في الوقت الذي نرى العالم يسير نحو الكتل الكبرى والوحدة، وما نراه اليوم في دور الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي والآسيان واتحاد دول أمريكا اللاتينية، ونرى التفاهم بين الأرثوذكس والبروتستانت والكاثوليك والسلام بين الفئات، نرى أن عالمنا العربي ينتكس نحو ما قبل ألفي سنة ما قبل دخول الإسلام من صراعات قبلية وعرقية ومذهبية، ونرى الحرب والقتال فيما بيننا، فماذا يجري وإلى أين المصير؟!.
نرى قتالاً وصراعاً عرقياً في السودان يسير وفق ما يريده العدو لإنهاء دور السودان الإفريقي وتمزيق هذا البلد الذي أوصل لانفصال الجنوب واستعداد البقية للتقسيم والهدف هو دور السودان كبلد له دور كبير، ولكن القيادات السودانية الحكومية والمعارضة مصممة على إنهاء دور هذا البلد المليء بالخيرات والخبرات التي نراها في كافة المجالات، فنرى سودانيين في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والخدمات الطبية والمحاسبين وغيرها من المجالات الاقتصادية وغيرها.
وهذه اليمن دولة فقيرة وظروفها صعبة وهناك إعلانات من منظمات الأمم المتحدة بأنها فقيرة وكارثة إنسانية عاشت محبة وأخوة وشعب واحد اليوم تتنازعه الطائفية الدخيلة الغريبة عليه، والقبلية والمناطقية وحراك جنوبي وحراك تهامي وهبه حضرمية وكلمات تتناقض مع الإسلام (دحابشة) خلافا للقرآن "ولا تنابزوا بالألقاب" وقتل المسلم من أخيه المسلم مع أن الإسلام حرّم دم المسلم واستباحة دمه، دماء في عمران وهمداب ودماء في الضالع ولودر وحضرموت. وللأسف فإن حضرموت التي تعتبر راقية والتي ذهب أهلها إلى إندونيسيا وشرق آسيا وإفريقيا لنشر الإسلام بالقدوة الحسنة والأمانة والقدوة، وحضرموت التي قدمت البطل محمد سعيد باعباد في تحرير فلسطين، اليوم تقتل الأبرياء وتدعو للعنصرية، لماذا كل هذا؟ لصالح من والكل يعرف أن الإسلام حرم العرقيات، ووصفها بالجاهلية رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم.
لقد دهشت وشعرت بالخوف من سخط الله وأنا أسمع إحراق وقتل أبرياء تجار لا علاقة لهم بالسياسة وغيرها يتم الاعتداء عليهم من مسلمين تحت مسمى "شماليين" وكنا أيام بريطانيا نعيش أخوة متحابين نصلي بالصف الأول وغيره جسداً واحداً واليوم بعد فشل الساسة الذين يعيشون في فنادق خمسة نجوم وبحبهم للسلطة ولإفلاسهم باعوا نفسهم للعدو الإيراني وأصبحوا يتاجرون بالقضية والعنصرية وتمزيق الأمة واستباحة الدماء، ونرى جماعات متطرفة تستخدم الدين كذبا وظلما لأجل استباحة دماء المسلمين بدعم من إيران وغيرها لتشويه الإسلام.
وماذا نرى في ليبيا ضرب النفط وقتل العسكريين وتخريب البلاد وتدميرها وبث الخوف والرعب تماماً مثلما يجري في اليمن صورة طبق الأصل. وهذا ما نراه في العراق من تصفيات وسفك دماء في الأنبار وانتهاك الأعراض وتدمير الجسور والخدمات الإنسانية والسجون وانتشار الحقد والكراهية ومحاربة الناس المختلفين الذي كانوا يعيشون أخوة متحابين. من يقف وراء ذلك؟
وهذه مصر مظاهرات وسجون وسب وكراهية وأحقاد وتدمير للبلاد وحرب داخلية لصالح من؟.
والإسلام دين المحبة والوحدة والرحمة ينهانا عن القتل والحرب ضد بعض ويعجب الإنسان أن لا يرى لجان مصالحة وتوفيق وجمع المختلفين في طاولات الحوار للعيش في وئام وإصلاح شأن الناس.
