[esi views ttl="1"]

ماذا بعد حروب الشرق الأوسط

أعتقد العرب بعد سقوط الاتحاد السوفييتي أن الولايات المتحدة هي أقوى قوة في العالم، فبدأ هؤلاء يركضون لاسترضاء هذه القوة الأحادية في العالم، وبعد الاتحاد السوفييتي من مصر في عهد السادات، كانت بداية عهد جديد في المنطقة، تصارع السادات مع جبهة الممانعة، وهي العراق وسوريا وليبيا.

ثم دخلت إيران على الخط وكانت إيران هي القوة التي أرادت لها أمريكا أن تكون قوة لتغيير خارطة الشرق الأوسط، وبدأت قوى اللوبي الموالي لإسرائيل تعمل لإضعاف خصومها ولم يكن هناك حل سوى الحروب وتقوية إيران واستخدامها هنا لأجل ضرب وإشغال وتقسيم العرب وبدأت إيران في أول الخطوات بجر العراق للحرب واستنزاف العرب، وفعلا وجدت دول الخليج نفسها في خطر من التمدد الإيراني الذي لم يخفي أطماعه التوسعية والإشارات إلى ذلك حيث أن هذا النظام الذي خلف الشاه كان بتوافق مع القوى الغربية، وهو الذي لم يفهمه العرب سنوات، الذين ساروا مع الإعلام الغربي وسلموا له بكل ما يقول، وظل العرب سنوات يراهنون على ضربة أمريكية أو إسرائيلية أو دولية على إيران وانشغل محللوهم الصحفيين في تضليل الرأي العام وأصحاب القرار وتخديرهم بالأخبار التي لا تعبر عن الحقيقة في الوقت الذي حذر فيه الكثير من أن هناك تحالفا أمريكيا إيرانيا إسرائيليا لتقسيم المنطقة وإدخالها في مشروع تقسيم، وفي ظل هذه الأحداث وإدخال العراق في كارثة غزو الكويت ثم غزوه تم تسليمه لإيران كان يجب أن يقرأ العرب ما بين السطور، تجاهل العرب التحالف في العراق وحصروه في ذلك ولم يقرأوا أن المشروع أكبر مما يتصوره العقل، وذلك بالانخداع بالشعارات الإيرانية تماما مثلما يجري من انخداع البعض بشعارات الحوثي ضد أمريكا وهم حلفائها بالسر وهي تضرب لهم القبائل في البيضاء وتخدع العرب بأن الولايات المتحدة ستضرب سوريا ولكن التحالف الإيراني الأمريكي صنع النصرة وداعش لصرف الحرب عن بشار وتشتيت الجهود.

كل هذا بسبب غياب رؤيا مستقلة عربية عن الأحداث في المنطقة وحدت أمريكا شريكا لها إيران في سوريا والعراق ولبنان ودعم معارضة البحرين، ولا أريد أن أقول أن هذا يعني انسجاما وإنما مصالح مشتركة حسبما عبر عنه الباحثون الاستراتيجيون الأمريكيون، لأن أمريكا والغرب يحترمون القوي، وإيران رغم خلافاتها إلا أنها لا يمكن أن تفرط بسيادة الدولة تماما مثل إسرائيل.

العرب اليوم على مفترق طرق خطيرة تتمثل في ضياع الهوية وعدم الثقة بالنفس والصراع على السلطة والمصالح الفردية وتقديمها على مصالح الأمة ومستقبل الأوطان.

أضف إلى الركض للدول ذات المصالح والتي لم تقدم موقفا عادلا نحو شعب فلسطين وتصر على جعل هذه القضية في الثلاجة وتشجع إسرائيل على أعمالها التي تتناقض مع الشرعية الدولية وحقوق الإنسان والغرب هو نفسه الذي يترك مليشيات إيران والجماعات الإرهابية تدمر العراق ويعطي النظام السوري إكسير الحياة ليستمر في تدمير شعبه ويشجع الصراعات التي ظهرت فيما يسمى بالربيع العربي والذي لم تظهر خفاياه حتى الآن، وسيأتي من يكشف أبعادها.

ما يجري في المنطقة من حروب مدمرة تضر باستقرار المنطقة التي تم إشعال الحروب فيها ودفع الأطراف المتنازعة للوقوع في هذا الوحل ويمكن القوى العالمية من ممارسة دور المنقذ واستمرار الهيمنة الأجنبية الخطيرة بما يضر بمستقبل الأمة ، فلذا عندنا ليبيا واليمن والعراق وسوريا ولبنان إضافة لمحاولة إدخال مصر في هذا الصراع وإنفاق الأموال من كل جهة مع طرف معين بالإضافة إلى سوء الثقة والحروب غير المعلنة من دول مع أطراف مختلفة في مناطق النزاعات، إضافة إلى الاتهامات والسب بأسلوب حديث وهو تكرار لما كان في الستينات أيام الصراع بين اليسار والشيوعية من جهة، والأطراف المحافظة من جهة أخرى، وهي تتكرر اليوم بأسلوب أكثر عنفا وتطورت وسائل الإعلام في ذلك، ولكن الميزة الطيبة التي حرم منها جيل اليوم أن الجامعة العربية أيام عبدالخالق حسونة وسيد نوفل كان لها حضور ومظلة، إضافة لقيام دول كالعراق والمغرب والجزائر والكويت بتبني مشاريع المصالح وجمع الشمل، وللأسف اليوم لا نرى هذا المشهد.

لذا ليس أمام العرب سوى التحرك في إطار المصالحة والضغط على الأطراف المعنية بوقف مواجهات الشارع واستعمال العنف والعمل ضمن المؤسسات الدستورية وصدور قرارات عفو والقبول بجميع الأطراف، ولرفض الإرهاب والعنف واستخدام السلاح للوصول للأهداف. أكبر سلاح أمام الجماعات المسلحة الإرهابية هو المصالحة الوطنية والقبول بالشراكة الجماعية. كما يجب دراسة آلية معالجة المشاكل التي تسبب في ذلك من النواحي الاقتصادية والاجتماعية ويجب اتخاذ قرارات حازمة للتدخلات الخارجية.

فالوحدة وجمع الشمل والحوار سيساعد على عودة الصف العربي والقبول بالحوار والعفو والمسامحة وعدم استخدام العنف والوسائل المشروعة. إضافة لتحديد العدو وعدم المفاوضات بشكل انفرادي يمكِّن الخصول ممن يشعلون النيران باللعب والمناورة بل يجب اتخاذ القرارات القوية التي ترغم هؤلاء على وقف تدخلاتهم ورفض استراتيجيتهم لتدمير هذه الأمة وبسن النفوذ عليها. وهذا يحتاج إلى مشاريع قوية وقرارات شجاعة وتحتاج إلى مبادرة من العقلاء في أمتنا للحفاظ على مستقبل هذه الأمة.

زر الذهاب إلى الأعلى