إطلاق التقرير الأول حول اعتقالات النساء من قبل الحوثيين: تفاصيل وشهادات
إطلاق التقرير الأول حول اعتقالات النساء في اليمن من قبل الحوثيين: تفاصيل وشهادات أعدتها تحالات ومنظمات عدة
كشف تقرير حقوقي، أطلقته عدد من التكتلات والتحالفات والمنظمات المهتمة بشؤون المرأة في اليمن، عن تفاصيل صادمة، حول اعتقالات النساء والانتهاكات التي تمارس بحقهن من قبل مليِشيات الحوثي في المناطق الخاضعة لسيطرته.
وجاء إطلاق التقرير الأول حول اعتقالات النساء، خلال ندوة عبر منصة زوم شارك فيها تكتل 8 مارس من أجل نساء اليمن وتحالف نساء من أجل السلام في اليمن والمنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر والائتلاف اليمني للنساء المستقلات بالتعاون مع التآزر النسوي من أجل السلام والتنمية المستدامة FSPSD ومنظمة نساء من اجل المحبة والتسامح والسلام WLPT والاكاديمية الدولية للاعلام والدبلوماسية IAMD.
ووثق التقرير حسب بيان اطلع نشوان نيوز على نسخة منه، الانتهاكات التي ارتكبتها جماعة الحوثي ضد النساء وبشكل خاص في الفترة من العام 2017 وحتى 2020، وكشف عن أن عدد النساء اللواتي تعرضن للاعتقال بلغ 1181 امرأة.
وأوضح التقرير وفقاً للدكتورة وسام باسندوة – رئيس تكتل 8 مارس من أجل نساء اليمن، أن الحالات المسجلة، منها 274 حالة إخفاء قسري، و292 من الناشطات والحقوقيات ومن قطاع التربية والتعليم، و 246 من العاملات في المجال الإغاثي والإنساني. كما وثّق التقرير 71 حالة اغتصاب و4 حالات انتحار.
ومن حيث الفئة العمرية للمعتقلات، بلغ عدد المعتقلات تحت سن 18 أكثر من 293 حالة، بالإضافة إلى توثيق عشرات الحالات لأطفال من الذكور والإناث تم احتجازهم مع امهاتهم المعتقلات. كما أن من بين المعتقلات 8 ينتمين للطائفة البهائية. وحتى الآن تم الافراج عن 321 معتقلة.
وتفاوتت الانتهاكات بين القتل، والتشويه، والاحتجاز، والاعتقال والاختطاف والتعذيب، والعنف الجنسي، إذ تعرضت بعض نساء معتقلات للاغتصاب من قبل المشرفين في سجون المليشيات، وسُجلت حالات انتحار لفتيات معتقلات في السجن المركزي بصنعاء، في حينولم يسمح الحوثيون بالكشف الطبي عن المعتقلات والتحقيق في أسباب الوفيات داخل مراكز الاحتجاز.
وأشار التقرير أن العديد من المعتقلات تعرضن لكافة أنواع التعذيب الجسدي من ضرب بالعصي والأسلاك الكهربائية، وصفع، وإيقاف النفس بخنقهن، وإغراقهن بالماء، إضافة إلى التعذيب اللفظي من إهانة وتحقير وتعذيب نفسي، بهدف الاعتراف بأشياء لم يفعلنها إضافة إلى تلفيق التهم الكيدية واللاأخلاقية للمعتقلات (تهم شبكات الدعارة).
ونوهت باسندوة إلى أن توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في بلد يمر بظروف حرب وانقلاب على السلطة الشرعية، كما هو الحال باليمن هي مهمة صعبة وخطيرة. إذ يتطلب التوثيق الدقيق لحالات الاعتقال والاحتجاز التعسفي والتعذيب والاخفاء القسري قدرة واسعة من قبل منظمات حقوق الإنسان من أجل الوصول إلى البيانات الصحيحة.
