لا حلول مسبقة في الحوار

مؤتمر الحوار هو فرصة اليمنيين الأخيرة لحل قضاياهم ومشاكلهم المتراكمة ، واليمن أمانة على ‏عاتق المتحاورين جميعا وينظر كل اليمنيين إلى مؤتمر الحوار بترقب شديد نتيجة فشل كل مساعي ‏الإصلاحات التي كانت تخترع دون ان ينفذ منها شيء ، ومع هذا فإن أعضاء الحوار يتحملون ‏مسئولية وطنية كبيرة وعلى هذا يفرض عليهم الواجب ان يتجردوا من كثير من الحسابات المتعلقة ‏بالفئة التي يمثلها البعض لانه لو تعاملوا مع المشكلة أو القضية بموجب العدد الذي يمثلها قد تتعثر ‏كثير من المشاكل.‏

عليهم ان يتعاملوا مع القضايا بشكل كامل وان يعتبر كل عضو يمثل فئة أو قضية ان كل القضايا ‏تهمه ، مثلا قضية المهمشين واحدة من القضايا التي نأمل حلها حلا جذريا وشاملا وان يخرج المؤتمر ‏بعلاج كامل لها ولا يجب ان يتعامل معها المؤتمرون كقضية هامشية مقارنة بنسبة تمثيل المهمشين ‏بالمؤتمر من خلال مندوب واحد لثلاثة مليون مواطن ( مهمش ) وهو تمثيل ظالم للحقيقة .‏

فئات كثيرة تمثيلها لا يتساوي مع حجمها وينطبق هذا ايضا على القضايا والمشكلات المطروحة ‏على طاولة الحوار ، نسب التمثيل خضعت لعوامل سياسية معينة اكثر منها فنية ، تمثيل الشباب مثلا ‏خضع لأجندات الأحزاب واقتصر الأمر على تطعيم المؤتمر بشباب من نوع معين ورغم ان هناك من ‏شباب الثورة لكن هذا التمثيل يعتبر مجحفا بحقهم لان شباب الثورة هم الأكثر حرصا على صياغة ‏مستقبل أفضل.‏

إلى الآن يبدوا أن القضية الجنوبية هي المسيطرة على المؤتمر وتأخذ مساحة كبيرة من الوقت ‏والنقاشات ، صحيح انها القضية الرئيسية في الحوار وأنها ام القضايا والمشاكل وحلها لن يكتب في ‏ظل توتر الأجواء السياسية والأمنية ومزايدات البعض واستغلال آخرين ، القضية الجنوبية لن تحل الا ‏بتجرد القائمين عليها من خلال ممثليهم في مؤتمر الحوار وتعاون كل الأطراف في الداخل والخارج ، ‏وإصرار البعض على حلها من خلال فك الارتباط يعد هذا واحدا من الألغام التي وضعت في طريق ‏الحل.‏

القضايا كثيرة وشائكة وتعقيداتها كبيرة وتحتاج إلى طرح رؤى متعددة لصيغ الحل وهذا سيتوفر ‏من خلال تجرد الأعضاء عن خصوصياتهم الفئوية وعن فرض الحلول المسبقة دون مشاركة الآخرين ‏، لأن حل القضايا يحتاج إلى إجماع الكل عليه ، ما ألاحظه انا وغيري ان بعض الأعضاء الممثلين ‏لفئات معينة يطرح رأيه ويطلب الحل واذا لم يكون هناك حلا فسينسحب من المؤتمر.‏

عملية التهديد بالانسحاب برأيي سلوك استفزازي يعقد القضية ولا يحلها لانه لو كان هناك حل ‏مسبق لأي قضية لا داعي لإدراجها ضمن طاولة الحوار ووجود ممثلين لفئة أو شريحة أو قضية ما ‏يعني وجود مشكلة بل مشكلة معقدة وتحتاج لمساهمة الأعضاء ومشاركة المختصين لتوفير أفضل ‏طرق الحل وان الحلول المسبقة هي حلول فاشلة وتعتبر كمين لإفشال الحوار.‏

إلى الآن مؤتمر الحوار يسير بروح توافقية وفهم جماعي لمشاكل اليمن ، كما ان الانسجام متوفر ‏بين المؤتمرين جميعا وهذه إشارة ايجابية تتضاءل معها فرص الفشل الذي يسوقه البعض ويخوف ‏الشعب والمؤتمرين في الحوار من فشل مرتقب وهنا اجزم ان لا خوف على مؤتمر الحوار من الفشل ‏الا من شيئين اثنين : الأول استمرار كمائن الموت التي تستهدف الأعضاء لضرب الحوار ولحل هذه ‏المشكلة يجب على وزارتي الدفاع والأمن العمل بروح وطنية وتصحيح الفرق الأمنية المعنية بأمن ‏أعضاء الحوار من الأفراد الذين تربطهم روابط معينة مع هذا أو ذاك .. والثاني وقف العراقيل التي ‏يضعها بعض رموز النظام السابق من خلال التعبئة الخاطئة والاستقطاب السلبي لخلق تكتلات مضادة ‏للحلول السليمة ..‏