
ثمان من النقاط سطرها العلماء في اليمن.. وهي نتيجة استشارتهم ومشاركتهم في إيجاد حلول ومخارج للازمة التي تمر بها البلاد.. بعد أن طلب منهم ذلك رئيس الدولة وحملهم المسئولية أمام الله، سعيا وحرصا على إيجاد توافق وطني ينهي في الأساس التراشق الإعلامي مع ما ينتج عنه من زيادة التحريض، وقطع الطريق أمام تأزيم الأوضاع، ووضع حد لمحاولات تأجيج الفتنة بين أبناء الشعب الواحد، ويبدوا أن تلك الفكرة كانت المحاولة الأخيرة لجر المعارضة إلى طاولة الحوار والاتفاق.. وتنفيذ صميم طلبات المعارضة، والاستعداد من السلطة للنزول أمام نصيحة العلماء المبنية على الشرع الذي يخضع الجميع لحكمه.. إلى الدرجة التي يعلن فيها الرئيس السمع والطاعة لكل ما يتوصل إليه العلماء وما يوجهون به.. هذا ما فهمه الجميع بعيدا عن أية تفسيرات سياسية أخرى.
إلا أن رفض الطرف الآخر لهذه النقاط أو حتى مجرد تقديم الشكر لمحاولات العلماء كان من الأمور التي تدلل على تصميم هؤلاء وتصلبهم على موقف الرفض لكل المحاولات في هذا السبيل.. وما يبعث على الاستغراب أنهم لم يحاولوا مناقشة العلماء أو الجلوس إليهم أوإعطاء حلول بديلة أو نقاط قد يقبل ويقتنع بها العلماء وينقلونها بالتالي للسلطة .. إلا أن ذلك لم يتم !! حسب ما أعلن.
بالمناسبة – هذه الأيام الحرجة - من الأزمة التي تعيشها البلاد وبعد لجوء كل من السلطة والمعارضة إلى الاحتكام إلى الشارع ( ليغني كل على ليلاه ) – يجري الفرز الجهول بين أبناء المجتمع حتى على مستوى الأصدقاء والجيران بل ربما امتد هذا الهراء إلى أفراد الأسرة الواحدة , بل للأسف رأيناه شبحا مرعبا يمتد إلى القرية والقبيلة , ومختلف التكوينات المجتمعية ..- أقول هذا وأنا شخصيا أبرئ نفسي من كل هذا الاصطفاف مع من ؟ وضد من ؟ ولان الأمانة والعهد مع الله أن يكون الإنسان منصفا مع كلمة الحق , والحق ليس إلا..
والحق أحق أن يتبع، كما أن القواعد العامة للدين الإسلامي والتوجيهات ومقتضيات الإيمان الذي نرجو الله تع إلى أن يثبتنا ويهدينا , وكل أبناء شعبنا على الحق المبين وصراطه المستقيم , وان يجنبنا الفتن والاختبارات الصعبة وان لا يحمل علينا إصرا , أو يحملنا ما لا طاقة لنا به , ويجنبنا كل ما يغضبه ويخالف أمره بالاعتصام بحبله , وعدم التنازع وقبل كل ذلك اقتضاء الإيمان به بالنزول عند حكمه بدون أن يكون هناك خيار للقبول من عدمه بما يقضيه الله ورسوله..
أقول بعد هذا – والله المستعان ...أيها الأخ الرئيس لقد شاهدتك الملايين من الناس في الداخل والخارج وأنت تعلن موافقتك على ما يأتي به العلماء وما يقررونه..
وبعيدا عن قبول الطرف الآخر من عدمه.. ونحن وملايين في هذا الوطن وحتى ربما أفراد من المعارضة تنفسوا الصعداء , ولسان حالهم يقول جاء المخرج بعد أن تم تحكيم علماء الدين الحنيف والشرع الشريف.. وعليه وطالما أنت رئيس البلاد وعلى رأس السلطة ... هل ستنتظر لحلول أخرى أو بدائل من هنا أو هناك..
الرأي عدم الانتظار..! والبدء فورا بتطبيق ما خرج به العلماء من نقاط ولو من جانب واحد خصوصا منها مالا يتوجب عليه التوافق , وهو بالتالي من النقاط التي من شأنها تصحيح اختلالات كثيرة , كالضرب على أيدي الفاسدين وإحالة المتورطين بالفساد إلى القضاء العادل إلى غيرها من النقاط المتعلقة بإرضاء الملايين من أبناء الشعب اليمني الذي ينتظر منكم المزيد من المبادرات التي تخرجه من التيه والضياع , وتثبتون له بالدليل القاطع انحيازكم إلى قضاياه وآماله وتطلعاته نحو الحياة الكريمة .. والكل يعلم ويؤكد أنكم حين تعزمون على التنفيذ تقهرون المستحيل..!
ولا شك أنكم بسرعة اتخاذ الإجراءات التصحيحية وتنفيذ ما وعدتم به , واتخاذ القرارات الوطنية الشجاعة التي ترضي الجماهير العريضة , قد تلقمون بها حجرا لكل المناوئين الذين ستكذب الأفعال على ارض الواقع زيف أي ادعاءات وبطلان أية أقاويل , حين تدحضها الممارسة والواقع الذي يشعر ويلمس فيه كل مواطن على ارض اليمن أن الرئيس وعد فأوفى، وحينها – ربما تسحبون البساط على الأقل من تحت أقدام من يسمون بالمغرر بهم!