كما أشارت إلى التحديات الإضافية التي تعوق الوصول إلى المعلومات عندما يتعلق الأمر بتوثيق الانتهاكات التي تؤثر على المرأة اليمنية، إذ تتطلب عملية التوثيق أيضًا استعدادًا من جانب النساء أو أسرهن لمناقشة محنتهن، حيث يتعرض عدد كبير من الضحايا لضغوط هائلة، إما نفسية أو اجتماعية، مما يمنعهم من التحدث علانية.
وحرص التقرير، حسب البيان، على عدم الإضرار بالنساء اللواتي تعرضن للاعتقال وأكد على أن هذه الانتهاكات نماذج لما تتعرض له النساء من امتهان لكرامتهن، بهدف توصيل اصواتهن للمهتمين بقضايا حقوق الانسان عموماً وحقوق المرأة على وجه الخصوص.
واستعرضت باسندوة المراحل التي مرت بها عملية كتابة التقرير لضمان عملية التوثيق والتحقق من صحة المعلومات وفق القواعد المعمول بها دوليا.
توصيات ومطالبات
وأوصى التقرير جماعة الحوثي بالافراج عن جميع النساء المعتقلات في السجون الرسمية والسرية، والتوقف عن اعتقال المزيد من النساء، والافصاح عن أماكن النساء المعتقلات والمخفيات قسريا والافراج عنهن فوراً، وتمكين المنظمات الحقوقية والنسوية وناشطي حقوق الانسان من زيارة المعتقلات وتقديم العون القانوني لهن.
وطالب التقرير بوقف كافة ممارسات العنف القائم على النوع الاجتماعي ضد المرأة بما يتضمنه من استهداف النساء وكل ممارسات الاستغلال والانتهاكات بحقهن، والتوقف عن استغلال وابتزاز وإرهاب أُسر المعتقلات، والتوقف عن اغتصاب السجينات واستغلالهن جنسياً، والامتناع الفوري عن التهديد بتلفيق تهم لا أخلاقية لهن.
كما أوصى التقرير الحكومة الشرعية بتنفيذ برامج التأهيل النفسي والبدني للنساء ضحايا الانتهاكات وخاصة الناجيات من سجون الميلشيا الحوثية، والعمل على تعديل بعض القوانين التي تحفظ حقوق المرأة وكرامتها وحقها في الحياة والمساواة، والاهتمام بالمرأة النازحة واللاجئة ومراعاة النوع الاجتماعي عند تقديم المساعدات الإنسانية وإشراك النساء بصورة فاعلة في إدارة شؤون مخيمات النازحين، واطلاق كافة السجينات اللواتي في سجونها وخاصة السجينات في قضايا غير جنائية ، ومراقبة السجون من قبل لجان مختصه.
وطالب التقرير المجتمع الدولي بالضغط على مليشيات الحوثي لإطلاق سراح النساء المعتقلات والمخفيات قسراً فوراً دون قيد أو شرط، ووقف كافة الانتهاكات التي يمارسونها بحق النساء، وإدراج مليشيا الحوثي ضمن قائمة المنظمات الإرهابية لتورطها بارتكاب جرائم وانتهاكات جسيمة ضد النساء والأطفال، بالاضافة لفتح تحقيق يتولاه المقرر الخاص بالعنف ضد المرأة يختص بجرائم العنف الذي تعرضت له النساء من قبل قيادات الميلشيات الحوثية، وإدراج ومناقشة انتهاكات النساء ضمن أجندة المشاورات التي تجريها الأمم المتحدة مع مليشيا الحوثي.
كما طالب التقرير بتأمين الحماية اللازمة للنساء والأطفال من مخاطر العمليات العسكرية، وتطبيق برنامج دعم عاجل مادياً ومعنوياً للنساء الناجيات من سجون الحوثي يتضمن الدعم النفسي وتوفير الحماية لهن لاسيما وأن بعضهن يكن عرضةً للنبذ من ذويهن بعد الصاق الحوثيين تهماً مسيئة بحقهن.
