مشاورات الكويت تراوح مكانها بعد 7 أسابيع على انطلاقها
لا زالت مشاورات السلام اليمنية المنعقدة في الكويت، تراوح مكانها، بعد مضي (49 يوما) على انطلاقها، فطرفا الصراع لم ينقاشا إلا "التفاصيل الأولية" في لائحة جدول الأعمال، دون حسم أي من الملفات الشائكة.
ومنذ أواخر مايو/ أيار الماضي، لجأ المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، إلى عقد "مشاورات غير مباشرة" بين طرفي الصراع اليمني، من أجل ردم الهوّة المتسعة، وتقريب وجهات النظر، لكنها لم تحرز هي الأخرى التقدم المرجو منها.
وبحسب تصريحات مصادر تفاوضية من الجانبين، فإن المشاورات أخفقت في ترجمة أي تفاهمات نهائية حتى الآن، وما زالت تبحث في النقاط الأولية.
وأعلن ولد الشيخ، في تصريح صحفي له، أمس الخميس، أن التقدم في مشاورات الكويت مرهون ب" التنازلات المقدمة من الأطراف، باعتبارهم القادرون على تغيير الوضع في اليمن".
من جانبها، قالت مصادر مقربة من أروقة المشاورات، إن "وفد الحكومة اليمنية مازال متمسكا بضرورة إنهاء الانقلاب، وانسحاب المليشيات المسلحة (قوات جماعة "أنصار الله"، والرئيس السابق علي عبد الله صالح) من المناطق التي تسيطر عليها، واستعادة مؤسسات الدولة، كمرحلة أولى، يعقبها الانتقال للملف السياسي الذي يناقش تشكيل حكومة توافقية".
وذكرت المصادر، أن الوفد المشترك لـ"الحوثيين" و"حزب صالح"، قدّم تنازلات فيما يخص استمرار الرئيس عبدربه منصور هادي، على رأس السلطة، وأبدى "نوعا من المرونة" فيما يتعلق بعودة الحكومة الحالية إلى العاصمة صنعاء، لفترة محدودة، لكنه يرفض تسليم السلاح والانسحاب من المدن بشكل كامل قبل تشكيل حكومة توافقية.
واقتصرت مشاورات الأيام الماضية، على" نقل رؤى وتصورات" طرفي الصراع للمرحلة المقبلة في الملفات الأمنية والسياسية، رغم تشعب بعض الجلسات لمناقشة قضايا طارئة خارجة عن الأجندة، مثل قصف "الحوثيين" لأحياء سكنية في مدينة تعز (وسط)، وبحث الأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد منذ اندلاع الصراع فيها، قبل أكثر من عام.
وفي السياق، قال مصدر حكومي، إن جلسات اليومين الماضيين، ناقشت الملف الأمني بشكل رئيسي، وتم التوسع لمناقشة الجانب السياسي للمرحلة المقبلة، مثل مناقشة شكل الدولة الاتحادية، والإبقاء على البرلمان الحالي الممتد منذ العام 2003، دون انتخابات.
وذكر المصدر، (الذي فضل عدم الكشف عن هويته)، أن الوفد الحكومي يتمسك بإنهاء "الانقلاب"، والتمهيد لعودة الحكومة الحالية إلى العاصمة صنعاء، كمرحلة أولى، وإلغاء كل القرارات التي صدرت عن "الحوثيين" في جميع مؤسسات الدولة، بما فيها "الإعلان الدستوري" الذي تم بموجبه حل البرلمان، في فبراير/ شباط 2015.
وفي المقابل، قال مصدر مقرب من "الحوثيين"، إن "مشاورات الثلاثاء والأربعاء الماضيين، التي بدأت عقب عودة رئيس وفدهم التفاوضي، محمد عبد السلام، من زيارة للعاصمة السعودية الرياض، ناقشت خارطة طريق للمرحلة المقبلة فقط".
وأوضح المصدر، (الذي فضل عدم الكشف عنه اسمه) في تصريح لـ"الأناضول"، أن وفد "الحوثيين وحزب صالح"، يتمسك "بتشكيل حكومة توافقية تشارك فيها جميع القوى السياسية اليمنية، والانتقال بعد ذلك لمناقشة الملف الأمني".
ووفقا للمصدر، فإن هناك توافق في رؤى الطرفيين بالنسبة لتشكيل اللجنة الأمنية والعسكرية، التي ستتولى الإشراف على الانسحاب وتسليم السلاح، واستمرار الحكومة الحالية لفترة لا تتجاوز شهرين، لكن الملف السياسي بأكمله مازال يسوده بعض التعقيدات.
إلى ذلك، أفادت مصادر سياسية، أن وفد "الحوثي- صالح" رهن استمرار الرئيس هادي، في هرم السلطة لفترة انتقالية قصيرة، بعدم إصداره لأية قرارات، وأن تكون الصلاحيات بيد الحكومة التوافقية فقط.
وعلى الصعيد الإنساني، فقد تسبب الانسداد الحاصل حول هوية الأسرى الذين سيتم تبادلهم بين الطرفين، في تعثر المشاورات بشكل تام داخل لجنة "المعتقلين والأسرى"، حيث يصر "الحوثيون" على تبادل" أسرى حرب" فقط، فيما يشترط وفد الحكومة إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي والصحفيين، إضافة لوزير الدفاع، اللواء محمود الصبيحي.
وخلال اليومين الماضيين، بدا وفد "الحوثيون وحزب صالح"، أكثر إلحاحا على "تبادل الأسرى" فزعيم الجماعة، عبدالملك الحوثي، شدد، في كلمة له قبل يومين، على ضرورة التقدم بالملف الإنساني، معلنا امتلاك جماعته أسرى من "الشخصيات المهمة".
كما دعا وفد "الحوثيين" التفاوضي، أمس الأربعاء، المبعوث الأممي، للضغط على الوفد الحكومي، لتنفيذ" خطوات عملية" في هذا الملف، وفق تصريحات مصادر تفاوضية.
وتبادل طرفا الصراع سابقا، قوائم بآلاف الأسرى، حيث قدّم الوفد الحكومي أسماء لنحو 3 الآف معتقل ومخفي قسريا وأسير حرب، فيما قدّم وفد "الحوثين وحزب صالح"، قائمة بنحو 3700 أسير، يدّعى كل طرف أنهم لدى الأخر.
وكان المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، قد قال في تصريح صحف، إنه عقد جلستي مشاورات بشكل منفصل، الأربعاء، مع وفدي "الحوثيين وحزب صالح"، و"الحكومة".
وفقا للبيان، فقد بحثت المشاورات "مسائل استعادة الدولة، وانسحاب المسلحين، وتسليم السلاح، وآلية تقريب وجهات النظر بين الوفدين".
وشدد المبعوث الأممي، على أهمية الالتفات للوضع الاقتصادي الصعب في اليمن، وآثاره على الحياة اليومية للمدنيين، محذرا من "أن الفشل في تدارك الوضع الاقتصادي سيؤدي إلى نتائج وخيمة".
ومنذ مارس/ آذار 2015 يخوض "الجيش "، ومقاتلي "المقاومة الشعبية" المواليين للرئيس عبدربه منصور هادي، بدعم من قوات "التحالف العربي" بقيادة السعودية، معارك مع مسلحي جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح، التي تسيطر على العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى في البلاد.