منذُ سنوات قلنا لكم ولمن خلوا من قبلكم أنّ الإنتقاء المذهبي والجهوي في تعريف وتوصيف و محاربة الإرهاب والتمردات ، و التحالف مع إرهاب ضدّ إرهاب آخر لا يفضي في النتيجة إلا إلى اتساع دائرة الإرهاب المستهدَف و تنامي حجمه البشري على أساس الإستقطاب الطائفي و الجهوي و المناطقي ..
إنّ دعم النظام المحلي والدولي لجماعة العنف الحوثية الشيعية و تهيئة المسرح السياسي و العسكري لتلك الجماعة العنصرية المسلحة والسماح لها بممارسة أفضع ضروب العنف والتقتيل والتهجير ضد السكان في قرى و قصبات الشمال و فوق ذلك تشجيع هذه الممارسات الإرهابية باستدعاء منفذيها الحوثيين كضيف شرف في المناسبات السياسية والنضالية بل واهداؤهم القلم الذهبي لكتابة دستور البلاد إنّ ذلك كله وغيره كثير قد أوحى انطباعاً طبيعيّاً لدي الجنوبيين بصورة خاصّة و لدى السنة والقبائل في الشمال بصورة أعمّ مُفادُ ذلك الإنطباع أنّ العنف في تصنيف الدولة لا يكون إرهاباً إلا حين يكون سُنيّاً أمَّا و هو شيعيّ فإنه يعتبر نضالاً مشروعاً للمطالبة بالحقوق و رفع المظلوميات و تلبية الشروط بعد كل موجة تهجير يقوم بها الإرهاب الشيعي بحق سكان الشمال دون ذنب اقترفوه سوى أن قراهم واقعةٌ على طريق الإرهاب الحليف في مكافحة الإرهاب العدوّ ..
في السياق المُوازي على الصعيد المناطقي ينظر الجنوبيون إلى هذه المهزلة بمزيج من شعور الغبن والتمييز على أساس جهوي حين يرون الدولة المركزية تُخلي المديريات ومراكز المحافظات للتمرد القادم من الشمال و تتنازل عن طيب خاطر عن سيادتها وسيطرتها كدولة على مساحات وحدود سيادية لجماعة متمردة في الشمال في حين تنخرط في تحالف دولي لاسكات همس أي تمرّدٍ جنوبي حتى و إن كان لا يزال تحن التأسيس !
لماذا لا يكون العنف إرهاباً إلا حين يكون سُنيّاً أما وهو شيعي فهو طرفٌ وطنيّ نحاوره ونعطيه الموازنة والدبابة والوزارة وعائدات النفط والواجبات ؟!
لماذا تمردات الشمال مشروعة و تمردات الجنوب السُّنّي مقموعة ؟!
إنّ النظام الدولي و أذنابه في اليمن إذا لم يستطيعوا الإجابة على هذا الأسئلة التي أنتجوها فإنهم يدفعون بالسكان المتضررين ضحايا الإرهاب المحلي في أحضان الإرهاب الدولي كما أن النظام الدولي وتمثله الولايات المتحدة وعمالها المحليون يعملون من خلال ما سبق على تحويل القطاع الأكبر من سكان اليمن من مواطنين بسطاء اعتياديين إلى عناصر تبحث عمّن يحميها من عدوان وانتقام الإرهاب الشيعي و حين لا يجد السكان هذه الحماية من النظام المحلي و لا من النظام الدولي بل ربما وجدت العكس من ذلك ! فسوف يكون جدار الحماية الأخير أمام ضحايا الإرهاب الشيعي هو جماعات الإرهاب السُّني رائدها في ذلك أبو القاسم الشابي في قوله:
لا عدلَ إلّا أن تعادلتِ القُوى * وتَصَادمَ الإرهابُ بالإرهابِ