولة الجنوب العربي والتي تتكون من الاتحاد الفيدرالي للإمارات والمشيخات, بالإضافة إلى دولة عدن، وكان ذلك في سنة 1961م , حيث قام وزير المستعمرات البريطاني بزيارة عدن وأجرى مشاورات ومفاوضات مع وزراء حكومة عدن ورؤساء وزعماء دول الاتحاد الفيدرالي والسلاطيني.

وكانت آخر محاولات الاحتلال البريطاني في هذا الإطار إصدار قانون "التعدين والمواطنة العدنية" الذي أعطى بموجبه حق المواطنة والجنسية العدنية لكل من أمضى عشر سنوات في عدن بل لكل من يعيش في عدن وينتمي إلى" الكومنولث" البريطاني ولو عاش لفترة قصيرة.

وقانون المواطنة العدنية يهدف لمسخ عروبة عدن، وخلق قومية اندماجية لتحل محل قومية عدن العربية الأصلية، وكانت قد تأسست الجمعية العدنية سنة 1949م، وضمت هذه الجمعية المهاجرين المستقرين في عدن والذين ينحدرون من اصول هندية وإيرانية وصومالية, بالإضافة إلى العرب العدنية عدم السماح بوفادة أبناء الريف من المحميات والسلطنات أو من الشمال وإغلاق عدن أمامهم وطرد العمال المقيمين في عدن.

باعتبار عدن دولة مستقلة وذات حكم ذاتي وفيها برلمان وحكومة، وقصر الوظائف والأعمال والأرباح والحقوق والامتيازات وحصرها على العدنيين وخاصة الحاصلين على شهادة الميلاد العدنية وكان أغلبهم من أصول هندية وباكستانية وصومالية ، مع هذا الاتجاه الانفصالي والمناطقي المقيت والضيق ،فان الجمعية العدنية لم تطالب بخروج الاحتلال البريطاني ولم تعارض وجوده بل طالبت هذه الجمعية ببقاء الاحتلال مع الاعتراف بدولة عدن وانضمامها إلى دول الكومنولث وفي سنة 1954م .

وعلى نفس المنوال والاتجاه وفي سنة 1945م تأسس الحزب الوطني المعروف "بالوحدة الحضرمية" والذي طالب بإصلاح الأوضاع في حضرموت وإعلان استقلالها ووحدتها بعيداً عن المناطق الجنوبية والشرقية الأخرى، فضلاً عن شمال الوطن.
وفي هذا السياق جاء تأسيس رابطة أبناء الجنوب التي رفضت المناطقية ودعت لتوحيد الجنوب وألغت الهوية اليمنية والانتماء لليمن، والعجيب أن رابطة ابناء الجنوب دعت لإقامة وحدة عربية وأهملت إقامة وحدة يمنية، وحتى عندما برزت الأصوات المطالبة بالوحدة بين شمال اليمن وجنوبه ، فقد تم تناول القضية من خلال ان هناك قطرين وشعبين وكيانين منفصلين لهما صفاتهما وسماتهما المميزة .

ويوضح هذه الرؤية والتصريح الذي أدلى به الأمين العام لرابطة أبناء الجنوب شيخان الحبشي بقوله:" إن الرابطة تؤيد فكرة توحيد القطرين الجنوب العربي واليمن لا على أساس أن الجنوب تابع وخاضع لليمن أو بعض منه، أو أن عرب الجنوب ينتسبون إلى العرق اليمني بل على أساس قطرين عربيين متجاورين بل لا تقر الرابطة نظرياً المبدأ القائل بأنه يجب على الجنوب أن يتوحد مع الشمال أولاً وقبل كل شيء مهما كان النظام القائم في اليمن.

زر الذهاب إلى الأعلى