آراء

خير قادم إلى اليمن.. ولكن!

د. عبدالوهاب طواف يكتب: خير قادم إلى اليمن.. ولكن!


كنتُ قبلَ فترة في زيارة إلى المملكة العربية السعودية، حيث التقيت خلالها بالدكتور رشاد العليمي - رئيس مجلس القيادة الرئاسية - وعددٍ من أعضاء المجلس، وكذلك بشخصيات سعودية لها صلة بالملف اليمني.

تركز الحديث حول وضع اليمن ومعاناة شعبه العزيز جراء حروب الجماعة الحوثية ضده، وتمترسهم خلف مآسي الحروب وآثارها الكارثية التي أحدثوها. وتحدثنا عن الجهود المبذولة لإخراج البلاد من هذا الوضع المأساوي.

حاولت استخلاص خلاصة للاجتماعات بين الأشقاء السعوديين وممثلي الجماعة خلال الفترة الماضية، بناءً على أهمية هذا الأمر لكل يمني، ولكن لم تتوفر معلومات موثوقة تطمئن الناس وتوضح مصيرهم القادم.

خلاصة ما سُمِع:

- يدعم المجلس الرئاسي جهود الأشقاء لإحلال سلامٍ عادلٍ ودائم في اليمن. ويحرص على أن يكون هذا السلام مفيدًا لجميع اليمنيين، ولكن هناك حالة من عدم الثقة بالجماعة الطائفية، بسبب استمرارهم في فرض مشروعهم الفئوي لصالح بني هاشم دون اليمنيين، واستخدام الحروب والأزمات لتعزيز سيطرتهم على الشعب، واستمرارهم في تأجيج الصراعات وتعقيدها.

- سُمع أن الأشقاء السعوديين أعدوا ملفات مكتوبة ومرقمة ومجدولة في كل اللقاءات التي جرت في مسقط وصنعاء والرياض، تتعلق بخطط تنموية لرفع اليمن اقتصاديًا وتنمويًا وتعليميًا، وإعادته إلى طرقه الطبيعية لصالح المواطن اليمني.

- أكد الأشقاء لممثلي الجماعة الحوثية في كل لقاء على أن السلام والرفاهية والاستقرار سيتحققان بإنهاء الحرب في اليمن وإنقاذ أهله من الفقر والحرمان والتشرد، وتجنيب البلاد المشاريع السياسية والمذهبية الخارجية التي تهدف إلى زرع التطرف والتشدد والجهل والخرافة.

- عُرِض على جماعة عبدالملك شرحٌ مُفصل مكتوب ومصور حول الخير القادم لليمن من قِبَل الأشقاء، وأشاروا بأرقام إلى الفوائد التي ستحقق للشعب اليمني إذا تركت الجماعة مسلسل الحروب وتحولت إلى مسلسلات السلام، وتخلى عن سياسات الاحتكار للثروات دون مشاركة الشعب اليمني.

- يرى الأشقاء أن السلام سيتحقق بتخلي جميع الأطراف اليمنية عن السلاح والانخراط في مصالحة شاملة، والتوافق على دولة وحكومة ومنهج واحد لا يُستثنى أحد من اليمنيين، وسيحظى هذا بدعم ودعم من سلطنة عُمان.

- كان حديث الإخوة السعوديين مبنيًا على خطط جاهزة لتنمية اليمن، لأن هذا التوجه يصب في مصلحة المواطن اليمني، كما أن السلام والتنمية في اليمن يعززان خطط السعودية لرؤية 2030.

المملكة العربية السعودية اليوم تخاطب العالم بلغة المصالح المشتركة، وترى في بلادنا إحدى ركائز نهضتها، ولديها رغبة حقيقية في دعم اليمن إن وجدت شركاء سلام وتنمية بدلًا من وكلاء الحرب ورسل الخراب.

لكنني أرى من الناحية الأخرى أن الجماعة الهاشمية في بلادنا لا تريد سوى ضمان استمرارية وجودها الطائفي في السلطة في اليمن، وتفكيك الدولة، ومذهبة المجتمع، ومحاولة إزاحة الهوية اليمنية لصالح هويتها الهاشمية والفارسية.

خلاصة الخلاصة:

تتعارض تنازلات المجلس الرئاسي وجهود المملكة وعُمان لإحلال السلام وتنمية اليمن مع مشروع الجماعة الهاشمية لعبدالملك، الذي يُعِد لليمن خططًا تحوله إلى منطقة صراع واضطراب، ويهدف لتقويض الدولة والتلاعب بالهوية اليمنية.

تسعى الجماعة لتحويل اليمن إلى إصدار منخفض مشابه لجمهورية إيران الإسلامية، حيث يركز كل شيء حول "السيد القائد"، مع تفويض رئاسة الجمهورية بشكل شكلي من قبل "سيدهم" دون مشاركة الشعب.

اليمن ضحية للتدخل الهاشمي منذ دخول جدهم يحيى الرسي منطقة صعدة عام 283هـ، ومعه جيش من المرتزقة من بلاد فارس، تحولوا لاحقًا إلى ألقاب تنتمي إلى عائلات عربية، ومشروعهم عبارة عن وحش يُسيطر بالفقر والجوع والقمع والخرافات.

نحن اليوم أمام خيارين، إما دولة طائفية تستعبد اليمنيين لصالح سلالة واحدة، أو دولة يمنية واحدة بقيادات وطنية تخدم الجميع وتحميهم.

زر الذهاب إلى الأعلى