بداية 2013، اصطدم الإصلاح بشوقي هائل على خلفية رفضه استمرار سيطرة الميليشيات الإصلاحية المسماة ب"أنصار الثورة" على مدينة تعز بدل قوات الأمن، واعتماده مبدأ المفاضلة العلمية في التعيين الوظيفي للمؤسسات الحكومية بدل مبدأ المحاصصة الذي أصر عليه الإصلاح بُغية تعيين أشخاص محسوبين عليه. نتفق أو نختلف حول أدائه، لكن أسباب وحجج شوقي بدت يومها واضحة وصحيحة بخلاف الإصلاح الذي لم يجرؤ غالباً على ذكر أسباب خلافه الحقيقية مع الرجل لأنها خاطئة ومخجلة، ولجأ عِوَض ذلك إلى شن حملة على مجموعة هائل سعيد ككل: هاجم منتجاتها باعتبارها "ملوثة" و"مسرطنة" واتهم المجموعة بالتهرب الضريبي، وأقام في 19 أبريل "جمعة يرحل شوقي عفاش" التي رفع فيها يافطة تقول "منتجات هائل سعيد ملوثة"!
آنذاك، كان الإصلاح هو القوي في تعز ويسعى للاستحواذ عليها، وقد أيد الحوثيون بحماس شوقي في مواجهة الإصلاح.
نحن اليوم في أواخر 2014 نتابع صداماً جديداً بين شوقي نفسه وبين الحوثيين الذين أيدوه عام 2013 ضد تواجد الميليشيات المسلحة في تعز وضد منح الاصلاحيين مواقع بعض المؤسسات الحكومية. ولماذا اصطدموا بشوقي اليوم ياترى؟ لأنهم يريدون نشر ميليشياتهم المسلحة في تعز وتعيين مندوبين من جماعتهم في سائر المؤسسات الحكومية كي يشرفوا ويديروا كل شيء! أي لأنهم يريدون منه أن يسمح لهم بأكثر مما سمح به للإصلاحيين، ويقبل بأكثر مما رفضه- ورفضوه معه هم- عام 2013! ولأنه لم يوافق، بحثوا عن منتجات هائل: أين أنتِ يا منتجات هائل سعيد؟ تعالي هنا أيتها المنتجات "الملوثة" و"المسرطنة"! والضرائب يابيت هائل، أين الضرائب؟
بصرف النظر عما إذا كانت منتجات هائل "ملوّثة" و"مسرطنة" أم لا، فهذه طريقة مشينة في إدارة الخلافات السياسية مع رجل دولة ينتمي لبيت تجاري. ولاحظوا متى لوحوا بهذه القضية: حين تصرف شوقي "صح"! والواقع أنهم لم يقنعونا أن منتجات هائل "ملوثة" و"مسرطنة"، بل أرونا الاستخدام السياسي الملوَّث والمسرطن للقضايا في أوضح صوره.
لم يتغير موقف شوقي كرجل دولة، بينما تغير موقف الحوثيين إلى النقيض تماماً لموقفهم بالأمس. ويبقى الفارق بين ما أراده الإصلاح بالأمس وما يريده الحوثي اليوم مهولاً: فسيطرة ميليشيات الإصلاح على تعز كانت محدودة جداً مقارنةً بالسيطرة "المنشودة" لميليشيات الحوثي على المدينة الآن. ومبدأ المحاصصة الوظيفية كان سارياً أصلاً في كل مؤسسة تقريباً وكل محافظة، وقد حاول شوقي كسره بمبدأ المفاضلة العلمية الذي طبقه وحده حينها، أي أن الإصلاح لم يكن يطمح سوى لحصة من المواقع داخل الدولة في سياق عملية تقاسم ومحاصصة وظيفية يشارك فيها بقية الأطراف السياسية، بينما يريد الحوثيون من شوقي اليوم أن يبتدع لهم وضعاً خاصاً وغير مسبوق في تاريخ الدولة اليمنية يمكنهم من السيطرة على جميع المؤسسات الحكومية بدون استثناء ويضعهم فوق الدولة! وعليه، إذا كان شوقي بالأمس قد رفض الرضوخ للإصلاحيين مرةً واحدة، فعليه اليوم رفض الرضوخ للحوثيين ألف مرة.
وفي النهاية، هكذا يبدو الأمر: الحوثي 2013 عارض مع شوقي سيطرة ميليشيات الإصلاح على تعز لأنه يريد أن تسيطر ميليشياته هو، وعارض معه استحواذ الإصلاح على بعض المؤسسات الحكومية لأنه يريد الإستحواذ على جميع المؤسسات الحكومية!
باختصار: الحوثي عارض أخطاء الإصلاح بالأمس لأنه يريد اقترافها هو اليوم. وبعبارة أخرى أدق: الحوثي عارض أخطاء الإصلاح بالأمس لأنه يريد اقتراف أخطاء أكبر منها اليوم!