ما الذي ما يزال يعيق المصالحة الوطنية العاجلة بين الإصلاح والمؤتمر كأبرز حزبين سياسيين وكلاهما يتعرضان للاستهداف مثلما تتعرض الدولة والمجتمع في اليمن لتهديدات غير مسبوقة؟.
آثام وأضغان وآثار صراعات الماضي يتحمل وزرها الحزبان ويضيع البلد بسببها. في البداية، كان الإصلاحيون يرفضون الفكرة لأسباب لا داعي لاستحضارها، وهذا الأمر صار مختلفاً، وكان المؤتمريون يعتقدون أن اعتدال الإصلاح بات ميؤوساً منه وأن الموجة الإقليمية باتت تشجع نهايته، ولكن أيضاً، اختلف الأمر.
لطالما كانت دواعي المصالحة هامة في فترات سابقة من المرحلة الانتقالية، غير أن الظرف بات مهيئاً أكثر من أي وقت مضى. المواطنون من أنصار هذا أو ذاك ليسوا محملين بإرث خلافات القادة، ووضع البلد يجعل المصالحة واجباً وطنياً ومن يعرقلها يتحمل المسؤولية.
بالنسبة للمؤتمر، الحديث عن تقاربه مع الحوثي كبديل، في ظل موازين القوى حالياً، معناه أن يذوب المؤتمر في صف الحوثي. أما عندما يتصالح المؤتمر والإصلاح ويوحدان أبرز المواقف فإن المؤتمر هو من سيبقى متصدراً في الواجهة ولا يلغي الآخر. على أن المصالحة لا تعني بالضرورة موقفاً ضد الحوثي أو ضد أي طرف آخر، بقدر ما تحافظ على توازن يقبل فيه الجميع بالآخر ويستظلون بدولة يتساوى أمامها الجميع.
**
ذهب الإصلاح الذي يٌخاف منه من طرف كالمؤتمر، وإذا كانت قياداته ما تزال متحفظة أو رافضة للمصالحة، فإن قواعد الحزب وأنصاره، أو أغلبيتهم، باتوا على استعداد لاتخاذ مواقف ضداً على موقف هذه القيادة، رغم ما يُعرف عن التبعية في الحزب، إلا أن الأحداث والتحولات الهائلة التي عايشها الإصلاحيون وتأكدوا منها، خففت إلى حد كبير فعالية الثقة العمياء.
ولم يعد هناك من مساحة للثأر أو التشفي من أي طرف؛ خصوصاً بالنسبة للمؤتمر وقادته، بعد أن أصبح الآخرون في وضع لا يحسد عليه، وبعد أن صبت الأيام في خانة انهاء آثار الفتنة في 2011 وإثبات خطأ الكثير مما كان يرمى إلى المؤتمر والرئيس السابق علي عبدالله صالح من اتهامات.
**
في لحظة ما، إذا فقدت المصالحة قدرتها ووصل البلد إلى وضع أبعد ما هو (لا قدر الله).. قد يرتد الأمر عقاباً شعبياً على ما تبقى من الأحزاب التي أغرقت البلد بخلافاتها.