تقرير الخبراء يعزز
من جهته، وجه فرج فنيش رئيس قسم الشرق الأوسط السابق بالمفوضية السامية لحقوق الإنسان بجنيف تحية خاصة للمنظمات والجمعيات المشاركة في إعداد التقرير، وأشاد بشجاعتها، في ظل الظروف التي يمر بها اليمن والتيلا تسمح بالعمل، مشيراً إلى أن التقرير اعتمد على منهجية علمية وعلى مهنية عالية.
واشار إلى أن مصداقية هذا التقرير تتأكد من خلال تقرير لجنة الخبراء البارزين التابع الأمم المتحد، الذي قدم مجموعة من الانتهاكات بما في ذلك الاغتصاب وتعرض أيضا بالتفصيل إلى هذه الانتهاكات التي نعتبرها انتهاكات ترقى إلى جرائم حرب.
وشدد على ضرورة محاسبة مرتكبي هذه الانتهاكات واقترح العمل بآلية محكمة الجنايات الدولية للمساءلة والمحاسبة، مؤكدا على العمل عبر هذا التقرير وان يكون كمدخل للضغط لايقاف الحرب وايجاد حلول بديلة إنسانية.
ووعد فنيش بالعمل على عرض التقرير امام البرلمان الأوروبي، مقترحا العمل مع الصليب الاحمر ووافق على المقترح الذي ورد في القرير وهو انشاء مركز متخصص للناجيات من العنف في اليمن.
وفي ذات السياق قالت نورا الجروي رئيس تحالف نساء من اجل السلام في اليمن إنها كانت "إحدى النساء التي تم اعتقالهن في تلك الفترة وتدخلت المفوضية السامية وتم اطلاق سراحنا".
وتابعت بالقول: "الملف يطرح وقائع وقضايا ومعلومات مهمة تطرح لأول مرة حول ماتعرضت له النساء في سجون الحوثيين خلال 3 سنوات من اعتقالات واخفاء صاحبها التعذيب والاغتصاب والقتل والتشوية وتلفيق التهم وإصدار الاحكام الجائرة، إضافة لتلفيق التهم الكاذبة المتعلقه بالعمالة والخيانة والتواصل مع الخارج والتهم اللاخلاقية للفتيات بما يسمى بشبكات الدعارة وهي تهم كيدية كاذبة".
وأكدت الجروي أن الحوثيين استهدفوا المرأة بشكل بشع جدا وكانت وسيلة الاعتقالات ليس فقط لتركيع المراة بل لتركيع المجتمع، لافتة إلى أن المعتقلات في الدية كن من حزب المؤتمر وبعدها طالت العديد من النساء العاملات في المجال الإنساني والاغاثي وحتى طالت ربات البيوت.
ثلاث سنوات من التوثيق
إلى ذلك أكد نبيل فاضل من المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر أن التقرير صدر بعد 3 سنوات من التوثيق مع البعض من النساء اللاتي تم احتجازهن في سجون الحوثي، لافتا إلى أن الاحتجاز لا يتسبب في مشاكل المرأة المعتقلة فقط بل وايضا لأسرتها فهناك من توفي والدها حسرة على ابنته.
ووصف فاضل "الحرب الناعمة" بأنها خطة الحوثي لاعتقال النساء وذلك بأمر من عبد الملك الحوثي للقيام بحملة اعتقالات تطال جميع النساء في أي مكان ولأبسط الأسباب وبذلك اسكات صوت أي امرأة مناهضة للحوثيين.
وأوضح أنهم تلقوا عددا من البلاغات والشهادات تفيد باعتقال النساء وتجنيدهن وابتزازهن وجبرهن على القيام بأعمال قذرة وجنسية من قبل الحوثيين، مشيرا إلى توثيق بعض حالات الانتحار بعد الخروج من السجون الحوثية بسبب ضغط المجتمع الذي يرفض أن تقوم المرأة برفع صوتها ضد الظلم.
