أرشيف الرأي

هادي كمظلة للفاسدين و"مَفْرَشَة" للحوثي!

قال عبدالملك الحوثي اليوم إن الرئيس هادي جعل من نفسه مظلة للفاسدين، لكنه نسي كما يبدو أن هادي كان مظلته أيضاً، مظلته التي أتاحت له ممارسة أمور كثيرة أقلها سوءاً وفساداً: الفساد، وسرقة أمور كثيرة أهونها وأقلها أهمية وخطورة: المال.

يكفي أن نقول إن هادي كان مظلة الحوثي في السيطرة على العاصمة والمدن والمحافظات الأخرى قبل وبعد صنعاء، فهذا وحده يعني أنه كان مظلته في ممارسة والحصول على أمور كثيرة: كان مظلته في نهب المعسكرات ومؤسسات الدولة والسيطرة عليها، ومظلته في الإنقضاض على الدولة وتقويضها، ومظلته في... لن ننتهي إذا ما واصلنا جَرْد الأمور التي مارسها الحوثي وحصل عليها تحت مظلة هادي.

إذا كان هناك شخص في اليمن خدم الحوثي أكثر من الحوثي نفسه فهو الرئيس هادي، هادي الذي لم يتصرَّف في موقعه كرئيس للدولة قدرما تصرف ك"بوَّاب" للحوثي: إنه "البوَّاب" الذي ترك أبواب العاصمة وكل المحافظات مشرعة أمام الحوثي، ولم يكتفِ بهذا، بل أدى أيضاً دور "المظلة" التي شرعنت له كل ما يفعل:

من أين نبدأ؟ من عمران التي زارها هادي بعد استيلاء الحوثي عليها، وأعلن "استلام الدولة لها"، ليتضح أنه كان يكذب على شعبه، ولماذا كان يكذب ياترى؟ لكي يطمئن بضعة سفراء أبدوا لهم قلقهم من استيلاء الميليشيا على عمران وفاتحوه برغبتهم في نقل سفاراتهم إلى جيبوتي!

أم نبدأ من العاصمة التي هيأ كل الظروف لإدخال الحوثي اليها؟ لنبدأ من قرار "الجرعة" الغبي والقاتل الذي اتخذه في لحظة عصيبة يمر بها البلد متجاهلاً كل المطالبات بالغائه والتحذيرات من عواقبه. لقد أعطى الحوثي أول وأكبر فرصة تاريخية للتحدث بإسم "الشعب" والظهور بمظهر القوة الوحيدة المنحازة له في رفض الجرعة. ولم يكتفِ بهذا، بل ترك الأمور تتطور حتى وصلت إلى 21 سبتمبر وأوصلت الحوثي للعاصمة! وماذا فعل حينها، حين وصل الحوثي صنعاء؟ لعب دور "المظلة" طبعاً، المظلة التي تشرعن للحوثي الإستيلاء على العاصمة: جمع كل الأطراف السياسية التي اصطفت معه خلف الجرعة على طاولة التوقيع مع الحوثي على اتفاق سيتضح لاحقاً أنه كان مجرد مظلة لتمرير اقتحام الميليشيا للعاصمة والسيطرة عليها!

ويبدو أن "اتفاق السلم والشراكة" ارتد على رأس هادي: فبعد استخدام الحوثي له- بمساعدة وإشراف هادي- كمظلة لشرعنة اقتحامه واستيلائه على صنعاء، يبدو أنه قرر استخدامه أخيراً كمظلة لضرب هادي والضغط عليه لتسليمه ما تبقى من أجهزة دولة: هجومه الشرس عليه اليوم واتهامه له بعرقلة تنفيذ الاتفاق وتهديده له بما يوحي بالإطاحة به يؤشر على ذلك. فهل يعني هذا أنه لم يعد بحاجة لهادي كمظلة (أو رئاسة شكلية) لاستكمال سيطرته على الدولة والبلد؟

أياً تكن الإجابة، يبدو من خطاب الحوثي الأخير أنه نسي (أو يتناسى) أن هادي لعب من أجله دور "البؤَّاب" ودور "المظلة" لأنه يريده الآن في دور آخر وأخير: دور "المَفْرَشَة"!

فخامة الرئيس هادي،
تحية وبعد،
في نظر عبدالملك الحوثي، لستَ رئيساً على الإطلاق، بل أنتَ كل هؤلاء:
أنتَ فخامة الدمية،
وفخامة البوَّاب،
وفخامة المظلة،
ويريدك الآن أن تكون:
فخامة المَفْرَشَة.
فهل بقيتْ لديكَ طاقة للعب دورٍ كهذا؟

الرئيس حيث يضع نفسه، وهادي لم يضع نفسه يوماً في موضع الرئيس. ولهذا، يريده عبدالملك الحوثي اليوم أن يكون "مَفْرَشَة" في بوّابة "دولته"!

زر الذهاب إلى الأعلى