الحرب تدمر 77% من شركات القطاع الخاص باليمن
ازدادت وتيرة تدهور القطاع الخاص اليمني في ظل تفاقم الحرب، وكشف تقرير دولي عن إغلاق 95% من إجمالي الشركات في 6 محافظات يمنية، وتدمير كلي لنحو 77% منها، ما دفع المحللين إلى التحذير من كارثة كبيرة في هذا القطاع في حالة استمرار الحرب.
وحذر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي من أخطار انهيار القطاع الخاص في اليمن، ودعا إلى "توفير الدعم في الأوقات الحرجة لتعزيز التعافي الاقتصادي وإعادة تشغيل المنشآت الكبيرة والمتوسطة والصغيرة".
وذكر البرنامج في تقييمه للقطاع الخاص بتقرير اقتصادي حديث بعنوان "تداعيات أزمة اليمن"، أن الخدمات كانت في مقدمة القطاعات المتضررة منذ شهر مارس/آذار الماضي، وأرجع التقرير السبب إلى تصاعد الصراع الدائر في البلاد.
وشمل التقييم، الذي أعده البرنامج بالشراكة مع "وكالة تنمية المنشآت الصغيرة"، المشاريع التجارية في ست محافظات يمنية، هي: صنعاء وحجة وصعدة وتعز وعدن وأبين، لدراسة أثر الأزمة في النشاط الاقتصادي.
وبيّن التقرير، الذي صدر مؤخراً، وحصلت "العربي الجديد"، على نسخة منه، أن 95% من الشركات بشكل عام أغلقت بسبب تعرضها لدمار كلي أو جزئي أو أسباب أخرى، حيث تعرضت 77% من الشركات لدمار كلي أدى إلى توقف نشاطها وإغلاقها وأغلقت 15.4% بسبب أضرار جزئية، فيما أغلق الباقي لأسباب أخرى.
وأوضح التقرير أن الضرر الجزئي للشركات كان واضحاً في مدينتي عدن وتعز، جنوبي اليمن، بسبب القتال بين مليشيات محلية والمقاومة، مشيراً إلى أن شركات المدينتين تعرضت لدمار واسع.
وأفاد بأن الشركات في محافظة صعدة (شمال اليمن) تعرضت لدمار كلي بسبب الضربات الجوية، ويشمل ذلك شركات تجارية، ومحطات الوقود، ومصانع، ومزارع.
وفي هذا الإطار أكد مدير العلاقات العامة في مجموعة تجارية كبيرة، نجمي التميمي، لـ"العربي الجديد"، أن أرباح الشركات التجارية التي نجت من الإغلاق تراجعت بشكل مخيف إلى أقل من 10%، وهو ما يهدّدها بالإغلاق الفترة المقبلة في ظل استمرار الاضطرابات الأمنية والمعارك العسكرية.
وأضاف التميمي، أن "مجموعتنا تمتلك أكبر هايبر ماركت على مستوى اليمن في منطقة الحوبان بمدينة تعز، وقد تأثر عملنا بالحرب ، لا توجد أية أرباح، خسائر فقط، ونحن مستمرون في العمل كخدمة إنسانية ووطنية، ولكن قد لا يستمر العمل بهذا الشكل فترات طويلة في ظل هذه الظروف".
وأوضح التميمي أن المعروض من المواد الاستهلاكية تراجع إلى أقل من النصف، وأن دوام مركز التسوق في تعز تراجع من 24 ساعة إلى 12 ساعة.
ومن جانبه، أكد الخبير الاقتصادي أحمد شماخ، ل "العربي الجديد"، أن نسبة كبيرة من شركات القطاع الخاص في جميع المحافظات اليمنية أغلقت أبوابها بسبب تداعيات الحرب.
وقال شماخ، إن تهاوي الاقتصاد والقطاع المصرفي اليمني أدى إلى إغلاق أكثر من نصف محلات وشركات الصرافة في اليمن، حيث تراجعت من 571 إلى 250 محل صرافة.
وأكد تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن الأسباب الأخرى التي أدت إلى إغلاق الشركات وتوقف نشاطها تشمل فقدان الزبائن، وعدم توفر الطاقة وانخفاض الإنتاج، وانعدام الأمن، وارتفاع الاسعار وتكاليف التشغيل من العاصمة والديون.
وبحسب التقرير، بلغ حجم الشركات الصغيرة المغلقة، 27%، من إجمالي الشركات المغلقة، والمتوسطة 35 % والكبيرة 17%، وبحسب النشاط 35% خدمات، 29% صناعية و20% تجارية.
