من الأرشيف

كارثة وضع اليمن والصمت العربي

تمر اليمن اليوم بمرحلة خطيرة جداً من حيث الجانب الأمني والاقتصادي والإنساني. فهذا ‏البلد الذي أرادت إيران أن تجعله ناراً مشتعلة في كل إرجاءه لتتخذ منه ورقة مساومة في ‏الملف السوري وغيره من المصالح الإيرانية التي تتقاطع مع المصالح الغربية وفق التحالف ‏السري بين الطرفين الذي أصبح مكشوفاً ولم يعد سراً.‏

‏ فالتواطؤ والاختلال الأمني في صعدة الذي وصل إلى عمران. وما أن بدأ الناس يحاربون ‏المتطرفين والعصابات المسلحة في المناطق الجنوبية والبيضاء ومأرب وإب حتى بدأت تثار ‏أزمة محاصرة العاصمة وإعطاء النفوذ للحوثيين الذين كشروا عن أنيابهم ومخططاتهم بنسف ‏المساجد ومدارس تحفيظ القرآن السنية وضرب القوى المختلفة على نفس الأسلوب الذي ‏تمارسه إيران في لعراق عندما لجأت لإطلاق العنان لداعش وغيرها من جماعات الإرهاب ‏التي تصنعها وترعاها في المناطق السنية لقلب الطاولة على مقاومة العشائر التي ثارت تظلماً ‏تم التهجير لتحقيق هدفين هما تغيير ديمغرافية المناطق السنية وتهجيرهم وقبولهم بالمالكي ‏وجماعته بأنهم أرحم وفقاً لشروطهم وقبولهم بالذل والهوان وهذا ما يجري في اليمن للأسف. ‏

هذا البلد الذي يتم تدميره ليقبل الناس بأي حل مهما كان بإقامة دولة طائفية في الشمال لتكون ‏مبرراً وحجة لإقامة دولة جنوبية تحت سيطرة جماعة أنصار الشريعة. والهدف جعل اليمن ‏قلعة لتصدير الإرهاب الذي سيكون مجالاً لزيادة النفوذ الغربي في المنطقة وسيد المال ‏بصفقات أسلحة وأمينه من دول المنطقة للحماية ومكافحة الإرهاب الذي يمثل ما صنعه ‏الغرب في الستينات لأنظمة شيوعية. اللعبة معروفة تقسيم ... فوضى خلاقة. ‏

واليوم اليمن الذي يعيش أكبر كارثة إنسانية وخوف وانقطاع كهرباء وحالة سيئة وخدمات ‏صحية متردية وفق تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية. والعرب يتفرجوا ويكتفوا بقول ‏الله يعينهم. كان المنتظر من الدول العربية وبالذات دول الخليج أن تقف بحزم وقوة أمام التدخل ‏الإيراني وسعيه للتحكم بالبحر الأحمر وبحر العرب وتحقيق أطماع إيران في المنطقة التي ‏استغلت الظروف الراهنة والاحتقان العربي. ‏

وفي الوقت الذي لا نستطيع أن نراهن على الجامعة العربية فقد أصبحت بلا أسنان وشاخت ‏وهرمت، فالأمل كان بمجلس التعاون لاتخاذ قرارات دولية وغيرها ضد الجماعات المسلحة ‏ورفض أي تدخل في شؤون اليمن ووحدته وسيادة أراضيه إضافة إلى حملة إنسانية تشمل ‏الدواء والغذاء من منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية وحملات التيلتون والقنوات. ‏وكان المنتظر من قنوات كالعربية والجزيرة وقنوات الدول الخليجية أن تغطي بأخبارها ‏وتقاريرها المأساة الإنسانية وتقود حملات عبر القنوات لدعم الشعب اليمني عبر المنظمات ‏والجمعيات الخيرية وخاصة وأن شهر رمضان قادم.‏

لماذا تخلى العرب عن اليمن ولماذا اكتفوا بمؤتمرات المانحين؟ لقد شهر الاتحاد الأوروبي ‏والأمم المتحدة بحجم المأساة. لابد من تحرك إستراتيجي أمني وسياسي وإنساني لدعم الشعب ‏اليمني وإخراجه من أزمته. وستظل الأزمات والفتن والكوارث تطارد الدول العربية إلى أن ‏تصلح أمورها.‏

نحن بحاجة للجنة مصالحة عربية وإصلاح ذات البين ومحاربة الصراعات الطائفية والعرقية ‏والقبلية وإنها عار وتخلف في الحادي والعشرين في وقت تجاوز العالم هذه القضية والمشهد ‏واحد في صعدة وعدن وبغداد والموصل ودمشق وحمص وبنغازي لا يختلف.‏

آن الأوان لدول مجلس التعاون التي لازالت الأمل للعرب في مساعدة اليمن وإنقاذ أهله. ‏وكنت وغيري نتمنى حلقات تغطي حجم المأساة الإنسانية مصاحبة لحملة المجتمع المدني، ‏وذلك تضامناً مع الشعب اليمني في محنته، وإن على الدول العربية وبالأخص مجلس التعاون ‏الخليجي، أن يقرءوا جيداً ما يقوله روحاني وغيره من المسؤولين الإيرانيين بأن اليمن ‏والعراق وسوريا ملفات بيد إيران. وهذه إشارة خطيرة ورسالة لها ما بعدها إذا لم تقرأ جيداً. ‏ولذا يلزم حل المشاكل العربية وفق لجان مصالحة وعدم تجاهل الفتن والتفرج عليها لأن ‏نيرانها لن تقف في مكان واحد وهو ما يريده ويخطط له أعداء هذه الأمة.‏

زر الذهاب إلى الأعلى