أرشيف الرأي

"أصدقاء اليمن".. وأعداؤها!

اجتمع أصدقاء اليمن في العاصمة البريطانية "لندن" الأسبوع الماضي، وأحسنوا الكلام ثم انصرفوا، إلا أن ما يمكن تسميتها ب "أعداء اليمن" من تحديات ومخاطر أمنية وسياسية واقتصادية لا تزال قائمة تهدد حاضر البلد ومستقبله.

غير أن الجديد الذي خرج به مؤتمر "الأصدقاء" هو تشكيل ثلاث لجان لتيسير أعمال المجموعة في مساعدتها لليمن، سياسية واقتصادية وأمنية، إضافة إلى تجديد التزاماته المالية السابقة، كما جدد التزامه بدعم العملية السياسية الانتقالية الراهنة.. ولا أدري ما إذا كانت هذه المخرجات دليل فشل أو نجاح للمؤتمر، لغياب المعايير التي يمكن الحكم من خلالها، إلا أن الانطباع الذي تولد لدي هو أنه كان أكثر من عادي ولا يشكل أي فارق أمام التحديات التي تمر بها اليمن الآن.

فترحيل التشخيص للتحديات والمخاطر، العاجلة منها على الأقل، كما هو ترحيل المعالجات، إلى اللجان الثلاث، السياسية والاقتصادية والأمنية، أمر لا يبعث على التفاؤل بشأن إحساس أصدقاء اليمن بالمخاطر الراهنة التي يمر بها الآن والتي هي لا تحتمل التأجيل، والتي كان من الممكن تحديدها في ثلاثة مواضيع رئيسية، الأمن، الطاقة، الانتقال السياسي. وتكريس الجهود والسياسات والتمويلات المالية لأجلها كحاجة عاجلة.

قد يموت المريض والذي هو اليمن في هذه الحالة وهو ينتظر مساعدات الأصدقاء.. فالتعلل بغياب الرؤى والمشاريع المقنعة لاستيعاب تمويلات المانحين حجة غير مقنعة.. فالأمن كمشكلة وكحاجة ملحة وعاجلة سبب كاف لتخصيص تمويلات المانحين لمشاريع قطاع الأمن وتحديثه، والطاقة كأخطر أزمة راهنة سبب كاف أيضا لتكون محل تدخل المانحين ومساعداتهم، فإن كان دعم الموازنة العامة في توفير المشتقات النفطية المدعومة أمرا متعذرا في معايير المساعدات الدولية، فالاستثمار في قطاع الطاقة غير المكلفة كتوليد الكهرباء بالشمس والرياح هو يفي بالغرض، فمن جهة هو يوفر الطاقة الرخيصة والمستدامة، ومن جهة أخرى هو يخفف الضغط على الموازنة العامة التي يذهب جزء كبير منها في دعم الكهرباء المولدة بالديزل.

أظن أن قطاعي الأمن والطاقة، والانتقال السياسي، كمجالات كافية لعمل مجموعة أصدقاء اليمن، ليتجاوزوا به المخاطر التي تهدد وجوده الآن، فالاستثمار في التنمية والبنى التحتية، لا معنى له، حين يكون وجود دولة ما هو ذاته معرض للخطر.

لكن. هل على أصدقاء اليمن القيام بهذه المهمة عنا أيضا، لتحديد ما هو أولي وضروري؟!. قبل الحاجة إلى المساعدات الخارجية يحتاج اليمنيون إلى معرفة ما يحتاجونه أولاً. فلا نفع للأصدقاء حين لا ينفع المرء نفسه..

زر الذهاب إلى الأعلى