[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
رياضة

محمد علي كلاي يسقط العنصريين والمتطرفين بضربة قاضية

رد محمد علي كلاي على المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية دونالد ترامب كان مختصراً، وكافياً لتعرية عنصرية وجهل ترامب، الذي من جهله لا يعرف من هو أشهر أبطال الملاكمة في الوزن الثقيل، كما لتعرية المتطرفين.

وزّع أسطورة الملاكمة في الوزن الثقيل، محمد علي كلاي، بياناً رد فيه على تفوهات أبرز مرشحي الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية، التي ستجرى نهاية العام القادم، وجاء بيان كلاي، الذي نشرته شبكتا "إن بي سي" و"إي بي سي" الأميركيتان، مختصراً، عملاً بالحكمة الذهبية "خير الكلام ما قلّ ودل، ولم يطل فيُمل"، وفي هذا درس أول لترامب، الذي لا يمل من ترديد ترهات تنم عن جهل ممزوج بالعنصرية والصلف.

الضربة الأولى التي وجهها محمد علي كلاي للمرشح الجمهوري ترامب أنه لم يشأ أن يهاجم ترامب بالاسم، لأنه لا يستحق أن يذكر على لسان البطل الأسطورة، وكان ترامب قد رد على إشادة الرئيس باراك أوباما، في معرض خطابه يوم الأحد الماضي بعد العمل الإرهابي في كاليفورنيا، بالمسلمين الأميركيين، باعتبارهم مواطنين منهم جنود وإبطال رياضة، وقال ترامب في رده إنه لا يعرف أي بطل رياضي مسلم.

ويصلح رد محمد علي  كلاي أن يكون رسالة من المسلمين للعالم أجمع، فبكلمات قليلة استطاع كلاي أن يحدد معضلة القادة الأميركيين وغالبية القادة الأوروبيين الغربيين في التعاطي مع المسلمين وعقيدتهم، وأن يدحض اتهام الدين الإسلامي بأنه يحض على العنف، وأن يعري المتطرفين الذين يمارسون الإرهاب بزعم أنهم يتبعون تعاليم العقيدة الإسلامية ويدافعون عن حقوق المسلمين. والنقاط الثلاث تشكل ضربة قاضية مزدوجة، للمرشح ترامب وأمثاله من العنصريين الشعبويين الذين ينفخون نار (الإسلاموفوبيا)، وفي آن واحد ضربة للمتطرفين الإرهابيين الذين يشوهون الإسلام، ويسيئون للمسلمين بإعطاء صورة سلبية عنهم أمام الرأي العام العالمي.

في النقطة الأولى، قال محمد علي كلاي في رده: "بوصفي شخصاً لم يتهم أبداً بالمحاباة السياسية، اعتقد أنه ينبغي على زعمائنا السياسيين أن يستغلوا مواقعهم للحض على تفهم الدين الإسلامي، والتوضيح بأن هؤلاء القتلة المغرر بهم قد شوهوا حقيقة الإسلام عند الناس"، وهذه النصيحة يجب أن تعمم على غالبية القادة الأوروبيين الغربيين، الذين تعوزهم معرفة العقيدة الإسلامية، وتعاليم الإسلام على حقيقتها، وأن يفرقوا بينها وبين انحرافات ومزاعم المتطرفين والإرهابيين.

ويحذر محمد علي كلاي في النقطة ذاتها من أن تصريحات السياسيين في الولايات المتحدة، وهذا ينطبق أيضاً على أوروبا الغربية، "تجعل الكثيرين ينفرون من تعلم حقيقة الإسلام"، فالكثيرون من النخب السياسية الغربية لا يولون اهتماماً يذكر لفهم الإسلام كما ينبغي، وهناك عدد غير قليل منهم لا يتورعون عن استغلال العمليات الإرهابية، التي تقوم بها جماعات متطرفة أو أشخاص متأثرون بها وبالفكر المتطرف، لتأجيج مشاعر (الإسلاموفوبيا)، أما بالنسبة لليمين العنصري والشعبوي المتطرف في الغرب حدِّث ولا حرج.

ويكرس كلاي النقطة الثانية من رده لحثِّ المسلمين على "التصدي لأولئك الذين يستغلون الإسلام لمصالحهم الخاصة"، والمقصود بذلك المتطرفين والإرهابيين، وإنقاذ المغرر بهم من براثن الجماعات المتطرفة والإرهابية التكفيرية، لوقف الإساءات للإسلام والمسلمين. فمن واجب المسلمين أن ينبذوا الفكر المتطرف والإرهاب وأن يتصدوا له، دفاعاً عن عقيدتهم وعن ثقافتهم وقيمهم الإنسانية المشتركة مع شعوب العالم.

أما في النقطة الثالثة والأخيرة، فقد أجاد محمد علي كلاي في تعرية المتطرفين والإرهابيين بالقول: "أنا مسلم، وليس من الإسلام بشيء قتل الأبرياء في باريس، أو سان برناردينو، أو أي مكان آخر في العالم"، وأضاف: "المسلمون الحقيقيون يعرفون أن العنف الوحشي الذي يمارسه من يطلق عليهم الجهاديين يتعارض مع مبادئ ديننا"، وبهذه الكلمات المختصرة والمعبَّرة ينطق كلاي بلسان غالبية المسلمين الرافضين للتطرف والإرهاب، والطامحين إلى عالم يسوده السلم والتعاون الخلاق بين الشعوب.

وإذا كان ترامب لا يعرف محمد علي كلاي، البطل الأميركي المسلم، يكفي كلاي أن اسمه حفر في قلوب البشر بأحرف المحبة، ليس لأنه فقط أسطورة الملاكمة في الوزن الثقيل، بل لأن العالم لن ينسى موقفه الإنساني المشرف، لرفضه المشاركة في الحرب العدوانية الأميركية على فيتنام، حيث أعلن حينها أن الحرب العدوانية تتنافى مع تعاليم الإسلام، ودفع ثمن موقفه بحرمانه من ممارسة الملاكمة حينها، وأدين بتهمة التهرب من الخدمة العسكرية، وكافح حتى استطاع أن يسقط التهمة عنه، بإلغاء المحكمة العليا الحكم عليه عام 1971، ليعطي مثالاً على أخلاقه كرياضي وكإنسان وكمسلم، وهو ما يجب أن يتعلم منه الشباب المسلم، وشباب العالم أجمع، وأن يتخذوا منه قدوة، وأن يبتعدوا عن دعاة العنصرية والشوفينية والتطرف وتجار الإرهاب والموت، الذين يشكلون وجوهاً لعملة واحدة.

زر الذهاب إلى الأعلى