من الأرشيف

لم يكن ختامُها مِسْكاً !

بين كلفوت في مارب والكلفتة في صنعاء انتهت سنة 2013 اليمنية الحزينة . لم يكن ختام السنة مِسْكاً , بل دماًوباروداً في الضالع ورداع وسيئون ودمّاج وصعدة وصنعاء .

سنةٌ كلّفت اليمنيين الكثير بجرائم كلفوت في مارب والمكلفتين في كل مكان!
لم يكن لائقاً أن نتحاور لمدة ثمانية أشهر حول قضايا البيئة والتعليم , والتصحّر والمياه والإدارة على أهميّتها ونترك السبب الأساسي لانعقاد مؤتمر الحوار وهو القضية الجنوبية وشكل الدولة لآخر لحظة في الحوار ! هذا غشٌ بائن , وتدليسٌ شائن سيكلفنا الكثير لأننا لم نسطع بالحق والعدل , ولم نرفع راية القانون ومحاسبة الجناة , ومعاقبة ناهبي أعمارنا وسارقي أحلامنا أيّاً كانوا , ومِن أينما جاءوا !

عصيدكم متّنوها ! حكمةٌ شعبّية رغم بلاغتها لم تُشر إلى أن الجائعين هم في النهاية الضحية والمجني عليه .. أي الشعب وليس العصّادين على أشكالهم وأنواعهم! على أنه لابدّ من التأكيد أن البرمة في النهاية أهم من العصيد! ويتحمل العصادون مسؤولية سلامتها.

التاريخ لا يتوقف . قد يُعاق ويتم كَبْحُ جماحه لكنها هنيهات في حساب الزمن والتاريخ , ولذلك فإن العزائم يجب أن تشتد ولا تتبدّد كما أنّ المشاعل يجب ألّا تخبو أو تُخْمَد فالصراع ما يزال في أوْجِهِ في سبيل التقدم والمواطنة المتساوية , والديمقراطية والوحدة والجمهورية وكرامة الإنسان .. هذا قَدَرُنا , وهذه طريقُنا ولن نحيد عن أهدافنا .. لن نكون انعكاساً للصورة التي لا نحبها ولن نكون صدىً للصوت النشاز الذي نرفضه ! سنكون صوت الشعب وأحلامه وأمانيه .. ولن نتخلى عنه.

نحن ننسى أن كفاح اليمنيين أساسا خلال ألف سنةٍ على الأقل هو في جوهره من أجل المواطنة المتساوية والعدالة ,.. وفي القرن العشرين كانت ثورة الدستور سنة 1948 سبّاقة حتى على مستوى العالم العربي ! وفي الذروة من كفاح هذا الشعب كانت ثورة الجمهورية في سبتمبر 1962 قبل نصف قرن تلتها مباشرة ثورة الاستقلال والتحرر في الرابع عشر من اكتوبر 1963 .. الثورة التي أرادت أن تتوحّد بآلام و آمال الإنسان في العالم العربي بل والعالم كله !

هل ننتكس فتصبح أحلامنا أحلام العصافير وربما الصراصير ! هل ننتكص على أعقابنا ونتخلى عن أحلام شهدائنا في المواطنة المتساوية وإعلاء راية القانون والعدالة والتقدم .. وتصبح الحياة مجرّد صراع بين قطط وفئران في حارةٍ ضيّقة !

البعض يريد أن يجعل من الخلاف حول عدد الأقاليم المشكلة الكبرى.. وفي ذلك ذرٌّ للرماد في العيون بعد أن تمّ وضع السّم في الكعكة القاتلة ! نعرف ملعقة السم وماركتها ! والسم هو عدم المساواة بين المواطنين اليمنيين .. أقولها ببساطة شديدة حتى يفهم الجميع أن الكعكة ليست مجرّد سُمٍّ ناقع , بل هي أيضا تفخيخ للمستقبل القريب والقريب جداً ! تأملوا معي أحلام الإنسان البسيط اليوم مقارنة بأحلامه وآماله قبل سنتين حتى تكتشفوا كيف تم تحطيم الأرواح وتبديد الآمال .. كنتُ أصرخ خلال هذه الفترة وما زلت خوفاً على الوطن وعلى مآل أهله .. وما يزال البعض يتساءل .. ما هو البديل ؟!

بعد خراب مالطة يسألني ما هو البديل ؟! المنزل تأكله النيران , والحديقة تحترق وهو يسأل ما هو البديل ؟! يصبّ الزيت على النار وفي الظلام.. ويسأل ما هو البديل؟!... أيها المتذاكي أطفئ النيران أوّلاً, واضبط الجاني ثانياً , وأقم العدل بين سكان البيت ثالثاً ثم وزّع مهام إعمار البيت رابعاً ,.. ثمّ أقم تمثالاً لنيلسون مانديلا في الحديقة .. حتى ترى كل صباح ضوء روحه الذي يحكم العالم.. وليس غيرِ المواطنة المتساوية ضوء وحاكم..

زر الذهاب إلى الأعلى