هل يحضر القرار السياسي بعد غياب ثلاث سنوات ؛ ويخرج اليمن من حالة اللادولة التي وصلت اليها..؟
هل يعود الرئيس إلى الرأي العام والشعب الذي أضاعه وتجاهله طوال السنوات الثلاث الماضية ؟
سجل الدم والاستنزاف والخراب والتشظي واللادولة عموماً كان فادحاً وكبيراً خلال الثلاث سنوات الانتقامية … ومع ذلك يمكن أن يحدث فارق كبير لو تغير حال القرار السياسي المشلول واستعاد عافيته وامتلك زمام المبادرة وخرج من حالة الشلل وانعدام الوزن التي أقام فيها حتى تحولت الحياة عموماً في اليمن إلى مسلسل صدمات ورعب وانتكاسات ومخاوف لا تنتهي.
تغير حقيقي في القرار السياسي. أو بالأصح حضوره ؛ لأن وجوده شبه منعدم. إذا حدث ذلك فسوف تضع اليمن خطوتها الاولى والاهم في مسار التعافي النقيض للمسار الانتقالي الكارثي بكل المقاييس والقرار السياسي يقع مركزه الأساسي في دار الرئاسة وليس غيرها.
أول ثمار حضور القرار السياسي هو فصل قضايا التوافق والحوار عن قضايا المسؤولية والقرار ؛ ومن قضايا القرار تحمل الرئيس مسؤوليته في حماية أمن مواطنيه وبلدهم ومدنهم. هذه أولى وظائف الدولة ؛ وإذا حضر القرار السياسي الحازم فلن يحتاج لحرب حتى يتم إقناع الحوثي بأن مجاميعه المسلحة في مداخل العاصمة عمل أهوج ينبغي التراجع عنه ؛ لأن حضور القرار السياسي الوطني الجاد بحد ذاته سيكون كافيا لإقناع الحوثي بالعدول عن مغامرته الهوجاء.
وإذا لم يفعل فبإمكان هذا القرار الجاد والحازم أن يستخدم قوة الرأي العام والمزاج الشعبي الضاغط ، اللذان سيكوننا حاضرين فيما لو ترسخ في الوعي الشعبي ان القرار السياسي قد حضر فعلا وان القطيعة مع النهج التدميري السابق قد تمت. وهذه أيضا لن تكون بحاجة إلى حرب.
ولو أضطر إلى الحرب حينها سيكون في موقع رجل الدولة القوي الذي استنفذ كل الوسائل ولم يبقى معه خيار غير استعادة سيطرة الدولة على محافظاتها الخاضعة لسيطرة جماعة مسلحة بأدواتها المشروعة كدولة اربوضع الحوثي وخياراته ستختلف جذريا سواءً في مخيمات المسلحين حول العاصمة أو عمران وغيرها لو حدث هذا التغيير المأمول في أداء مركز الرئاسة ؛ التغيير الذي ينضبط تماماً بالمصلحة الوطنية العامة ويتسق رتم حركته مع نغمتها.
والخطوة الثانية الموازية هي تغيير الحكومة بقرار منفرد من الرئيس ، وتكليف شخصية يثق بها المزاج الشعبي لتشكيل حكومة بمعيار الكفاءة اولا وأخيرا.
الكفاءة اولا ؛ حتى لو حضر بجانبها معيار التمثيل الواسع وطنيا كمعيار ثانوي منضبط بالكفاءة وليس باختيارات المحاصصة الحزبية الهوجاء .
لو انضبط الرئيس والمكلف برئاسة الحكومة بمعيار الكفاءة بشكل كامل ؛ وأزيح كل الدخلاء حول الرئيس من أقارب من الاسرة والمنطقة وأولهم جلال ؛ واقتنع الرئيس بالتخلي عن مرض ” رجال الولاء القرابي ” كمحمد ناصر احمد ولخشع وغيرهم ؛ وتحررا هو ورئيس الوزراء من لوبيات التشويش الحلزونية ؛ فسيكون بإمكان الرئيس ورئيس الوزراء الاعتماد على التأييد الشعبي الكاسح الذي سيحررهم من ضغوط جميع الاحزاب والمتحاصصين وآخرهم جماعة الحوثي.
ثالث خطوات المراجعة هو مراجعة السياسة الاقتصادية للدولة بشكل جذري تخضع بموجبه موازنة الدولة لتغيير جوهري ويتم إصلاح نظام الخدمة المدنية ومراجعة موازنة الجيش والأمن وتنقيتها ، وتحرير السياسة الاقتصادية من روشتات الجرع ومن معيار توفير الموارد كيفما اتفق ؛ وهذا لو حدث ومضت فيه الدولة خلال ثلاثة أشهر ستجد ان بإمكانها توفير موارد أضعاف الموارد التي وفروها بالجرعة ؛ وبإمكانهم حينها اما ان يلغوا الجرعة أو يتم زيادة رواتب الموظفين بنسبة لا تقل ان 100% .
رابع الخطوات هي مراجعة انحرافات الحوار ومخرجاته ؛ والالتزام في صياغة الدستور بالهوية الموحدة لليمن وتلافي الألغام التي تضمنتها المخرجات.
ويتم المضي في صياغة الدستور بالتوازي مع جهد مكثف على الارض لاستعادة هيبة الدولة وسيطرتها على التحديات الامنية وأولها الارهاب وسلاح جماعة الحوثي.
الأهم فيما يتعلق بمراجعة ألغام المخرجات الحوارية هو ان مضي الدولة في المسار الصحيح في الخطوات الاولى سيخلق وضعا آخر ومعطيات اخرى ومزاج اخر يساعد كثيراً في تجاوز هذه الألغام الحوارية التي صممت لتدمير اليمن بترافقها مع مخطط استنزاف مرعب خلال السنوات الثلاث العجاف أوصل اليمن واليمنيين إلى حالة الواضح والمؤكد الوحيد فيها هي سمة ؛ اللادولة ..!