لا يختلف كثيرون على أن أغلبية من خرجوا في العام 2011 من أجل التغيير في اليمن وفي دول عربية أخرى، خرجوا لأجل الأفضل، بغض النظر عمّا إذا كان ما قاموا به هو الوسيلة الأنسب، وعما إذا كان الخيار خاطئاً أم صائباً، وعما إذا كان من يحرّكون الشارع أو يحدّدون مفرداته أبرياء أم لا؟.
كانت هناك جملة من السياسيات والأخطاء أثمرت وضعاً سياسياً واقتصادياً مختلاً دفع الناس إلى الاحتجاج والمطالبة بالتغيير؛ لكن ما هو أهم أن الهدف النبيل لا يعني أن الخيار الذي نختاره يكون دائماً الخيار المناسب، فإذا أراد سجين في موقع مرتفع أن ينال الحرية، فهل يكون القفز سبيلاً إلى الأفضل أم لضرر أكبر؟، وها هو السعي إلى الأفضل تحوّل إلى ثغرة يضيع من خلالها ما هو موجود من دولة وتتصاعد الجماعات من خلفيات مناطقية وطائفية وجهوية، ويذهب الجميع ضحية.
**
قد يقول قائل: إن ما يحدث ارتداد عن “ثورة” 2011، أو هو عقاب عليها.. ليس هذا صحيحاً ولا يخلو من بعض الأسباب.. الأهم: هل ما يحدث في اليمن ارتداد عن 2011 أم هو ارتداد عن 1990 و1963 و1962.. إلخ؟.. من المهم النظر إلى التهديدات بحجمها حتى يتسنى لنا تقليب الخيارات السليمة تجاهها، الوضع أكبر من قضية ثورة 2011، لأنه أصبح تهديدات وجودية للدولة والمجتمع، تهديدات من ذلك النوع الذي واجه الصومال أو العراق وبلداناً أخرى. وإزاء هذه التهديدات يبدو الحديث عن “الثورة” مضيعة للوقت وتواطؤاً مع الخراب، أو هو التوصيف الخاطئ الذي يجعل العلاج خاطئاً، لأن التحديات أكبر من ذلك وتتطلّب النظر من زاوية أوسع وأشمل تنتهي معها تقسيمات 2011، ليشعر الجميع أنه معنيٌّ بتحرّك وطني لإنقاذ الدولة.
**
التمسُّك بما بقي من الدولة واستعادة ما ذهب منها.. يتطلّب طي الماضي وتجاوز الخلافات والتصنيفات السياسية (حزبية، مناطقية، وغيرها) عدا ذلك، لا يوجد طرف يستطيع الإدعاء أنه سيعيد البلد إلى الأمان بلمسة سحرية، مهما كان هدفه صادقاً، ومهما كان ما يأخذه على الآخر. الدولة التي هي مؤسسة الشعب بعمومه، هي ما يجب الانحياز إليه، والانتماء إليه والدفاع عنه.