من الأرشيف

على الغرب، هذه المرة، أن يطرح السؤال الصحيح بشأن الإرهاب!

تفكيك الدولة القطرية في العالم العربي، ورعاية اميركا والاتحاد الأوروبي لمشاريع التفتيت من العراق إلى السودان، ومن ليبيا إلى اليمن، هو أكبر جائزة يقدمها الغرب لـ"الإرهاب".

قبل 13سنة كانت هناك دولة اسمها العراق على رأسها رجل يناصبه بوش الابن العداء. شنت اميركا الحرب عليه بذريعة أن نظامه يدعم "تنظيم القاعدة"، وهي ذريعة لم يصدقها أحد، وثبت زيفها. لم تكتف واشنطن وحلفاؤها في المنطقة بالإطاحة بصدام حسين بل تم تفكيك الدولة وتقويض البيروقراطية وحل الجيش والأمن، والترويج لفدرالية قومية وطائفية.

ما حدث أن اميركا شنت الحرب على دولة العراق، ومهدت لقيام "تنظيم الدولة الإسلامية في العراق" ثم في العراق والشام، ثم في المشرق العربي والجزيرة، وصولا إلى مصر وليبيا والمغرب العربي. وها إن الإرهاب يضرب مجددا في قلب "أوروبا العجوز" بعد 14 سنة من ضربته في قلب الامبراطورية الاميركية.

للإرهاب عوامل محفزة لا تقتصر على السياسات الغربية الخرقاء و"الثأرية" ضد العالم العربي، وبخاصه مشرقه. بيد أنه من النفاق تبرئة الحكومات الغربية من مسؤوليتها في دعم الإرهاب في مراحل سابقة، واستمرارها في توفير بيئة مثلى لازدهاره في العالم العربي.

الإرهاب هو "الطفح" على سطح العالم العربي. والنفاذ من القشرة إلى النواة؛ إلى المرض لا العرض، يظهر أن لهذا الإرهاب أباء عديدين في المنطقة (حكومات مستبدة وفاسدة ومشاريع ومناهج وسياسات انعزالية تغذي التطرف) وفي الغرب (مقاربات عنصرية وحروب ظالمة وسياسات هوياتية واستخدام "أداتي" للإسلام السياسي منذ الخمسينات، في مواجهة أفكار وتوجهات وأنظمة ومعسكرات، ثم أسئلة غبية من شاكلة "لماذا يكرهوننا؟" تجوهر العربي والمسلم باعتباره "كارها" بالفطرة وبالعقيدة.

***

محزن وفاجع ما أصاب فرنسا و"العالم" أمس.
تمكن "داعش" من الضرب في قلب أوروبا هذه المرة.

وعلى الغرب أن يصحِح صيغة السؤال هذه المرة:

بدلا من "لماذا يكرهوننا؟" التي أدت إلى قيام "داعش" على انقاض العراق (والشام). فليكن:"لماذا من العالم العربي والاسلامي فقط يجيء "مرتدو الأحزمة الناسفة" منذ عقدين؟"، بل "كيف ومتى وأين ولد تنظيم داعش في المشرق العربي؟"
السؤال الصحيح يوفر الكثير من المبادرات العبثية وصفقات السلاح التي تفقر العرب وتهدر مواردهم الشحيحة بعيدا عن احتياجات التنمية والحياة الكريمة.

السؤال الصحيح يوفر، أيضا، جلسات "العصف الذهني" والزيارات المتبادلة لسياسيين وعلماء ورجال دين من "الغرب" و"الشرق" تعظم من منسوب النفاق من دون ان تخفض من منسوب التطرف والإرهاب.

والأهم أن السؤال الصحيح يوفرالغزير من الدماء والدموع في "الشرق الأوسط... وفي الغرب الأقصى وفي "الغرب الأدنى" أيضا.

زر الذهاب إلى الأعلى