من الأرشيف

قرار مجلس الأمن كارثة والترحيب به فضيحة سياسية

أثار قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2140 بشأن اليمن والذي اعتمده مجلس الأمن الدولي ‏بالإجماع أمس الأربعاء بتشكيل لجنة عقوبات تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ‏لبحث فرض عقوبات على جميع الأطراف التي تسعى إلى عرقلة عملية التحول الديمقراطي ‏في البلاد جدلا واسعا ومخاوف كبيرة من تبعات هذا القرار ومن وجهة نظري فهذا القرار ‏بمواده ونصوصه هو كارثة على اليمن لما يحمل من تدخل في كل خصوصيات وتفاصيل ‏الحياة اليمنية .‏

لقد أصحبت كثيرا من الجهات في اليمن مهيئة للاستعمار ومتقبلة له بشكل غريب فالجهات ‏الرسمية والحزبية اليمنية وبعض الذين نحسبهم على النخبة يباركون ويروجون لقرارات ‏مجلس الأمن التي أدخلت اليمن ضمن البند السابع والذي يعني التدخل العسكري وانتهاك ما ‏بقي من سيادته والتدخل في أدق خصوصياته وهذه كارثة كبرى ، وللأسف وبعض هؤلاء ‏طلبوا ويطلبون منذ زمن التدخل الأجنبي وبإلحاح ليكيدوا خصومهم وينالوا بعض التمكين كما ‏يتوهمون وهم يجنون على بلادهم ويبيعون وطنهم كما أن القرار ينص على فرض عقوبات ‏على جميع الأطراف التي تسعى إلى عرقلة عملية التحول الديمقراطي في البلاد والعقوبات ‏ستطال الجميع والعرقلة ستكون من وجهة نظر مجلس الأمن والجهات التي تقف خلفه .‏

‏ ومن وجهة نظري فمن السخف أن نصدق ان قرارات مجلس الأمن يقصد بها معاقبة صالح ‏والحوثي والبيض وإن نصت على ذلك أو لمحت له فهؤلاء يتحركون بدعم وتوجيهات مجلس ‏الأمن والأمريكان الذين يديرونه من وراء الستار وخلف الكواليس ويستخدمون هؤلاء كأوراق ‏بأيديهم وأدوات لهم قرارات مجلس أمن الأمريكان تستهدف إسكات وضرب كل من يعترض ‏على مشاريع الأمريكان التخريبية ومخططاتهم الإجرامية في اليمن ..‏

صالح والحوثيون والبيض يتحركون تحت سمع العالم وبصره ويمدهم الأمريكان بكل أنواع ‏وألوان الدعم والتأييد والتمكين وباستطاعة الجهات الدولية وعلى رأسها أمريكاء أن تحاصرهم ‏وتسلم أموالهم للدولة وتمنعهم من السفر وتضعهم على قوائم الإرهاب وتضغط على الدولة ‏لتحاربهم وتقصقص أجنحتهم لكنها لم تفعل ولن تفعل فهؤلاء هم أدواتها وخدام مشاريعها ‏ومنفذو مخططاتها في اليمن .‏

من وجهة نظري قرارات مجلس الأمن الدولي تعني :‏
‏1 هذه القرارات بما فيها إدخال اليمن تحت البند السابع تعني تكريس مزيدا من الوصاية ‏والتدخل الأجنبي في اليمن بما في ذلك التدخل عسكري المباشر وهو ما يجب أن نتعامل معه ‏كاحتلال يجب مقاومته بكل السبل والوسائل.‏
‏2 منع المؤسسات الدستورية اليمنية من القيام بواجباتها وممارسة صلاحياتها في اتخاذ ‏قرارات سيادية وهذا أمر له تداعياته السلبية ومخاطره الكبيرة على الدولة اليمنية وأمنها ‏واستقرارها ووحدتها الوطنية فهذا القرار يستهدف الدولة اليمنية وإضعافها وضربها في ‏الصميم . ‏
‏3- هذه القرارات تعني أيضا تدويل الصراع السياسي الذي يحدث في المشهد السياسي اليمني ‏وتحويله من حراك سياسي داخلي يخضع للقانون الوطني اليمني إلى صراع يخضع لاعتبارات ‏مصالح الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن.‏
‏4- لجنة العقوبات التي نص عليها القرار ستمارس صلاحيات منها فرض عقوبات قد تصل ‏لفرض حصار واستخدام القوة العسكرية وذلك سيدخل البلاد في دوامة مشاكل وأزمات قد ‏تؤدي لجعل اليمن دولة فاشلة وبقرار دولي كما يرى الدكتور إسماعيل السهيلي في منشور له.‏

المخرب والمعرقل لمصالح اليمن المفروض أن تعاقبه الدولة ويقدم للقضاء اليمني في ‏محاكمة عادلة ونزيهة وليس مجلس أمن الأمريكان وأعداء الأمة فالواجب على الجهات الدولية ‏دعم الدولة اليمنية بما يقوي سلطتها وقرارها ويحفظ لها سيادتها وليس بما يضعفها وينقص ‏سيادتها ويقلص قراراتها .‏

