[esi views ttl="1"]

فخامة الرئيس.. الشعب لا يستحق كل هذا العقاب!‏

عندما خَرَجَت الملايينُ من اليمنيين في 21/2/2012 لانتخاب أو تزكية الرئيس هادي كانت ‏ممتلئةً بالحماس والأمل، وكنتُ شاهداً على حماس تلك الملايين وسعيداً بآمالها. وللأسف، فإن ‏شهور تلك السنة ما لبِثت أن بدّدت الحماس تماماً كي تتكفل السنةُ التالية في إدارة الدولة ‏بالإجهاز على كل الآمال.. أو كادت!‏

كانت الشهور الأولى صعبةً، وكان الجيش منقسماً، وكان المواطن عاذراً للرئيس لأن ‏موازين القوة ليست في يديه. وبعد أن تم توحيد الجيش لم يعد من مُبرِّرٍ قويٍّ لاستمرار ‏الاستلاب والتدهور..‏
لكنّ الرئيس كان مشغولاً بشيءٍ آخر.. كان مشغولاً بشكل الدولة القادم! وليس بإدارة الدولة ‏الحالية!‏

حاولتُ أن أنبّهَ مراراً بلا جدوى، حتى أنني كتبتُ صراحةً وبعد أسابيع من تولّيهِ الرئاسة ‏مقالاً في صحيفة الثوري بعنوان (مطبخ صناعة القرار بين الغفلة واليقظة).. كتبتُ ذلك في ‏وقت مبكر من 2012، وكتبتُهُ عن مَخاوِفَ على الوطن، وتقديرٍ لظرف الرئيس الجديد، ‏وقصدتُ بمطبخ صناعة القرار مجموعة العمل التي أصبحت تدير البلاد من منزله في شارع ‏الستين.‏

كنتُ أعرف أن المطبخ دائخٌ ومرتبك، ولا يكادُ يرى أو يسمع أحداً! وربما كان معذوراً في ‏البداية، لكن الكارثة أن الضيوف قادمون –والضيوف هنا أزمة وطنٍ وشعب- بينما المطبخ ما ‏يزال دائخاً ومرتبكاً! ولم تتوقف الكارثة هنا فحسب، بل تفاقمت حتى أصبحتْ سياسةً للإدراة، ‏وإدارةً للسياسة! وخُلاصتُها : لا ترى.. لا تسمع، ويكفي أن يتقدم الفرقاءُ بطلباتهم! ولِتصبحَ ‏إدارةُ الدولة وفق ذلك مجرّد مِقَصّ تقسيمٍ وتفصيلٍ تحتَ لافتةِ التوافق!‏

وبدلاً من إعادة تنظيم مطبخ صناعة القرار ورفده بالشباب والخبرة والحيوية فضَّلَ الرئيسُ ‏تعيين مستشارين وبعضُهم مُحالٌ لنيابة الأموال العامة! وهي قصة مملة تتكرر من عهدٍ ‏انقضى وحكمةٍ بائرةٍ لتجربةِ رئيسٍ مضى!.. الاهتمام بالشكل! وملء الفراغ بالفراغ! وآخِرُ ‏الفراغات الممتلئة بالهواء هيئة الرقابة على تنفيذ مخرجات الحوار قبل يومين.‏

هل تتذكرون لعبة الفئران والشوال ؟ المُحزن أن اللعبة بعد أن كانت مملة في سنواتٍ ‏مَضَت، أصبحت الآن قاتلةً لوطنٍ وأحلامٍ وآمال.‏

الشعبُ الذي خرج بالملايين مُتحمّساً مُتفائلاً لانتخاب الرئيس الأمل أصبح كئيباً ذاوياً يقضي ‏معظم أوقاته في الظلام وأصبحت أيامُهُ مجرد مأتمٍ طويلٍ لعزاءٍ لا ينتهي على القتلى من ‏الجيش والأمن المغدورين! وبدلاً من مكافأة الشعب الصابر يتم إنزال العقاب به كل يوم بإطفاء ‏الكهرباء وانعدام الديزل والبنزين وضرب الطيارات بلا طيار والزحام والهيئات المُستجَدّة!.. ‏وإرضاء النُخب بالوظائف حتى لو كانت شكلية!‏
شعبُنا كريمٌ ومكافحٌ يا فخامة الرئيس ولا يستحق كل هذا العِقاب!‏

زر الذهاب إلى الأعلى