تعدّدت التساؤلات التي أعقبت استقالة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والحكومة، قبل أكثر من أسبوع، حول مصير الاستقالة ومصير الرئيس وسيناريوهات نقل السلطة، وأسئلة أخرى ليس من بينها سؤال جوهري يقول: في ظل هذا الفراغ الرئاسي والحكومي الذي تخطى الأسبوع، من يحكم اليمن؟ لماذا تبدو الأوضاع اليومية في الحياة العامة أكثر من طبيعية؟
وقد يتبادر لذهن المتابع البعيد أن جماعة الحوثيين التي تصدرت الانقلاب على هادي، هي من يسيّر أمور البلاد خلال هذه الفترة، لكن واقع الحال يقول غير ذلك، بل إن نقاط الحوثيين التي كانت منتشرة في شوارع صنعاء ومدن أخرى، تراجعت بشكل ملحوظ، وخصوصاً بعد اندلاع تظاهرات شعبية تناهض انقلاب الجماعة، وتطالب بسحب مسلحيها من المدن وتسليم السلاح للدولة.
ولعلّ من الملفت أيضاً، أن اليمن لا يعاني فراغاً رئاسياً وحكومياً فحسب، بل لقد كان يعاني أيضاً، خلال الأيام الماضية، فراغاً في المحاكم والسلطات القضائية بسبب إضراب القضاة، وهو الإضراب الذي أُعلن الأربعاء الماضي، عن تعليقه "مراعاة للظروف الاستثنائية التي تعيشها البلد".
يضاف إلى ذلك أن البرلمان ممثلاً بمجلس النواب، هو الآخر في إجازة مفتوحة رغم كونه المخوّل دستورياً بالنظر في استقالة الرئيس والحكومة وتولّي زمام السلطة بشكل مؤقت بعد قبول الاستقالة، لكن البرلمان بدلاً من أن يعقد جلسة طارئة خلال ساعات على تقديم الاستقالة، قام بتحديد موعد الجلسة ليكون بعد ثلاثة أيام من الاستقالة، ثم ما لبث عشية الجلسة المزمعة أن أعلن ترحيل انعقادها لأجل غير مسمى.
رغم ذلك، تسير الحياة اليومية بشكل طبيعي بل وربما بنحو أفضل من المعتاد، لا زيادة بانقطاعات الكهرباء، ولا أزمة محروقات، ولا ارتفاع في الأسعار، ولا حوادث نهب وسلب يتوقع حدوثها حال غياب الدولة... فإذن أين السر؟ هل يدير الناس أمورهم بأنفسهم أم أن هناك جهة تتحكم بالمشهد من دون أن تعلن عن نفسها؟
الإجابة تكمن في كليهما معاً؛ انضباط الناس، ووجود طرف غير ظاهر بالصورة، يسيّر الأوضاع بهدوء، هذا الطرف يمكن تعريفه ب "الدولة العميقة" المتمثلة ب "المؤتمر" حزب الرئيس السابق (أو الأسبق مع وقف التنفيذ)، علي عبد الله صالح، ومجموع الجيش الموالي له.