لا بُدَّ أن أعترِفَ بدايةً أنني تردّدتُ في كتابة هذا التوضيح أو التصحيح لخبرٍ نشرتهُ صحيفة "الأولى" بالأمس على صفحتها الأولى .. وكان ظنّي أنّه لو كلُّ أحدٍ في هذا البلد وأجوائه المُثارة الآن فكّر أن يردّ على ما يُنشر في الصحف لبدّد كثيراً من الوقت والجهد .. والعمر !
وللأسف , فإنّ الشريحة الحيّة في هذا البلد تُبدِّدُ كثيراً من الطاقات في مهرجانِ شتائمٍ ضخمٍ لا تبدو له نهاية حتى الآن , رغم أن الوطن قد أصبح بطاريةً توشك قوّتها على النفاد .. ولا أحد يتنبّه !
باختصار : لا توجد هيئة نُصح كما زَعَمَت صحيفة الأولى ولمْ تتشكّل , ولم يكن الشيخ الزنداني موجوداً على الإطلاق , ولم يكن هناك تحريضٌ على إعلان الحرب ضد طرف سياسيٍّ بعينه كما زَعمَت الصحيفة.
لقد كان الأَولى بالأُولى أن تتأكد قبل النشر وحتى تكون الأُولى حقيقةً لا خيالاً !
تداعَتْ مجموعةٌ من الشخصيات الوطنية المهتمّة بالشأن العام والمهمومة بأحوال الوطن للقاء .. هذه المجموعةُ لا يزيد عدد أفرادها عن اثني عشر شخصاً . ولمْ يكن من بينهم الشيخ الزنداني .. مع كامل الاحترام للرجل !
شخصياتٌ وطنية وبعضها من رجالات سبتمبر وأكتوبر وأساتذة جامعات فّكَّرَتْ أن تلتقي رئيس الجمهورية كي تقدم له مقترحات ترى أنها مهمة في هذا التوقيت الفارِق والخطِر الذي يعيشه الوطن , على أن تكون المقترحات في شكل رسالة (ولحسن الحظ فإنّ المجموعة ذيّلتْ الرسالة بأسمائها) .
ولأنّ رائدَ القوم لا يَكْذِبُ أهلَه , ولأنّ صحيفة الأولى تعثّرتْ وأساءتْ , ومَنْعاً للبلبلة وكشفاً للحقيقة –والحقيقةُ تُغضِبُ أحياناً- فإنني سأشيرُ إلى أهمِّ ما تضمّنتهُ الرسالة , لأنّ مُقتضيات الأمانة تمنعني أن أنشرها بالنَّص .
وإن كنتُ لا بُدّ أن أشيرَ إلى أنّ المقتطفات هي عناوين فقراتٍ من لحم الرسالة , وقطراتٍ من دمها ! وهذه هي :
• ضرورة فرض هيبة الدولة واحترام القانون وتطبيقه على الجميع , والإعلان عن أنّ الاعتداء على الجيش والأمن خطٌّ أحمر , وأنّ اقتحام المُدن والقرى اعتداءٌ على سيادة الدولة وإهانةٌ لكرامة الشعب.
• الإعلان عن أنّ استخدام السلاح خروجٌ سافرٌ على مُخرجات الحوار الوطني , والدولة وحدها مَنْ تمتلك السلاح وتحتكره .
• إعادة الاعتبار لثورة الشعب الكبرى 26 سبتمبر و 14 اكتوبر في إعلام الدولة وخطابات الرئيس تحديداً باعتبارها حَجَرَ الزاوية في صرح آمال الشعب وأحلامه في النظام الجمهوري , والوحدة والتقدُّم , والديمقراطية والمواطنة المتساوية.
• إعادة الاعتبار لمعنويات الجيش والأمن في ظرفٍ شديد الخطورة , هؤلاء الرجال الأبطال بحاجةٍ مُلِحّة في هذه اللحظة إلى جُرَعٍ وطنيةٍ ومعنويةٍ وإعلاميةٍ تُضيفُ إلى ثِقتِهم وتُعيدُ إلى أرواحِهِم ما تبدّد بالصراع والإهمال والغموض.
كما لا يجوز أن يخضع الجيش للتقاسم في هذه اللحظة الحرجة , ويجب تعيين المُخلصين الشرفاء حرصاً على كيان الدولة ووجودها.
• كيانُ الدولة وجيشُها أهم من التوافق الكاذب .. فللسياسيين أن يختلفوا سِلماً وفِكراً ووفقاً للقانون , أمّا أن يستخدموا السلاح ويشتركوا في السُّلطة التي يُصيبونها في مَقْتَل فهذا لا يحدث إلا في اليمن وقد آن لهذه الملهاة أن تتوقف.
لا يوجد توافق بالإجماع إلّا على القانون والحق , وهناك خارجون على القانون باستمرار وفي أي مكانٍ في العالم .
إننا يا فخامة الرئيس نُقدِّرُ صعوبة ما تواجهه ولسنا بصدد تقديم خُطة للدولة فيما تواجهه وهو كثير وخطير , ونعرف أنها مسؤوليتُك وإدارتُك اللتانِ سيحاسبك التاريخُ عليهما .. وأنت الرئيس المنتخب والمُجمع عليه , وبقدر هذه الثقة فأنت تتحمل المسؤولية بالدرجة الأولى .. ولكننا فقط نُشيرُ إلى مَكامِنِ خطرٍ تلوْح .. والوقائع ماثِلة والتاريخ يَنْظُرُ وينتظر ..,
والله من وراء القصد
تلك كانت نقاط الرسالة التي حاولَتْ صحيفة الأولى تشويهها , وعندما تتأمّل نقاطها الخمس ستعرف لماذا غَضِبَ فلانٌ وخَطَبْ , أو شَوّهها عِلانٌ وكَتَبْ ..!