الوضع يحتاج إلى رئيس سيد قراره.. يستعرض المعطيات على الأرض ويتخذ قرارات سريعة وحاسمة استناداً إلى مسؤوليته التي يلزمه بها المركز الرئاسي الذي يشغله..
أما أن يتلفت يميناً ويساراً ويُدوِّر الأحزاب ليجتمع بهم و"عمان" لكي تتوسط لدى إيران ، والرعاة العشرة "ليبهرروا" بدلاً منه فوق جماعة الحوثي التي بدأت مرحلتها الاستراتيجية في العاصمة وحولها، ويدور له من جديد "مؤتمر وطني", فذلك العجز المزمن؛ العجز والتردد والشلل وانعدام الفاعلية التي لم يطلقها من عقالها حتى رنين جرس الخطر الأكبر في العاصمة..
تحرك يا رئيسنا!! الموضوع جدٌ لا هزل فيه ولا مزاح.. كل الخطوات المذكورة وغيرها تأتي لاحقة لحركتك ومساندة لها وليست سابقة لها..
***
الحوثي قفز هذه المرة فوق الشجرة العالية؛ العاصمة صنعاء.. وبالتالي؛ إما أن ينجح وتبدأ احتفالات التتويج والنصر, أو يفشل ويبدأ البحث عن سُلّمْ للنزول من فوق الشجرة العالية حتى لا يضطر للقفز ويتكسر..
ألزم عبدالملك الحوثي جماعته بموعد زمني محدد؛ الجمعة القادمة, إذا لم يتم تغيير الحكومة يبدأ التصعيد بالإجراءات الأخرى عبر تعميمات ستتلقاها اللجان التنظيمية لجماعته.
ومضمون التفاصيل يستنتج من أسلوب المخيمات جوار العاصمة والزحف من كل المحافظات والمناطق باتجاهها، وهو أسلوب قريب من الذي طُبق في عمران، وبنفس الحيثيات التي رافقته: "سيردون إذا استهدفوا بالسلاح"..
وإزاء هذا الإلزام القاطع يكون الحوثي أمام خيارين؛ إما أن يغامر بمواجهة مجهولة العواقب وتختلف عن سابقاتها فيما إذا كان قراره منفرداً، ولم يأتِ بالتنسيق مع حليف في العاصمة، ولم يعمل حسابه أيضاً للتغطية السياسية اللازمة من الخارج الإقليمي والدولي لمثل هكذا خطوة حاسمة " العاصمة "..، خطوة ستغير جذرياً في المسار كله ومآلاته, أو يتراجع عن مغامرته إذا كانت بالفعل منفردة.
وفي هذه الحالة سيحتاج إلى سُلّمْ لتمكينه من النزول من الشجرة العالية التي قفز فوقها.. وعلينا أن ننتظر راياته العالية وشعاراته, احتفالاً بالعاصمة والتاج أو رؤية " السُلَمْ " الذي سيستخدمه للنزول من الشجرة العالية؛ العاصمة صنعاء..
***
كان واضحاً ومؤكداً في بداية الانتقالية أن "حكومة المحاصصة الوفاقية " هي نقطة ضعف المرحلة, غير أنهم بقوا جميعاً يدافعون عنها، حتى وقد وصل الإخفاق ذروته بالجرعة, وزاد أنضم لهم مؤخراً الرئيس السابق وحزبه.
وكل ذلك حتى لا يؤدي تغييرها إلى الإخلال بأسس المحاصصة التي قامت عليها، وكذلك المخاوف المتبادلة بين أطراف ميزان القوى الجديد الذي لا زالت تحالفاته سائلة وغير مكتملة وتخضع للعبة الكراسي الموسيقية بينهم " الرئيس عبد ربه ومركزه الرئاسي وحراكه، الحوثي وتياره، الرئيس السابق ومؤتمره، الحلف الإقليمي العازل، الراعي الكبير"..
أما المشترك كله بما فيه حزب الإصلاح فيبدو كقطعة فلين تتقاذفها الأمواج بعد أن فقد روابطه ووحدة الرؤية التي كانت تجمعه، وفاقدة لتوازنها كتكتل وكأحزاب منفردة، ومسلمة أمرها للموجة الغامضة والفعل الوحيد الذي تتمسك به هو خيط مشاركتها في الحكومة، والذود عن حصصهم حتى وإن كان الثمن التفريط بشعبية أحزابهم وتوجهاتها، إلى جانب التفريط بالبلد ودولته والمصلحة العامة للشعب..
في ظل هذه المعطيات كلها وبجانبها رئيس ضعيف ومتردد وتمزيقي؛ تبرز قوة جماعة الحوثي الذي تقوت عزائمها في عمران، وقاب قوسين أو أدنى من ضم الجوف لسلطتها؛ ووجدت في فشل السلطة الانتقالية الذي وصل ذروته بالجرعة القاتلة فرصة لا تعوض لفرض قوتها السياسية وقدراتها التحشيدية الجماهيرية كأمر واقع في العاصمة؛ لتحقيق هدف إقالة الحكومة كهدف جزئي وفرض سيطرتها على العاصمة صنعاء كهدف استراتيجي وبقوة الأمر الواقع .
هذا الطوق الذي تقيمه جماعة الحوثي حول العاصمة نقطة فاصلة لا مجال لتجاهلها.
ومواجهة هذا التوظيف للمزاج الشعبي الذي تقوم به جماعة الحوثي لا يقتصر على مواجهة الخطر الأمني الذي بدأ بالطوق المخيماتي والتهديدات بالإجراءات الأخرى بعد الجمعة القادمة, بل يتوازى معه البدء بإصلاح مسار السلطة الانتقالية الذي انحرف عن مساره ومراجعة المخطط التمزيقي الاحترابي الذي ينفذ برعايتها، ووضع حد للتواطؤات التي أوصلت البلد إلى هذا الحال، وتغيير الحكومة وفق معايير تحتكم لحاجة المصلحة العامة للشعب والبلد وليس وفق معايير المحاصصة، وليس بإلقاء اللوم على الحوثي الذي وجد فراغاً فهبّ ليملأه..
***
لو صح أن الرئيس دعا ل " مؤتمر وطني " في اجتماعاته أمس وأمس الأول.
فذلك يعني أنه لا يريد مواجهة التهديدات الأخيرة التي تطوق العاصمة، وإنما تثبيتها وتركها تأخذ مداها كاملاً كخطوة أخيرة في مرحلة التفكيك و الانطلاق نحو الخطوة التالية بعقد مؤتمر حوار وطني وفق المعطيات القائمة بين شمال وجنوب وطوائف ومذاهب, في ظل سقوط نهائي للدولة..