تبدو عجلة العنف القاتل وكأنها الأكثر حركة وفاعلية في اليمن.. إنها لا تكاد تتوقف، وإن توقفت فلفترة، وعادة ما تكون استراحة محارب محترف ومتأهب للقتل، لتعاود من ثم دورانها بقوة، متنقلة بين ثنائية حاصدة للأرواح، تحت مبررات عدة، أشدها فظاعة تلك الذرائعية المشبعة بمسحة دينية.
ما بين مليشيات جماعة الحوثيين ومجازر تنظيم القاعدة، ثمة وطن يدعى اليمن، تزهق أرواح أبنائه على يد ثنائي متعطش للدماء. والمتتبع لمجريات الأحداث التي تحصل هنا أو هناك في اليمن، يتكشف له وجود الكثير من المناورات والعراقيل للعودة إلى أجواء الصراعات باستخدام أدوات الخراب والهدم، من خلال زعزعة الأوضاع في عمران، والتخريب المستمر وإشاعة الفوضى في باقي المحافظات.
فقد بات ثنائي العنف في اليمن متشابهاً اليوم أكثر من أي وقت مضى، حيث يشكلان ثنائية قاتلة لليمنيين، ومنهما تظل عجلة العنف هي الأكثر فاعلية ودوراناً، بحيث لا تترك للسياسة وقتاً مستقطعاً لإدارة مستقبل البلد المنهك، الذي لم يتمكن حتى الآن من مغادرة مربع الاضطرابات والعنف.
حرص المؤسسة الدفاعية والأمنية في اليمن على استكمال تجفيف منابع الإرهاب وملاحقة عناصره في كل المحافظات، إنما يدل على تصميم صادق على عدم إتاحة الفرصة أمام هذه المجموعات الإرهابية للإفلات من العقاب، أو احتمال إعادة تجميع عناصرها وتنظيم صفوفها لتعيد الكرة في استهداف الوطن والإضرار بمصالح المواطنين.
من هنا تأتي أهمية التأكيد على استمرارية التضامن والاصطفاف الوطني، في مجابهة عناصر الإرهاب والتطرف؛ من تنظيم القاعدة والحوثيين الذين يخططون للإضرار بمصالح الوطن وتعطيل وتيرة التنمية، فضلاً عن محاولة عرقلة مناخات التسوية السياسية، المتكئة على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني والإجماع الأممي في دعم تجربة التحول السلمي في اليمن.
وعلى الجميع أن يدرك أن المرحلة الآن تتطلب تضافر كل الجهود في الفترة المقبلة على أساس التوافق والتسامح، كما تتطلب تفاعل النخب السياسية، وعدم الانجرار وراء خطاب يتلمس الأعذار والمبررات لعناصر الشر والإرهاب لإطالة أمد عمرها واستشراء جرائمها.