إن الحركه النقابيه الطلابية و العماليه تعد احدى الركائز الاساسيه لبناء اي مجتمع مدني شريطة ان تكون حره و مستقله بعيده عن اي شكل من اشكال الاحتواء , ولطبيعة تركيبة النظام السابق وربما (الحالي) الرافضه لاي شكل من اشكال المدنيه , فقد عملوا بكل دأب وباستخدام كل الوسائل مشروعه أو غير مشروعه لإضعاف دور الاتحادات العماليه و الكيانات النقابيه وتدجينها وتسخير قراراتها لخدمتهم ضاربين بحقوق العمال والكادحين اليمنيين اصحاب المصلحه الفعليه من انشاء هذه النقابات عرض الحائط. وفي 11 فبرائر 2011 خرج الجميع منادين بتحقيق التنمية العادلة والاستقرار الاجتماعي والديمقراطي والسياسي ومحاربة الفقر والبطالة وكل مظاهر الإقصاء والتهميش ومحاسبة لصوص اعمارنا واقواتنا.
وبمرور ثلاثه اعوام منذ ذلك اليوم لم يتحقق من مطالبنا شيء بل الاوضاع ازدادت سواء فانتشرت البطاله وازداد الفقر وقفز الانتهازيون واللصوص الجدد ليقتاتوا ماتبقى وينهشوا فينا فانتشر الارهاب والقتل وازكمت انوفنا رائحة المؤامرات الحزبيه والطائفيه والمذهبيه القذره وفوق هذا اتفق الجميع علينا معلنيين جرعه اقتصاديه جديده لتنهي ما تبقى لنا من حيل للاستمرار في الحياة كحق انساني اصيل.
الجميع ضحايا وجلادين وخلال هذه الفتره من حكم هادي الرئيس الانتقالي انشغلوا بالفعل السياسي والمحاصصة والتقاسم وتزاحموا على المناصب و الميكروفونات وشاشات التلفاز وتغافلوا بقصد أو بدون قصد عن دورهم الاجتماعي كثوار, فعمدت القوى الرئيسيه في الوفاق إلى تغييب دورها اجتماعيا والقضاء على أو تغيب واضعاف ادوات ذلك الدور واهم تلك الادوات هى النقابات والاتحادات العماليه والتي على عكس ما كان متوقع فانها قد تراجعت وتخلت عن مسئولياتها فاسحة المجال لاحزاب كرتونيه وقبائل متصارعه وقوى طائفيه ومذهبيه قذرة.
وهكذا فان السياسين في تلك القوى قد نسوا بانهم قالوا لنا ذات يوم حين كان صالح يحكم بان التغير الحقيقي لا يأتي الا مجتمعيا وعبر النقابات ولا يكون إلا عبر الوعي التام للحركة النقابية بالعلاقة الجدلية بين تحقيق التنمية في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتقدم المطرد على درب الديمقراطية والحريات العامة والفردية والمساواة واحترام حقوق الانسان.
نسو أو تناسوا في زحمة التقاسم على الكراسي والمناصب بانهم قالو لنا يوما بانه لا ديمقراطيه الا باستقلالية العمل النقابي الطلابي والمهني والمجتمعي، وانه باستقلاليته عن كل هيمنه سيتمكن من تبوُّء مكانه الطليعى في مسار التنمية المتوازنة و تطوير المجتمع و تحديثه بالمشاركة الإيجابية الفعالة مع باقى أطراف الانتاج وقوى المجتمع المدنى الأخرى في صنع القرارات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية من أجل مجتمع تسوده الحرية والعدالة والمساواة وسيادة القانون.
فهل يتذكر السياسيون المتصارعون والمتامرون على بعضهم اليوم بعض ما علمونا اياه بالامس ؟ إن التحولات العميقة والبنيوية الجارية اليوم داخل المجتمع تطالب الحركة النقابية اليمنيه وتستفزها لانجاز الأجوبة الخاصة بالمرحلة وهو ما يستدعي التفكير الجماعي في الإمكانات التغييرية التي يمكن أن يوفرها دور النقابات العمالية والمهنية في مرحلة دقيقة كهذه من تاريخ اليمن التي تشهد مخاضا عسيرا في سياق التحول الديمقراطي والاجتماعي بما ينسجم مع المواقف التاريخية للحركة النقابية التي كانت يوما ما رديفا للحركة الوطنية وبما يعزز الوفاء والانحياز لحقوق البسطاء والكادحين.
وبعيدا عن أي تناول سياسي أو حزبي ضيق يفرط في شرعية المعركة النضالية من اجل العدالة الاجتماعية والحرية ومناهضة الاستبداد والفساد لصالح خدمة الموقف الحزبي ، نثير سؤالا اليوم هل الحراك النقابي سيعود لياخذ دور الرياده في المعركة ضد الاستبداد والفساد والحيف الاجتماعي والتضييق على الحريات والحقوق أم انه سيظل مغيب و منشغل بقضايا مغايرة حددته له اطر حزبيه ضيقه و حرفته عن معركته الأساسية ؟