"التفاحة المعطوبة تفسد سلّة التفاح كلها"، وكذلك المعلومة المعطوبة يمكنها أن تفسد سلة كاملة من المعلومات السليمة.
لدى الحوثي أخطاء كثيرة يمكن مواجهته بها، لكن هناك من يترك أخطاءه جانباً ويدس بعض الأكاذيب الملفقة وسط الانتقادات الموجهة لأخطائه ظناً منه أنه بهذا يعزز صورته كمخطئ في أذهان الناس. غير أن الأكاذيب غالباً ما تؤدي إلى نتائج معاكسة، أهونها مثلاً: تظهر الحوثي ك"مَكْذُوب" عليه و"مُفْتَرَى" عليه في نظر كثيرين، أو في نظر جمهوره على الأقل. وهكذا، تصبح حتى أخطائه الحقيقية والكبيرة في نظرهم غير حقيقية بسبب أكاذيب صغيرة لا داع لها.
خذوا مثلاً: لوحات المولد النبوي التي نشرها الحوثيون في شوارع العاصمة وعدد من المدن الأخرى وكانت تحمل آيات قرآنية أو مقولات لعبدالملك الحوثي وأخيه المؤسس. حجم المال المصروف من خزينة الدولة على هذه اللوحات كان مهولاً. ورغم أن للمولد النبوي مكانته الخاصة كمناسبة دينية في نفوس اليمنيين عموماً، إلا أن الحوثي وظف المناسبة كلها وبأموال كل اليمنيين لحسابه وحساب جماعته، وهذا خطأ واضح كان يمكن إنتقاده عليه من عدة وجوه سليمة ومحقة، وقد فعل هذا كثيرون في وسائل الإعلام وصفحاتهم على فيسبوك. لكن هناك من قام كما يبدو بتزوير صور لبعض اللوحات بواسطة الفوتوشوب وتحريف مضامينها: إحداها كانت عبارة عن آية قرآنية تم تحريفها إلى "طلع البدر علينا من ثنيات الوداع.." وتقديمها كآية قرآنية! ما الحاجة لذلك؟ لاأدري.
خذوا مثلاً آخر: إحدى اللوحات عبارة عن آية قرآنية تم كما يبدو حذف "صدق الله العظيم" واستبدالها بإسم "عبدالملك الحوثي" بحيث يظهر أن زعيم الحوثيين ينسب الآية القرآنية لنفسه، وقد تعامل مع صور هذه اللوحة كثيرون، وأنا أحدهم للأسف الشديد. استخدمت هذه اللوحة مع لافتة أخرى كمدخل لقراءة حالة "التقديس" وسط الجماعة لزعيمها ومؤسسها في مقال بعنوان "العائلة القرآنية".
ورغم أن اللافتة الأخرى التي وضعتْ استهداف حسين الحوثي بمقام استهداف القرآن كانت صحيحة، وقد رأيتها بعيني كما رآها كثيرون غيري معلقة في عدة أماكن قبل نحو نصف عام (ولم ينف الحوثيون علاقتهم بها)، ورغم أن مقالي تمحور أساساً حول موضوع "تقديس" الحوثي القائم فعلاً بأكثر من وجه وليس حول اللوحة بحد ذاتها، إلا أنني اضطررت لحذف المقال إثر نشر حوثيين بينهم القيادي الحوثي صلاح العزي ردوداً وصوراً للوحات أخرى كان واضحاً التزوير فيها، فضلاً عن صورة أصلية لما يبدو أنها اللوحة نفسها. لذا، وجب حذف مقالي المذكور كما وجب عليَّ الإعتذار: أعتذر للحوثيين عن استخدامي تلك اللوحة التي لا أحمِّل هنا مزوِّرها خطأ تزويرها إلا بقدرما أحمِّل نفسي خطأ استخدامها دون تمحيص. كما أعتذر لكل من قرأ ذلك المقال وشاركه وعلق عليه إما مؤيداً أو معترضاً.
وفي النهاية، لابد من التأكيد على أن مواجهة الحوثي أو أيِّ طرف آخر متغوّل لاتتطلّب أكثر من مواجهته بأخطائه هو، وما أكثرها. وعلى من يلجأون لمواجهة الحوثي بأكاذيب ملفقة أن يدركو أنهم لن ينجحوا بالأكاذيب الصغيرة أو الكبيرة في تعزيز صورته كمخطئ قدرما سينجحون في إظهار منتقديه كمخطئين بدلاً عنه.
إنّ الأكاذيب لا تهزم سوى أصحابها يا أعزائي..