‏8 لقد قبلنا بالمبادرة الخليجية على أساس إيقاف الحرب وإحلال السلام والتسوية الوطنية ‏وليس من اجل إلغاء السيادة واحتلال اليمن وتخريبه وتمزيقه وضرب أي رافض لمشاريع ‏أعداء اليمن تحت لافتة "معاقبة معرقلو التسوية" وتحت عناوين شتى .‏

‏9 البعض يقولون : البلاد مستباحة منذ زمن والسيادة منتهكة ومنقوصة والطائرات ‏الأمريكية بدون طيار تقصف وتقتل بالشبهة فلماذا التباكي على السيادة ؟!! وأين هي السيادة ‏؟!!‏

وهؤلاء وجهة نظرهم ولسان حالهم : يكملوا تدخلهم باحتلال عسكري وخلاص ، وهو منطق ‏غريب فإذا كانت السيادة منقوصة والطائرات الأمريكية تستبيح البلاد وهو ما نرفضه بشدة فلا ‏يعني هذا أن يواصلوا تدخلهم والإجهاز على ما تبقى من سيادة الدولة وسلطتها وقرارها ‏الوطني وسلطة مؤسساتها والأصل والمفروض إنهاء التدخل وليس تعميقه وإكماله بتدخل ‏عسكري واحتلال كامل لليمن .!!‏

والبعض يقول : تقدمت به بريطانيا فلماذا الحديث عن أمريكا ؟ سبحان الله كان بريطانيا ‏تعمل بمعزل عن أمريكاء ؟!!‏

القرار أمريكي بريطاني مشترك وتقدمت به بريطانيا ولا يهمنا من تقدم به وإنما تداعياته ‏الكارثية وآثاره الخطيرة على اليمن الدولة والسلطة والاستقرار والأمن والحاضر والمستقبل .‏

وكعينة لقرارات مجلس أمن الأمريكان المواد 41 و42 وهما في نص شروع القرار فالمادة ‏‏41 تنص على التالي : "لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب ‏استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى أعضاء "الأمم المتحدة" تطبيق هذه ‏التدابير، ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية ‏والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفا جزئياً أو كليا ‏وقطع العلاقات الدبلوماسية".‏

وتنص المادة 42"إذا رأى مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها في المادة 41 لا تفي ‏بالغرض أو ثبت أنها لم تف به، جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من ‏الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي أو لإعادته إلى نصابه ويجوز أن تتناول هذه ‏الأعمال المظاهرات والحصر والعمليات الأخرى بطريق القوات الجوية أو البحرية أو البرية ‏التابعة لأعضاء "الأمم المتحدة".‏

الدول الغربية لديها أجندة ومصالح في اليمن والمنطقة ويبحثون عنها ويسعون لتحقيقها ‏وعلى حساب مصالح أبناء اليمن وآمنهم واستقرارهم وهي همهم الأول والأخير ومن يعيقها ‏سيعاقبونه بعصا مجلس الأمن وتحت لافتات شتى وعناوين عديدة أما تسليم أمر اليمن وقراره ‏لمجلس الخوف والجهات الدولية التي هي غطاء للتوجهات والمشاريع الأمريكية تحت لافتة ‏معاقبة معرقلو التسوية ومعرقلو تنفيذ قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة .‏

إن هذا القرار يجعل مخرجات مؤتمر الحوار وقرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة بمثابة ‏قرآن وتعاليم سماوية لا يجوز مخالفتها أو الاعتراض عليها ومن يعترض فالعصا لمن عصى ‏وهذا تطور جديد يقضي على ما تبقى من دولة يمنية وسيادة وطنية ويخلط الأوراق ويعقد ‏الأمور وربما يفضى إلى الفوضى والعنف خاصة إذا حدث التدخل العسكري ..‏

من وجهة نظري لا نضيع الوقت في إسداء اللوم لفلان ولا للجهة الفلانية بما فيها السلطة ‏يجب أن تتكاتف جهود الجميع لرفض هذا القرار ومقاومته وليس للترحيب به ومباركته ‏للأسف كما يفعل البعض من أبناء جلدتنا .‏

إن الحل لمشاكل اليمن من وجهة نظري هو بناء الدولة اليمنية بسلطتها الوطنية واستقلال ‏سيادتها وقرارها وتعزيز قوة النظام والقانون وإرساء دعائم العدالة والأمن وحل المشاكل ‏والمصالحة الشاملة ونزع أسلحة المليشيات المسلحة وتدعيم التعايش والسلام والتخلص من ‏الوصاية والتدخل الأجنبي هو واجب المرحلة على كافة أبناء اليمن .‏

زر الذهاب إلى الأعلى