نحن اليوم نعيش كوارث إنسانية وفقر ودمار وجوع، فسوريا لا تحتاج إلى شرح والقلوب قاسية كأن الأمر لا يعنيهم. ونجد أن ما يجري مخيف جداً. ونجد إعلام يهلل لهذه الفتن ويساعد عليها، ولا نرى كلمة تدعو للصالح والسماح والعفو وجمع الكلمة.
ألا ترون أن هناك تجاهلاً لما يجري في فلسطين وقتلاً جماعياً وتدمير بيوت وتهويد القدس ومأساة إنسانية ووصمة عار في جبين العرب الذين تخلوا عن هذه القضية وقدموا لإسرائيل ما لم تحلم به من ترك فلسطين وشعبها لهم، وللأسف لم نجد في حضرموت ولا عمران وصعده ولا عدن ولا القاهرة ولا دمياط ولا بنغازي وطرابلس ولا بغداد وكركوك والخرطوم مظاهرات وحملات للشعب الفلسطيني وشعار القدس لأن عرب اليوم أصبحوا وكلاء لإسرائيل في إنهاء القضية الفلسطينية، ونجد مواقف وصراعات كلها تصب في خدمة تفوق إسرائيل، وفي وقت نرى تغير موقف الغرب تجاه القضية الفلسطينية وتحرك النشطاء لفك الحصار عن غزة ودعم صمود الشعب الفلسطيني.
إن مأساة شعب فلسطين وتخلي العرب عنه وعن قضايا القدس والمسجد الأقصى. وهذه إفريقيا الحزينة التي تركها العرب للغرب وشركاته وللحملات التبشيرية ولدور إيراني مشبوه في تضليل الناس الفقراء وتخلي الغرب عن الدور في إفريقيا وترك إسرائيل تلعب هناك، ويعود نفوذها الذي ذهب في السابق بجهود من الملك فيصل رحمه الله رائد التضامن الإسلامي. وهذه الأقليات التي تحتاج الأمة العربية في دعمها للحفاظ الهوية الإسلامية وحقوق هؤلاء. وهذه الأقليات المسلمة ومسلمي الروهينجيا ومسلمي آسيا الوسطى والصين وغيرها ينتظرون دعم اخوانهم العرب الذين أصبحوا بحاجة لمن يهديهم. والسر هو بعد العرب عن الله ولجوئهم للمادة وحب الدنيا والتهافت على الكراسي وعقدة الخلود في الدنيا.
هناك ساسة وعلماء ومفكرين وإعلاميين يظنوا أنهم مثل قارون وشداد بن عباد "من أشد منا قوة" "أنا ربكم الأعلى" "ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد" إعلام وساسة على مذهب "فاستخف قومه فأطاعوه" مهزلة كبيرة تجري حولنا تثير الغثيان وأصبح الجميع مهزلة ومسخرة أمام العالم في تصرفاتهم.
هؤلاء العلماء أين دورهم في توعية الناس فهم بين مادح يبحث عن مجد ومال ويتقرب لأهل السلطان والمال ويفتي لهم ويبرر ويفصل لهم الدين بالمقاسات المطلوبة، ومن فئة تكفر وتقدم الإسلام بطريقة العنف وكأنهم أوصياء على الإسلام وكأن الإسلام شركة هم وكلائها مثل شركات السيارات وكالة متخصصة لهم، وأباحوا دماء الناس واستكبروا واستباحوا الأموال وفرقوا الأمة تحت مسميات التكفير والتطرف والإرهاب، أو تحت الطائفية والعنصرية الكهنوتية بتشجيع من جهات خارجية تريد تشويه الإسلام والإسلام بريء منهم ولا يجدون من يوقفهم عند حدهم.
أين علماء العقل والاعتدال والعلم والتوجيه والإرشاد والحفاظ على هوية الأمة.
وأين المفكرين والإعلاميين العقلاء الذين يوعون الناس بهويتهم ويرفضون نشر الفتنة والتهريج والحقد، دلونا عليم أيها الناس!!