الأخ الرئيس .. الشعب هذه الأيام عيونه عليك , وكله آذان صاغية لكل ما تقولونه وتصرحون به ولما تتخذونه من قرارات في هذا الظرف ... وبالمناسبة لم يتابع الشعب اليمني القنوات الفضائية اليمنية بغثها وسمينها كما يتابعها اليوم .. وهو على اشد من الجمر انتظارا لك ولقراراتك الحاسمة في هذه الظروف .. لكن آماله تخيب حين يستمع لقرارات إدارية بعيدة عن كل الذي يجري ... بين تعيين فلان بدلا عن فلان وزعطان بدلا عن علان , والخاتمة أعضاء مجلس شورى هو محل انتقاد كثيرين دستوريا وفعليا ( وعلى كلام إخوتنا المصريين .. هو ده وقته ) ..الوطن يعيش أزمة .. تم الاعتراف بها , والشعب يعاني الأمرين في معيشته باحثا عن لقمة عيش شريفة , ودور لدولة تحميه من غلواء الأسعار وجشع التجار.. ونحن مهتمون بتوزيع المناصب! (أكيد ليس استخفافا بحال الجماهير والله اعلم بالسرائر .!).
الملايين من أبناء الشعب أيها الأخ الرئيس تنتظر هذه الأيام وليس فيما بعد ( الآن وليس غدا ) قراراتكم الحاسمة والقاصمة لكل التقولات .. غيروا من أسلوب التخاطب مع الجماهير إعلاميا ومباشرة .. وعدتم أيضا بفتح مكتبكم أمام المواطنين ثم عدلتم عن ذلك .. كثيرون حاولوا الوصول إليكم .. لكن الأبواب أوصدت أمامهم , (وانهالت عليهم الأسئلة والأعذار, وكيف ولماذا..!) .. بل حتى الرسائل والملفات الشخصية التي تسلم باسم الرئاسة لا تصل إلى الرئيس .. ولا يعرف مصيرها .. نورد هذا كمثال فقط على مدى تنفيذ توجيهاتكم وقراراتكم القريبة التنفيذ منكم , فما بالكم بالبعيدة عن نظركم !! المطلوب إذا كنتم فعلا تعتزمون التواصل المباشر والقرب من هموم الجماهير أن تعدلوا من أساليب هذا التواصل وتفتحوا أكثر من قناة لهذا التواصل وتشكلوا فريقا لذلك من غير المعقدين والمتنفذين الذين بتصرفاتهم إنما يسيئون التصرف باسمكم..
الخلاصة التي نريد الوصول إليها هنا .. ماذا بعد؟ هل ستنتظرون المزيد من الحلول للخروج بالبلاد إلى الطريق الصحيح والسليم ؟ .. أم أن العناد والمكايدة من الطرفين تظل عنوان الموقف واستمرار الأزمة ...ولسان حال الطرفين (وأعلى ما في خيلك اركبه).
الشعب أيها الأخ الرئيس ما زال عنده أمل في حكمتك وحنكتك وحسن تصرفك .. الحل بيدك والسلطة بيدك .. والظرف يستدعي هذه الحكمة وهذه الحنكة بسرعة اتخاذ القرارات الحاسمة والتي ترضي الجماهير العريضة من أبناء الشعب اليمني الذي كما قلنا انه اليوم عيون وآذان فقط ترقب الرئيس وانحيازه إليها , و إلى ما فيه مصلحة اليمن واليمن فقط , واجزم بضرورة الاهتمام والتركيز على مفردات الحياة اليومية للمواطنين ووضع الحلول العاجلة لتخفيف المعاناة المعيشية , يرادف ذلك التركيز على رد المظالم وإعادة الحقوق لأصحابها , وسرعة إصدار أحكام التقاضي وعدم التسويف.
هذه من الأمور التي لها أولوية ملحة لدى المواطن الذي يراد منه أن يكون ايجابي التفاعل مع القضايا الوطنية، ويطلب منه أن يبرهن عن انتمائه الحقيقي لهذا الوطن في المدلهمات .. بدلا من أن يترك سهلا أمام بحثه عن ما يسد رمقه وأطفاله , فضلا عن أن يكون لقمة سائغة لمن يريد استغلال حاجته ليوظفه لصالحه , وحتى لا يضعف أمام المغريات , والأموال المدنسة والخبيثة الهدف إلى غير ذلك .. إذا من الأهمية بمكان تحصين كرامة المواطن، وتعزيز ثقته بدولة تدافع عنه وعن مصالحه تحقق له الكرامة والعزة والعيش الكريم , وسنجده بعد ذلك وطنيا من الطراز الأول المتفاعل مع قضايا وطنه في البناء وتحقيق النهضة وبناء اليمن السعيد الذي يسعد فيه كل أبنائه.. الأخ الرئيس – عشم الجماهير انك لن تنتظر .. والوطن أمانة في عنقك .. أنت لن تنتظر... لكن الجماهير منتظرة..
حفظ الله اليمن من كل سوء ومكروه , وسدد الله خطى كل جهد من شأنه حفظ كرامة اليمن واليمنيين , وجنب شعبنا وبلادنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.. وهو من وراء القصد.