وقال التقرير إن أكثر من مليون نزحوا داخليا، إلى جانب عدة آلاف من الأثرياء اليمنيين غادروا البلاد، ما تسبب في فقدان الشركات لعملائها، كما فقدت الشركات عملاء من الطبقة المتوسطة بسبب تدني القدرة الشرائية وخطط التقشف الحكومية التي طاولت رواتب الموظفين فضلا عن الزيادات الضخمة في أسعار المياه والمواد الغذائية.
وبحسب التقرير، أدى الصراع لفقدان الشركات الكبيرة 60 % من عملائها والمتوسطة والصغيرة 75% من العملاء، وتعد الشركات في المناطق التي تشهد قتالا محليا مثل تعز وعدن، أكثر الشركات تضررا من حيث فقدان العملاء حيث فقدت 85% من عملائها.
وكان أكبر تسريح للعمال في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، والتي تحولت إلى ساحة معركة في القتال بين الحوثيين والمقاومة منذ مارس/آذار وحتى يوليو/تموز، حيث سرحت الشركات 85% من موظفيها وعمالها، حسب تقرير الأمم المتحدة.
وسرحت الشركات في صنعاء 71 % من عمالها وفي صعدة سرحت الشركات 80% من عمالها، تعز 72 %، أبين 45%، والشركات في مدينة حجة (شمال غرب اليمن) سرحت 73% من عمالها.
وأشار التقرير إلى أن الأزمة أثّرت بشدّة في سيدات الأعمال مقارنةً بنظرائهن من الرجال، إذ أغلق ما يقارب نصف الشركات المملوكة للنساء منذ آذار، لافتةً إلى أن نسبة النساء كانت قبل الصراع في اليمن أقل من ثلث القوّة العاملة.
وعزت جميع الشركات تقريباً سبب إغلاقها إلى الأضرار المادية التي لحقت بها، بالإضافة إلى الاضطرابات الأمنية وتدهور الاقتصاد بشكل عام.
وقالت مسؤولة برنامج تمكين الشباب اقتصادياً في "برنامج الأمم المتحدة الإنمائي"، فرح عبدالصمد، في تصريحات سابقة، إن التقرير "أعطى رؤية عن مدى الدمار والخسائر التي لحقت بالقطاع الخاص، وسيساعد السلطات المحلية والقطاع الخاص وشركاء البرنامج الإنمائي في مجموعة التعافي المبكّر، على توفير الدعم في الأوقات الحرجة لتعزيز التعافي الاقتصادي وإعادة تشغيل المنشآت الصغيرة والأصغر والكبيرة والمتوسّطة".
وأوضحت أن اليمن يعتمد على الاستيراد لتوفير 90% من حاجاته من الغذاء، لكن بسبب القيود المفروضة على الاستيراد فإن النسبة بلغت 15 % فقط من حجم الواردات قبل الأزمة، وأكدت أن هذا الأمر أثّر إلى حد كبير في النشاط التجاري وفي تدفّق البضائع إلى البلاد، إذ أصبحت ثلاثة أرباع الشركات تجد صعوبة في إيجاد ما يكفي لسد حاجاتها من المؤن واللوازم الأخرى.
ولفت التقرير إلى أن الصعوبات الجغرافية للوصول إلى مقدّمي الخدمات المالية، كانت أحد المعوقات الرئيسة لوصول الخدمات المالية لنسبة 73 % من الشركات.
وحث التقرير على الاستثمار في مبادرات لمشاريع تجارية قادرة على التكيّف واستمرار الأعمال التي تدعم الشركات لإدارة الأخطار، وتساعد الشركات على تطوير استراتيجيات للتخفيف من آثار الأزمة، واستهداف المجموعات التجارية الأكثر تضرّراً وهي المشاريع التجارية التي يملكها الشباب والنساء، إضافة إلى المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وكان منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن يوهانس فان دير كلاو، قد حذر منذ أسبوع، من تسارع وتيرة انهيار الخدمات الأساسية في اليمن جراء استمرار الحرب.
وأشار المنسق الأممي، في مؤتمر صحفي بالقاهرة، إلى تراجع الخدمات الأساسية بشكل سريع نتيجة التأثير المباشر للصراع ونقص الموارد اللازمة لدفع الرواتب أو تكاليف الصيانة.
وحث كلاو المجتمع الدولي على تخفيف القيود على الواردات التجارية، لا سيما الوقود والإمدادات الطبية والغذائية، موضحا أن التقديرات تشير إلى إجبار نحو 2.3 مليون شخص على الفرار من ديارهم.