تغريبة الأقيال (شعر)
قصيدة الشاعر زين العابدين الضبيبي بعنوان: تغريبة الأقيال (شعر)
عَذُبتْ عذاباتي وطابَ ضلالي
وأنا أُعتقُ فجرها بخيالي
تلكَ التي ابتكرتْ حدائقَ روعتي
وعلى يديها سالَ نهرُ سؤالي
من غرَّبتني وهي تسكنُ أضلعي
وتشبثت بي.. وهي تعرفُ حالي
من غيرها، خلقتْ صبايا دهشتي
ونبوغ خضرتها معينُ جمالي؟
وهي التي، صارتْ ضفافَ قصائدي
وربيعَ أشواقي وعرشَ ظلالي
وهي التي مذ غبتُ أرسمُ طيفها
بدمي.. وأنحتها على أوصالي
وهي التي لو صرتُ بعضَ ترابها
لتألَّهتْ مزقي على صلصالي
ضحكاتُ نسوتِها مرايا لهفتي
وجبالها أهلي، وسقفُ مُحالي
من في شوارعها تركتُ خواطري
ترعى، وتُؤنسُ وحشةَ الأطلالِ
هي من تُدثرُ بالحنينِ عيالها
وتصونهم من أعينِ الدجالِ
هي من صفاءُ الغيمِ رجعُ غنائها
ونقوشُ مسندها صدى موالي
أشتاقها والعمرُ يذرفُ غربةً
وأدسُّ فيها أمنياتِ عيالي
من شردتني وهي تعرفُ أنني
طرَّزتُ من تاريخها أسمالي
ونقشتها بالضوءِ في سفرِ الهوى
وحصدتُ منها خيبةَ الآمالِ
"إكليلةٌ" ما خنتُ صبحَ صلاتها
يوماً، وإن غرقتْ بليلِ "الآلِ"
لكنني اخترتُ الغيابَ لغايةٍ
فيها أصونُ جلالها وجلالي
من بعدِ أن عفتُ الرضوخَ لكاهنٍ
وأبيتُ كأسَ الخوفِ والإذلالِ
ورفضتُ أن أُدني سماءَ كرامتي
لدعي أصلٍ، أو لرجسِ ملالي
غادرتها حتى تعودَ لأهلها
وطناً، ومن بذلوا العزيز الغالي...
ولكي نعدَّ لها نهارَ خلاصها
ونزيحَ ليلَ عذابها المتعالي
غادرتها وتركتُ فيها مهجتي،
وجوارحي، لتكونَ في استقبالي
وغداً أعودُ كما يعودُ لغمدهِ
سيفٌ على الهيجا طويلُ البالِ
وغداً ستطوي الريحُ خيمةَ غُربتي
وأحطُّ في حضنِ البلادِ رحالي
وغداً ستحكي للينابيعِ القُرى
عني، وأُنقشُّ في رؤى الأجيالِ
فأنا خلاصةُ قصةٍ عن فتيةٍ
عنوانها "تغريبةُ الأقيالِ".