وشارك كونتان مولر صحفي فرنسي بمجلة LA CROIX بالقول: "لقد التقيت نورا وعددا من النساء الناجيات من السجون الحوثية وكان ذلك في القاهرة في سبتمبر الماضي، وقد حدثتني هؤلاء الناجيات عن ما عشنه في السجون الحوثية لذلك أود في البداية أن أحييهن على شجاعتهن ولأنهن روين ما عشناه من في المعتقلات الحوثية دون الاختفاء وراء أسماء مستعارة".
وأكد مولر أن شهادتهن كانت مأساوية وجعلتني أشعر بألم شديد لبشاعة ما تعرضن إليه وكشفن إلى أي مدى يمكن أن يكون الحوثي بربريا ووحشيا ضد النساء وكيف لهذه الجماعة أن تلحق الأذى لمجرد الاختلاف في الرأي. وطالب الحكومة اليمنية بمساعدة النساء المفرج عنهن ماديا ومعنويا كتوفير أخصائيين نفسانيين لمعالجتهن هن وأطفالهن.
وأكدت د.ديبورا سوالاو- لندن اخصائية الاتصال بين الثقافات ومدير أكاديمية التعلم "لندن" على ضرورة إنشاء ومساعدة أنظمة الدعم الحالية للناجيات بما في ذلك الرعاية الطبية والتعويض القانوني وعدم التسامح مطلقا تجاه اعتقال النساء وتشديد العقوبة على مرتكبي العنف الجنسي.
فضح الممارسات
من جهتها أشادت نادية التركي رئيسة الاكاديمية الدولية للاعلام والدبلوماسية IAMD و رئيسة منظمة نساء من اجل المحبة والتسامح والسلام WLPT بأهمية هذا التقرير الذي يفضح ممارسات الحوثيين وحيّت شجاعة الناجيات وصلابتهن رغم ما عشناه.
وأكدت على أهمية الاعلام الذي عادة يتغافل انتهاكات الحوثيين وأنه يجب استنهاض الاعلاميين والنخب الفكرية في العالم العربي والمجتمع الدولي من اجل تكثيف التعاون مع منظمات المجتمع المدني اليمنية والدولية المتخصصة في مجالات حقوق الانسان وحق المراة والطفل ومجال الحريات الشخصية وحرية الراي وقالت التركي : ودون توفر هذه العوامل وتكثيف الضغوطات لنقل الصورة الحقيقية للتجاوزات والجرائم التي يقوم بها الحوثيون المدعومين من إيران ستتحول اليمن إلى مقبرة للانسانية والتاريخ.
وشددت على ضرورة تصحيح الصورة عن الوضع الحقيقي في اليمن وكشف ما يدور من تجاوزات لا تتماشى مع ابسط الاعراف المتفق عليها دوليا. عاتبت الاعلاميين والنخب الفكرية على تجاهلهم الكثير مما يحدث وسطحية التعامل مع الجانب الحقوقي الذي اسفر وضعا اجتماعيا كارثيا، وأكدت على أنها مستعدة لتقديم المساعدة والعمل مع المنظمات اليمنية لايصال صوت الضحايا ومساعدتهم.
شاهدة عملت في السجن
وكشفت الندوة عن شاهدة مهمة ظهرت لأول مرة اختارت ان تروي تجربتها وقد كانت مسؤولة قسم النساء في السجن المركزي بصنعاء منذ 2002 حتى فبراير 2020، فوزية أحمد، أوضحت أنها من خريجات اول دفعه كلية الشرطة بصنعاء تم تعيينيها في عدة مناصب في وزارة الداخلية حتى وصلت لمسؤولة قسم النساء في السجن المركزي بصنعاء عام 2002.
وأشارت المتحدثة، إلى أنها استمرت في عملها حتى العام 2017، تفاقمت بعدها خلافاتها مع الحوثيين، موضحة أنه وبعد شهرين من ديسمبر 2017 ارتفع عدد السجينات إلى 265 سجينة واغلبهن وجهت لهن تهم المشاركة في "الحرب الناعمة"، كما أشارت إلى أن أكتوبر 2018 كان اكثر شهر تكدس السجن المركزي بصنعاء بالنساء المعتقلات.
عناوين ذات صلة: