صحف

يمنية أم إيمانية

د. أحمد ردمان يكتب: يمنية أم إيمانية


حينما يلبس القاتل ثوب راهب فإن البعض من البسطاء المتدينين يطلب منه الدعاء، وذاك ما يفتح شهية البعض ليجعل من الدين أداة لاشباع شهوته في السلطة والمال ويحاول أن يخادع المتدينين بأن طريق الجنة يمر من باب حانوته المليء بالخمور، وحينها تكون الشعائر التعبدية عبارة عن طقوس ومراسيم تنصيب لتولي هذا الدّعي أو ذاك للسلطة السياسية.
وكعادة السلالة يستمر خداعها للسذج بتدوير المصطلحات الدينية على ألسنة اللامتدينين منهم بغية التوظيف للعواطف اليمنية المشبوبة بحب الدين لتصب في مصلحة مقلب النفايات الإمامية المليء بفضلات الأفكار ونفايات المفاهيم.
إن استشعار الإماميين لخطورة استنهاض اليمنيين لذاتهم، واستحضارهم لهويتهم القومية في صراعهم مع مشروع الغزو الهادوي قد ألهم أساطينهم بتسويق فكرة مطلية بكساء ديني وذلك بحرف معنى الهوية عن أصلها واستعمالها كشهادة على تدين المواطن الذي لا يستطيع أن يجيب بالنفي حين سؤاله عن هويته "الإيمانية"
لقد وضعت السلالة مصطلحي الإيمان والوطن في مربع التناقض حيث أنها أسست لأرضية ثقافية لا تقبل إلا إحدى تلك الهويتين وبما يورث حرجا لدى السطحيين حين يختارون الهوية اليمنية على حساب "الهوية الإيمانية".
إن الهوية اليمنية تعبر عن ذات اليمنيين من قبل الإسلام بآلاف السنين، وحين جاء الإسلام تعامل اليمنيون معه على أنه دين هداية فتمسكوا به وحملوه إلى كل اصقاع الدنيا ، ولم يطلبوا من أحد أن يتخلى عن هويته القومية حال اعتناقه الإسلام كونه ليس بديلا للهوية القومية لأي شعب من الشعوب.
إن دغدغة عواطف البسطاء باستدعاء المصطلحات الدينية لَيحمل خُبثا سلاليا لم يترك لمقدّس قداسة تتع إلى على التوظيف الدني لصالح مشروعهم السلالي الدخيل.
إن الإيمان الذي تعنيه السلالة بمصطلح "الهوية الإيمانية" لا علاقة له بالايمان الذي استلهم اليمنيون معانيه من دينهم.. ولعل الإيمان بالولاية والمبادئ الإمامية لهو المعنى المراد بالهوية الإيمانية التي يروجون لها على حساب هوية اليمنيين.
والحق أن التوجه السلالي لقطع اليمنيين عن عراقة ماضيهم، ومحاولة إنسائهم حضارات أجدادهم، والتشكيك في إرثهم القومي باستدعاء المفاهيم الدينية كبديل.. لم يعد أمرا مقبولا لدى كل ذي لب من اليمنيين الذين يرون في استنهاض ذاتهم القومية خير وسيلة لهزيمة الدخلاء في معركة الكرامة التي يشكل الجيش الوطني رأس حربتها في كل الميادين.
- صحيفة ٢٦ سبتمبر

عناوين قد تهمك:

زر الذهاب إلى الأعلى